الرياضة المدرسية ببلادنا تمارس خارج المعايير
فقدت التربية الرياضية و البدنية مكانتها في المؤسسات التعليمية، و أصبحت في نظر التلاميذ مادة اختيارية يتهربون منها، سواء بالإعفاءات المبررة أو الحضور الشكلي، فيما تخلى بعض الأساتذة عن دورهم الأساسي في تسيير القسم و ترك الحرية الكاملة للتلميذ في القيام بما يحلو له أثناء الحصة، كما لم تبق المنافسات الرياضية تحظى باهتمام الفاعلين بالقطاع الرياضي، بعد أن كانت في وقت سابق، مرجعا للمسؤولين لانتقاء أمهر الرياضيين، و هو ما أرجعه أساتذة مختصون و مفتشون تربويون و كذا مدربون ، لأسباب كثيرة في مقدمتها عدم إدراك قيمة المادة و نقص التكوين البيداغوجي للطلبة المتخرجين، داعين لتلقيح البرامج التعليمية و ملاءمتها مع الواقع الميداني و كذا تغيير ذهنيات مختلف الفاعلين في القطاع ، مع التشديد على زيادة الحجم الساعي.
ملــف / أسمــاء بوقــرن
التربية البدنية و الرياضية تعتبر مادة كباقي المواد التعليمية و لا تقل عنها أهمية، نظرا لدورها الذي تجهله الأغلبية، و من بينهم فاعلين في القطاع، إذ تساهم، حسب مختصين نفسانيين، في تنمية قدرات كامنة لدى التلميذ و تحسن قدراته الفيزيولوجية و تساعده على اكتساب لياقة بدنية و تقضي على الكسل.
كما أن النشاط البدني مرتبط بالوقاية من عديد الأمراض، حسب الأطباء الذين يؤكدون على ضرورة قيام الفرد بأي نشاط بدني و رياضي، لتجنب الإصابة بأمراض مزمنة كالسكري و غيره ، كما تساعد على اكتشاف شخصية التلميذ الحقيقية، لأن تصرفه يكون عفويا و هو يمارسها ، و هذا لتميز غالبية أساتذة التربية البدنية ، بالليونة في المعاملة، حسب ما يقوله مختصون نفسانيون، اذ تعتبر هذه المادة من دعائم الصحة النفسية، و تمكن من تجاوز التلميذ الصراعات النفسية و الانحراف و تنمي الثقة بالنفس و مفهوم الذات و تساعد على إشباع حاجات نفسية مختلفة ، غير أنه و بالرغم من كل الفوائد السابق ذكرها، إلا أن الغالبية ينظرون إليها على أنها مادة إضافية، و يبحثون عن مبررات في الغالب كاذبة، لعدم تعلمها و ممارستها .
أستاذ التربية البدنية و الرياضية مشعلي شابي
هناك نقص في التجهيزات و الفضاءات
أستاذ التربية البدنية و الرياضية ، بمتوسطة منتوري أحمد الشريف بباب القنطرة، وسط مدينة قسنطينة، يرى بأن تراجع الاهتمام بالرياضة المدرسية يعود لعدة أسباب، من بينها نقص العتاد الرياضي في المؤسسات التعليمية ، نظرا لضعف الميزانية المخصصة للمادة و التي لا تتجاوز مليونين سنتيم، و كذا انعدام مرافق أو فضاءات خاصة بالرياضة، ما يجعل أساتذة المادة يلجأون لاستغلال الفناء ، بالرغم من عدم توفره على الشروط اللازمة، و هو ما خلق هاجسا لدى الأساتذة ، خوفا من تعرض التلاميذ لإصابات، فسلامة التلميذ قبل كل شيء.
