يجب اعتماد المدن الجديدة للحد من الاختلالات في الكثافة السكانية
أكد مختصون في ندوة وطنية حول المدن الجديدة في إطار السياسة الوطنية لتهيئة الإقليم واقع وآفاق نظمت بالبليدة بأن المدن الجديدة تعد بديلا وطنيا للحد من الاختلالات الموجودة في الكثافة السكانية من الشمال إلى الجنوب، كما تعد قطبا لتنظيم التوسع العمراني وتوجيهه، ودعا هؤلاء إلى ضرورة اعتماد المدن الجديدة كخيار استراتيجي لتخفيف الضغط عن المدن الكبرى والساحل، وإعادة الانتشار نحو الهضاب العليا والمناطق الصحراوية، كما أن المدن الجديدة تكفل حسبهم تحكما جماعيا أفضل في النمو العمراني وإعادة التوازن للبنية العمرانية الحالية.
وشدد أكاديميون مختصون في القانون العقاري في توصيات الندوة الوطنية على ضرورة وجود إرادة سياسية حقيقية لجعل المدن فعالة وتجسيد مبدأ التنمية المستدامة بأبعادها الاجتماعية الاقتصادية الثقافية والبيئية، إلى جانب تفعيل عقد تطوير المدينة في إطار الشراكة مع مختلف الفاعلين بما فيها المواطن،كما طالبوا بتفعيل دور المرصد الوطني للمدن، واستخدام التكنولوجيا والإعلام من أجل تشييد مدن ذكية، دون إغفال الاهتمام بتهيئة وتطوير المدن القديمة لتشجيع تجسيد سياسة الدولة في تحقيق إستراتيجيتها المتعلقة بشبكة المدن الجديدة.
وأكد المشاركون في الندوة بأن عدم اعتماد إستراتجية المدن الجديدة سيفتح المجال لانتشار تجمعات سكنية عديدة تنبت بصورة عفوية وتغزو الأراضي الفلاحية، وأشاروا إلى أن المدن الجزائرية تعاني من عدة اختلالات في مختلف المجالات العمرانية، الاجتماعية، الاقتصادية وغيرها، بحيث أن عدم التوزيع العادل للموارد والثروات وفرص الاستثمار في المدن الجزائرية أدى إلى اختلال في الكثافة السكانية من الشمال إلى الجنوب، وساهم في هجرة السكان نحو المناطق الشمالية والساحلية خاصة، و أكدوا بأن الفوضى التي شهدتها المدن الجزائرية أدت إلى انتشار العمران الفوضوي نتيجة عدم التحكم في تسيير العقار.
وفي هذا السياق تقول الأستاذة راضية بن مبارك من كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة البليدة02بأن الجزائر تعرف مشكلا حقيقيا فيما يتعلق بتوازن الإقليم، تسبب في تطور مناطق الشمال على حساب المناطق الأخرى من الوطن مما أدى إلى عدم توازن في توزيع السكان.
وقالت بأن هذا الأمر وقفت عليه السلطات منذ السنوات الأولى للاسترجاع السيادة، وحاولت بكل الوسائل القانونية والمادية تداركه بداية من قانون 87-03 المتعلق بالتهيئة العمرانية، والذي يعتبر أول تشريع لتهيئة الإقليم في الجزائر، وصولا إلى صدور المخطط الوطني لتهيئة الإقليم سنة 2010.
ومن الوسائل التي اعتمدتها الجزائر حسبها لحل مشكلة عدم التوازن الإقليمي والاكتظاظ الذي تعرفه مدن الشمال هي إنشاء مدن جديدة، وتقول بأن هذا الخيار لجأت إليه الدول المتقدمة في البداية لحل مشكلة الاكتظاظ الذي عرفته مدنها من جراء الثورة الصناعية. لكن تطور مفهوم المدن الجديدة في تلك الدول إلى مدن مستدامة، يمثل الحفاظ على البيئة فيها شرطا أساسيا لإنشائها وتهيئتها.
وفي السياق ذاته تقول الأستاذة بن ناصر وهيبة من كلية الحقوق والعلوم السياسية بنفس الجامعة بأن الجزائر اعتمدت على أداتين أساسيتين في إنشاء المدن الجديدة، وهما هيئة ومخطط تهيئة المدينة الجديدة، وفقا للقانون رقم 02-08 المتضمن شروط إنشاء المدن الجديدة و تهيئتها، والذي يحدد كل من مهام هيئة المدينة الجديدة ووضع المخطط الخاص بتهيئتها عن طريق التنظيم، دون المساس بالشروط الأساسية لإنشائها و التي من أهمها أنه لا يمكن أن تنشأ هذه المدن الجديدة إلا في الهضاب و الجنوب، و هذا الموضوع يطرح عدة إشكالات حسبها أهمها مدى احترام هذا الشرط الأخير في إنشاء المدن الجديدة، كما أوضحت بأن القانون السالف الذكر بيّن أن إنشاء المنشآت الأساسية و التجهيزات الضرورية لفائدة الدولة باعتبارها صاحبة المشروع المفوض، وهو الأمر الذي يطرح إشكالا آخر حول من الذي يقوم بتسيير هذه المدينة بعد الانتهاء من الأشغال، ودعت نفس المتحدثة بهذا الخصوص إلى ضرورة التحكم أكثر في تنظيم المدن الجديدة بموجب نصوص واجبة التطبيق مع مراقبة سابقة و لاحقة لذلك.
نورالدين-ع