استضاف المنتدى الثقافي الجزائري في ندوته على منصَّة زووم، الكاتب و الروائي أمين الزاوي، في حديث عن تجربته الروائية باللغتين العربية والفرنسية وعن راهن الرواية الجزائرية، و قد أدار دفة طرح الأسئلة على ضيف المنتدى، الروائي والناقد محمّد ساري، فنوّه في البداية بجهود أمين الزاوي، وحضوره اللافت في الساحة الأدبية.
وكان أول الأسئلة عن بدايات أمين في الكتابة، فردّ صاحب «السماء الثامنة» أنّ بداياته و تجربته مع الكتابة بدأت مبكرا في مرحلة المتوسط، ثمّ في الثانوي، وفي مدينة تلمسان تحديداً، متأثرا في تلك المرحلة، بالجو الثقافي الّذي كان سائدا في الجزائر آنذاك، حيث كان ينشر نصوصه الأولى و كتاباته في مجلة «آمال».
وفي هذا السياق قال: «أذكر أوّل حادثة وقعت لي، وهي حين كتبتُ رسالة لمالك حداد ولمجلة آمال، والتي كانت عبارة عن مجموعة من الخواطر، فرد عليّ مالك حداد مُشجعًا، على الرغم من أنّها لم تكن ترقى إلى أن تُسمى حتّى خواطر- كتبها طفل ولاقت تشجيعًا- و كان لهذا الموقف صدى في ذلك الطفل الّذي كان في المتوسط، فزاده حبًا له وللكتابة».
هذا الرد من مالك حداد، جعل الزاوي -حسب قوله- يدرك ويتأكد أنّ الكاتب بوجهٍ و بشكلٍ عام يجب أن يكون متواضعًا.
الروائي وفي معرض حديثه عن رواياته، أكد أنّ كلّ رواية في أساسها هي حكاية، لكن الحكاية ليست رواية، بالضرورة. و عن سؤال محمّد ساري حول أعماله باللّغة الفرنسية التي تحظى بالاِستقبال الجيّد والحسن، في حين تلقى أعماله المكتوبة بالعربية موجة نقد واستهجان، رد الزاوي «لابدّ لنا من أن نفرق بين اللّغة كلغة، وبين القارئ باللّغة، وأنّ اللّغة العربية لغة كبيرة جداً ورائعة، ولا يجب أن نقرن العربية كلغة بالعرب كقوم».
وذهب إلى القول أنّ المُشكل الحقيقي لدى الفرد العربي هو اِنفصاله عن التراث المُتفتح، و اهتمامه بالتراث المُتعصب، و مرد هذا التعصب هو تسييس القراءة، وتسييس الثقافة، وتسييس الدين.
و تحدث أمين الزاوي عن أكثر إشكالاته في الكتابة، أو بمعنى آخر أكثر تيماته حضوراً في كتاباته ورواياته، وهي «الجنس والدين والسياسة»، مؤكداً أنّ اختياره لهذه الثلاثية، مرده بأنّ المجتمعات العربية تخشى الحديث عنها، ولكن تمارسها في الخفاء، خاصةً ما تعلق بالجنس والمرأة.
عن اِزدواجية لغة الكتابة عنده، أكد المتحدث، أنّ ما يكتبه باللّغة الفرنسية هو تقريبًا نفسه ما يكتبه باللّغة العربية، أو هو يشبهها كثيراً، وبأنّه لا يخون مشروعه مهما كانت اللّغة، فمشروعه باللّغة العربية هو نفسه بالفرنسية، حتّى وإن اِختلف القُراء.و ركز في حديثه على أهمية وضرورة العناية بالمكتبات، لأنّها – كما قال- روح المجتمع، مضيفًا «وكيف لا وهي التي تُساهم في تنوير العقول بِمَا تحمله من كُتب وأفكار مختلفة»، و هنا ذكر أنّ أوّل كِتاب قرأه في حياته، كان كِتاب la chèvre de Monsieur Seguin . بعدها قرأ رواية «الأمير الصغير»، ثم دخل عوالم روايات وقصص المنفلوطي، و أدب جبران خليل جبران الّذي يعتبره من أهم الملهمين له.
الدكتور ساري، سأل الزاوي عن فترة السبعينيات وعلاقة الكتابة وقتها بالإيديولوجية اليسارية، فكان رد صاحب «عودة الأنتلجنسيا» أنّ عملية القراءة لطالما كانت تُواكب الوعي السياسي و الثقافي في الجزائر، وهذا ما يُفسر القراءة الملتزمة التي كانت في السبعينيات، مضيفًا أنّه يشبه الليبراليين، وأنّه كان يؤمن بالعدالة الاِجتماعية، ويرى بأنّ طبقة العمال هي الطبقة الأساسية في المجتمع، في حين اعتبر الرأسمالية، همجية، وخاصة في السنوات الأخيرة.
الزاوي وفي ذات المعطى، اِعترف بأنّ عدم اِنتمائه لأي حزب سياسي في السبعينيات، جعله يتمتع بحرية أكثر في الكتابة، لهذا لم يجد حرجًا في الكتابة عن الجنس وعن الجسد، و أنّه بشكلٍ عام لا يخشى التطرق إلى مثل هذه المواضيع، مؤكداً أنّه منذ أن بدأ الكتابة كانت تراوده فكرة الكتابة عن الحميميات، أو ما يُعرف بالحرمات، التي اعتبرها جزءاً من المجتمع.
نوّارة/ل