بخصوص المنهاج التعليمي الذي يتبعه أستاذ التربية البدنية في مرحلة التعليم المتوسط، قال بأنه و كباقي المواد الدراسية يوجد برنامج و منهجية تعليمية، حيث يحضر بطاقة تقنية و له كراس يومي، بالإضافة إلى مذكرة، مضيفا بأن معدل تدريس المادة هو ساعتين في الأسبوع لكل قسم، حيث يلقنهم أنشطة فردية و كذا جماعية، كالسرعة و كرة اليد و كرة السلة، إذ يخصص الساعة الأولى للأنشطة الفردية ، و الثانية للأنشطة الجماعية، مضيفا بأن الفصل الثاني يخصص لدفع الجلة و كرة السلة ، و الثالث لكرة اليد ، لكونها لا تتطلب جهدا كبيرا و تتناسب و حرارة فصل الصيف، بالإضافة إلى القفز الطويل .
الأستاذ أوضح بأن الأغلبية يجهلون دور مادة التربية البدنية و يعتبرونها مجرد تمارين على بعض أنواع الرياضات فقط ، غير أن وظائفها كثيرة، فبإمكانها أن تخلص التلميذ من ضغوط باقي المواد ، كما تساعد على إدماج المتمدرس اجتماعيا و تنشئته، و تخلصه من الشحنات السالبة من خلال الجري و الصراخ، مضيفا بأن أستاذ التربية البدنية هو الأكثر احتكاكا بتلاميذه، و يجيد كيفية التقرب منهم و الاطلاع على ظروفهم المدرسية و العائلية، كما أن التلميذ يشعر بنوع من التحرر و يكون أكثر عفوية في تصرفاته.
و بخصوص المنافسات الرياضية التي تقام بين المؤسسات التعليمية، أوضح ذات المتحدث، بأنه في كل سنة يتم تنظيم منافسات بين الإكماليات، و يتم انتقاء التلاميذ، وفقا لميولاتهم و مؤهلاتهم، موضحا في هذا السياق، بأن تدريب المتنافسين يتوجب إخلاء المؤسسة، لأن فناء المؤسسة ضيق، و بالرغم من ذلك فإنه يعمل جاهدا لتعليم التلاميذ، و تمكن فريق المؤسسة في كرة الطائرة من بلوغ مرحلة النهائي .
عن سبب رفض الإناث ممارسة الأنشطة الرياضية أثناء الحصة، قال بأن هذا الإشكال عموما لا يطرح في الطور المتوسط، و غالبا ما يواجهه الأساتذة الذين لا يولون اهتماما لمادتهم، و على العموم فإن تلاميذ السنة الرابعة، هم الأكثر انضباطا في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبح معدل الفصول الثلاث للمادة، يحسب في امتحان شهادة التعليم المتوسط.
أستاذ التربية البدنية في التعليم الثانوي رجم يحيى
أساتذة يعتبرون الرياضة مضيعة للوقت
رجم يحيى، أستاذ التربية البدنية و الرياضية بثانوية أحمد رضا حوحو، قال للنصر، أن التقليل من أهمية المادة من قبل الفاعلين في القطاع، جعلها تفقد مكانتها، فبعض أساتذة باقي المواد وصلوا إلى درجة إعفاء أبنائهم عمدا، من المادة ، لأنهم يعتبرونها مضيعة للوقت، و يفضلون، حسبها، تعويضها بالدروس الخصوصية، و هو ما يؤكد جهل حتى الطبقة المثقفة أهمية المادة، و دورها الرئيسي في بناء فرد صالح و سوي ، مشيرا إلى أن الأسوأ من ذلك، أنه مع اقتراب نهاية السنة الدراسية، تعوض حصص الرياضة بمواد أخرى، بحجة إكمال المقرر الدراسي، و هو ما يخلق ضغطا كبيرا لدى التلميذ، نظرا لتلقيه كما كبيرا من المعلومات، و بالتالي يكون في هذه المرحلة أكثر حاجة لدراسة هذه المادة، التي تنمي قدراته النفسية و البدنية و تعزز ثقته بالنفس.
في ما يتعلق بعدم قدرة الأستاذ على تسيير و التحكم في مجريات الحصة، أوضح المتحدث ، بأن العدد الكبير للتلاميذ في القسم الواحد يجعل مهمة الأستاذ صعبة، خاصة و أن هناك فروقات فردية بين المتمدرسين ، مرجعا في ذات السياق، سبب رفض الإناث ممارسة الأنشطة الرياضية أثناء الحصة، إلى الخجل، كما تحدث عن أسباب أخرى، سبق و أن تطرق إليها أستاذ التعليم المتوسط و المتعلقة بغياب المرافق.
