الابقــاء على قاعدة 49/51 والغاء الموافقـــة القبليـــة لاطــــلاق المشــــاريع الكبـــرى
يعرض وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب هذا الأسبوع، أمام الحكومة، مشروع قانون الاستثمار الجديد، الذي تضمن تدابير جديدة تسمح بخلق توازن بين السياسة الاقتصادية والنشاط الاستثماري، بهدف رفع العراقيل التي تعيق المستثمرين، وتؤكد الحكومة من خلال المشروع عدم نيتها المساس بالمزايا الممنوحة للمستثمرين الخواص، بالمقابل قررت الحكومة الإبقاء على قاعدة الأفضلية للطرف الوطني في مشاريع الشراكة مع الأجانب عبر الإبقاء على قاعدة 49/51 التي ستوسع لتشمل الشركات التجارية والمستوردين
النص الذي وضعته الحكومة والذي تسعى من خلاله الرد على انتقادات المستثمرين والهيئات الأجنبية التي غالبا ما تلوم الجزائر على عدم توفير مناخ ملائم للأعمال، يتمحور حول أربعة قواعد أساسية تتمثل في تبسيط الإجراءات، بهدف تحسين مناخ الأعمال، و تحقيق المواءمة بين نظام التحفيزات والسياسة الاقتصادية، وضبط الإطار التنظيمي وضبط الاستثمارات الأجنبية المباشرة ومراجعة دور ومهام الوكالة الوطنية لضبط الاستثمارات، وكذا تعديل سياسة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ويؤكد المشروع ضرورة ايلاء أهمية اكبر للمصالح الوطنية، وأوصى بوضع ميكانيزمات واليات ضبط لتشجيع التدفقات التي تساعد على تجسيد الأهداف الاقتصادية الوطنية، وذلك من خلال معالجة نوعية لملف الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويشير المشروع، بان الترتيبات ليست موجهة ضد المستثمرين الأجانب، ولا ضد الاستثمار الخاص
ومن أهم النقاط التي تضمنها مشروع القانون، إلغاء شرط الموافقة المسبقة للمجلس الوطني للاستثمار على المشاريع، ويشير المشروع، أن المجلس هيئة سياسية تحت رئاسة الوزير الأول، ويتولى المجلس البث في كل المشاريع الاستثمارية التي تتجاوز قيمتها 1,5 مليار دينار، بما في ذلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو ما يوحي بوجود جوانب سياسية أو في بعض الأحيان بيروقراطية قد تعيق الاستثمارات، ما دفع الحكومة إلى إلغاء الموافقة المسبقة للمجلس على المشاريع، وهو القيد الذي اشتكى منه الكثير من المستثمرين على غرار يسعد ربراب صاحب مجمع «سيفيتال» الذي أشار إلى وجود عديد الملفات الاستثمارية التابعة لمجموعته لم تحز على الموافقة وظلت معلقة.
وبذلك سيسمح التعديل المقترح على دور المجلس، بتحرير الاستثمارات وإزالة العراقيل التي حالت دون تجسيد الكثير منها، كما يسمح التعديل لكبار رجال الأعمال، إطلاق مشاريع استثمارية كبرى دون انتظار موافقة الهيئة.
وتضمن قانون الاستثمار الجديد، إنشاء لجنة وطنية، توكل لها مهمة منح اعتمادات الاستثمار للمستثمرين بدل الهيئات السابقة التي كانت تأخذ وقتا طويلا في معالجة الملفات. كما تضمّن القانون أيضا تقديم امتيازات وتسهيلات للمستثمرين الأجانب لإدخال رؤوس أموالهم إلى الجزائر مع المراقبة الواسعة والشاملة لحركية رؤوس الأموال، بالإضافة إلى تعزيز آليات خاصة لدى الدولة لمراقبة الاستثمارات الأجنبية وتسهيل وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
من جانب آخر، اختارت الحكومة الإبقاء على قاعدة 51/49 التي يمنح بموجبها أغلبية الأسهم للطرف الجزائري في أي مشروع شراكة، ضمن مشروع القانون الجديد، حيث تمّ الابقاء على هذه القاعدة دون المساس بها، باعتبارها تمثّل السيادة الوطنية. بل أكثر من ذلك عمدت الحكومة إلى توسيع مجال تنفيذ القاعدة لتشمل الأنشطة التجارية، وخاصة تجارة الجملة والشركات الأجنبية العاملة في حقل الاستيراد، وهو ما سيسمح بخفض حجم الأموال المحولة إلى الخارج من قبل هذه الشركات تحت غطاء تمويل الواردات.