في ما يتعلق بالمنهاج الدراسي و ما يتم تدريسه في هذه المادة، قال بأن هناك أنشطة فردية و أخرى جماعية تتمثل في كرة اليد و السلة و الطائرة، بالإضافة للجري نصف الطويل و السرعة و القفز الطويل و دفع الجلة ، موضحا بأنه من خلاله تُسطر أهداف وجدانية و نفسية و أخرى اجتماعية حركية، لتحقيق التكامل مع مواد أخرى، و تشكيل الكفاءة و الحصول على فرد قادر على اتخاذ القرار و التحلي بروح المسؤولية .
و عن لجوء العديد من التلاميذ للشهادات الطبية للإعفاء من المادة ، أرجع سبب ذلك إلى صرامة بعض الأساتذة المبالغ فيها، و عدم مراعاة ظروف التلاميذ ما يجعلهم ينفرون من المادة، بالإضافة إلى توقيت المادة، الذي يكون أحيانا مع بداية اليوم الدراسي أو في منتصفه، و بخصوص تراجع الاهتمام بالمنافسات الرياضية التي كان التلاميذ يقبلون عليها بشكل ملفت، قال الأستاذ رجم بأن عدم توفير الظروف الملائمة و الإمكانيات جعلها تتراجع، حيث أصبح الأساتذة المشاركون يتعمدون الخروج من الدور الأول للمنافسات، لتجنب العقبات و العراقيل التي سيواجهونها في ما بعد، موضحا بأنهم يجدون صعوبة كبيرة في توفير النقل للتلاميذ و الأكل.
ابتسام تلميذة في الطور الثانوي
سخرية زملائي اضطرتني للامتناع عن ممارسة الرياضة
النصر التقت بابتسام، تلميذة في السنة أولى ثانوي، و التي تعتبر من التلاميذ المعفيين من التربية البدنية و الرياضية ، سألناها عن سبب الإعفاء الذي يرتبط غالبا بمشكل صحي، فأجابت بأنها لا تحبذ ممارسة النشاط الرياضي و البدني، نظرا لسلوكات زملائها التي وصفتها بالسيئة، إذ يستغلون حصة الرياضة للتهكم على زميلاتهن و مراقبة ، حسبها، كل تحركاتهن، و يعلقون على ذلك بمصطلحات مشينة داخل و خارج أسوار المؤسسة، لدرجة إطلاق أسماء حيوانات عليهن، ما جعل حصة التربية البدنية هاجسا بالنسبة إليها، فسلكت شتى الطرق للامتناع عن حضورها.
نور اليقين، تلميذة أخرى تدرس في الرابعة متوسط ، قالت بأنها تحب حصة التربية المدنية و الرياضية، و اعتبرتها المتنفس الوحيد الذي يمكنها من التخلص من ضغط باقي المواد ، مؤكدة بأنها حريصة على الحضور الدائم ، غير أن عدم توفر قاعة للرياضة بالمتوسطة، و استغلال فناء المؤسسة، حال دون تطبيق كل ما هو مبرمج في المنهاج، آملة أن تعيد وزارة التربية الوطنية النظر في هذه المادة بإعطائها أهمية أكبر.
المدرب و الأستاذ الجامعي رشيد محيمدات
تدريس الرياضة في بلادنا غير مطابق للمعايير العالمية
• يجب عقد اتفاقيات لاستغلال الفضاءات الرياضية
دعا الأستاذ الجامعي و مدير الدراسات على مستوى المعهد الوطني للتكوين العالي لإطارات الشباب و الرياضة بقسنطينة و المدير الفني لفريق شباب قسنطينة رشيد محيمدات ، إلى رفع معامل المادة و كذا زيادة الحجم الساعي ليصبح 4 ساعات على الأقل في الأسبوع ، مشددا على ضرورة تغيير ذهنية المسؤولين على مستوى الوزارة و كذا مدراء المؤسسات و الأساتذة و التلاميذ و الأولياء ، و النظر للمادة على أنها مادة أساسية، من خلال إعطائها معامل مرتفع لإيلائها الأهمية الكاملة و عدم النظر إليها أنها حصة ترفيهية، مع الابتعاد قدر الإمكان عن إثقال كاهل التلميذ بالمواد الفكرية و النظرية التي أصبحت ترهقه أكثر مما تنفعه في بعض الأحيان .
و أضاف المتحدث بأنه من الضروري الابتعاد قدر الإمكان عن الحشو عند تدريس باقي المواد، سواء العلمية أو الأدبية، ما يخلق ضغطا على التلاميذ ، خاصة في المراحل التعليمية الأولى، الذين يحتاجون لحيز للهو و الترفيه ، و هي مرحلة لاكتشاف المواهب البدنية يكون في المرحلة الأولى، مطالبا بتوظيف أساتذة مختصين في المادة في الطور الابتدائي ، و كذا ربط علاقات بين وزارتي الشباب و الرياضة و التربية من خلال عقد اتفاقيات من أجل استغلال المنشآت الرياضية التابعة لوزارة الشباب و الرياضة .
ذات المتحدث أفاد بأن تدريس مادة التربية البدنية و الرياضية غير مطابق للمعايير المعمول بها عالميا، لا من حيث المحتوى و لا الأهداف و الإمكانيات المسخرة لها، إذ من المفروض أن تخصص قاعات للرياضة على مستوى المؤسسات، وفقا للمعايير المعمول بها مع توفير العتاد الخاص، كما أن المنهاج المدرس في المؤسسات هو الآخر يحتاج لتلقيح، لكون التلاميذ فقدوا الرغبة في النشاط البدني و الرياضي على مستوى المؤسسات، فعامل التشويق و التسلسل المنهجي غير موجودين ، كما أن الأساتذة أصبحوا لا يعيرون أهمية للمادة .
و عن رأيه في التكوين الذي يخضع له طلبة التربية البدنية و الرياضية، قال بأنه في غير محله، فالتخصصات التي تدرس في هذه الشعبة متنوعة، ذكر منها اختصاص التربية البدنية و الرياضية ، التدريب الرياضي ، اختصاص التسيير الرياضي و اختصاص الصحافة الرياضية.
في تخصص التسيير الرياضي غير التعليمي مثلا، الطالب يدرس المقاييس المتعلقة بالتسيير، غير أنه و بعد التخرج يشارك في مسابقات التوظيف على أساس أنه حامل لشهادة ليسانس في التربية البدنية ، و هذا يطرح تساؤلا ، هل يمكنه بشهادته في التسيير الرياضي أن يؤطر تلاميذ في مختلف النشاطات البدنية و الرياضية؟ ، و أجاب المتحدث عن سؤاله « من المستحيل» ، مضيفا بأنه يجب النظر إلى الاختصاص في حد ذاته، فالتسيير الرياضي لا علاقة له بمختلف النشاطات الرياضية و مجال عمله المنشآت الرياضية، و هو نفس الأمر بالنسبة لتخصص التدريب الرياضي ، بمعنى أن الأستاذ المتخرج متخصص في تدريب نشاط رياضي معين و لا يمكنه أن يمس بالأنشطة الأخرى، و مجال عمله الفرق الرياضية المتخصصة، مؤكدا بأن التخصص الوحيد الذي من المفروض أن يخول لحامله تدريس هذه المادة هو التربية البدنية و الرياضية لكونه يمس و يلم بمختلف النشاطات البدنية و الرياضية .