وبذلك سيتوسع مجال تطبيق القاعدة ليشمل تجارة الجملة والتجزئة والاستيراد ، مع إدماج كل الأنشطة التي تستوجب التسجيل في السجل التجاري دون استثناء، للحيلولة دون إفلات الشركات التي قد تحاول التحايل على القانون أو تغيير أنشطتها
قرار توسيع مجال تنفيذ القاعدة التي تضبط المشاريع الأجنبية في الجزائر، جاء بناء على المعطيات التي قدمتها الوكالة الوطنية لترقية الاستثمارات «اندي»، حيث تظهر الأرقام بان العديد من المشاريع الاستثمارية مرتبطة أساسا بقطاع التجارة والاستيراد بشكل خاص، وحسب أرقام الوكالة تم خلال الفترة الممتدة من 2008 إلى 2012 إنشاء 748 مؤسسة أجنبية تنشط في المجال التجاري أي استيراد وبيع المواد على حالها دون إخضاعها لأي عملية تحويل، مقابل 320 شركة أجنبية تنشط في مجال الإنتاج والخدمات.
كما نص القانون الجديد على سلسلة من التدابير التي ستساهم في تشجيع الإنتاج الوطني، عن طريق تحفيزات جمركية للاقتصاد المنتج وتشجيع المستثمرين من خلال الإعفاءات الجمركية والرسوم وتمديد فترات تسديد القروض ومنح قروض دون فوائد والحث على الاستثمار في ولايات الجنوب، إذ يعدّ هذا الامتياز فرصة لتحسين قدرة الإنتاج الوطني والتشجيع بشكل غير مباشر على تنويع الإنتاج الوطني، ويتمّ هذا من خلال نقل خبرة المستثمرين الأجانب وكذا مساهمتهم في تكامل إنتاج السلع في الجزائر.
وتطرق المشروع إلى حق الشفعة، وهو أداة في يد الدولة، يسمح لها معارضة أي صفقة كيان عن طريق شراء الأولوية. وهو يساعد على «منع دخول مستثمرين غير مرغوب فيهم في الاقتصاد الوطني»، ويشير المشروع أن الإجراء سيطبق فقط على الشركات التي استفادت من المزايا التي تمنحها الدولة للمستثمرين عبر الوكالة الوطنية لترقية الاستثمارات، وهو ما يعني توسيع مجال تنفيذ القرار إلى الشركات الوطنية لإلغاء الطابع التمييزي للإجراء حتى لا يكون موجها ضد الشركاء الأجانب فقط.
من جانب آخر، قامت الحكومة بإعادة النظر في الإجراء الذي يمنع الشركات الحصول على تمويلات خارج الوطن، ويحيل المشروع، هذا الإجراء على بنك الجزائر الذي سيكون مستقبلا الجهة المخولة للفصل في قضايا التمويل، بذلك قامت الحكومة بتحويل قرار من الجانب الاستثماري إلى المالي، من خلال نقل المنع إلى السلطة المالية التي يمارسها بنك الجزائر.
بالمقابل ألغت الحكومة الشرط المفروض على الشركات والمتعلق بأرصدتها بالعملة الصعبة، حيث كان يشترط على الشركات حيازة رصيد ايجابي بالعملة الصعبة، ويهدف الإجراء إلى الإبقاء على حركة دخول العملة الصعبة إلى الجزائر، في سياق ترتيبات من شانها تحفيز المنتجين الوطنيين وخلق صناعة بديلة للواردات، كما ألغت الحكومة الترخيص المسبق لبيع الأسهم في البورصة بالنسبة للشركات التي لم يسبق لها الاستفادة من مزايا اقتصادية.
كما تطرّق القانون إلى تعزيز دور الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، من خلال منحها كل الصلاحيات على حساب المجلس الوطني للاستثمار، وهذا بغرض تقديم وتسهيل حوافز أكثر للمستثمرين الأجانب، من خلال تقديم الإرشاد ومرافقة المستثمرين على مستوى الهياكل المركزية والجهوية، بالإضافة إلى المساهمة في تنفيذ السياسات والاستراتيجيات بالاشتراك مع القطاعات الاقتصادية المعنية.
كما أحالت وزارة الصناعة ملف منح العقار الصناعي على لجنة وزارية مشتركة، مكونة من ممثلين عن وزارات الصناعة والمناجم والمالية والتجارة، بدلا عن وكالة «الكالبيراف» أو اللجنة الولائية لتوزيع وضبط العقار، وهو القرار الذي تضمنته النسخة الجديدة لقانون الاستثمار المتواجد حاليا على مستوى الأمانة العامة للحكومة، حيث سيشرف على هذا الملف الذي كان في يد الولاة لجنة وزارية وممثلون عن «أونساج».
أنيس نواري