كما تحدث الأستاذ عن الوقت المخصص لهذه المادة الذي اعتبره غير كاف تماما لتأطير التلاميذ على مستوى مختلف المدارس ، كما ان القاعدة الحقيقية للتربية البدنية و الرياضية، تكون في المستوى الابتدائي، لأن في هذه المرحلة نستطيع استكشاف المواهب الرياضية و توجيهها التوجيه الصحيح، لكن للأسف لا يوجد أستاذ متخصص في التربية و البدنية و الرياضية في الطور الابتدائي ، و توكل المهمة لأستاذ اللغة العربية أو الفرنسية رغم أنه ليس مجال اختصاصه ، و لا علاقة له بحيثيات النشاط الرياضي و البدني، و هو ما يجعل الأستاذ يترك الأطفال يلهون و يركضون بمفردهم، فالمنظومة في حد ذاتها، يجب إعادة النظر فيها على أساس إدراك قيمة المادة ، التي تعتبر من أهم المواد التعليمية ، لكونها تقوم بخدمة المجتمع من الناحية الصحية و الاجتماعية و الاقتصادية ، اذ تساهم في بناء فرد قوي قادر على العطاء في مختلف مجالات الحياة ، كما اعتبرها من أساسيات التعليم و القاعدة التي يمكن من خلالها انتقاء المواهب في الحقل الرياضي .
و بخصوص الإجراءات المتخذة لتفعيل مادة التربية البدنية، قال بأن هناك على مستوى وزارة التربية الوطنية اجتهادات كبيرة من أجل تغيير بعض الأمور و الإلمام بمختلف النشاطات البدنية و الرياضية ، لكن التفاعل على مستوى الجامعات لا يزال غائبا ، فالإشكال موجود في ما يقدم في الجامعة و طريقة إسقاطه على المؤسسات التعليمية، مشيرا إلى أنه على اللجنة الوطنية المتخصصة بوزارة التعليم العالي أن تعمل من أجل تلقيح البرامج و ملاءمتها مع الواقع الميداني، طالبا من اللجنة أن تكثف مجهوداتها من أجل تلقيح البرامج ، موضحا بأنه في فترة معينة، كان هناك نوع من التسرع في إنشاء معاهد على مستوى الجامعة، فوضعت البرامج على هذا الشكل و اتضحت حاليا الفروق و الأخطاء المرتكبة و تصلح تدريجيا ، مشيرا إلى أنه شارك كخبير من أجل تحيين برامج الليسانس و الماستر على مستوى فرع التدريب الرياضي ، متمنيا أن تؤخذ التوصيات التي قدمها بعين الاعتبار.
أسماء بوقرن
مفتش التربية البدنية و الرياضية بقسنطينة محمد الهادي حرنان
الفئة من 6 إلى 12 سنة الأكثر حاجة لممارسة الرياضة
أرجع من جهته مفتش التربية في مادة التربية البدنية الأستاذ محمد الهادي حرنان، سبب تراجع الاهتمام بمادة الرياضة و فقدان مكانتها الهامة على مستوى المؤسسات التعليمية، إلى غلق المعاهد التكنولوجية المتخصصة، و ضعف التكوين البيداغوجي الجامعي، معتبرا المتخرجين الجدد غير مؤهلين للتدريس، لكون المقاييس التي تدرس في الجامعة، غير كافية لتكوين الطالب تكوينا جيدا يؤهله ليصبح مدرسا ناجحا، لذا يتوجب، حسبه، إخضاع الطالب خلال السنوات الثلاث من تدرجه الجامعي، لتأطير من قبل الأساتذة على مستوى المؤسسات ، ما يجعله جاهزا لاقتحام مجال التعليم بسهولة و جدارة ، مشيرا إلى أنه لا يشكك في قدرات المتخرجين الجدد المعرفية، و إنما يبقى الإشكال في انعدام الممارسة الميدانية.
و أشار ذات المتحدث إلى أنه من بين المقاييس التي من المفروض أن تدرس في الجامعة، مقياس التربية العلمية و التي تلقن طريقة تسيير الأستاذ للقسم وكيفية تواصله مع التلاميذ، و كذا مقياس التشريع التربوي، داعيا إلى تفعيل المعاهد التكنولوجية، باعتبارها تابعة لوزارة التربية، لتسهيل عملية التأطير، و لدورها و فعاليتها في التكوين، حسب الدفعات التي تخرجت في سنوات خلت، موضحا بأنه يوجد حاليا شرخ بين وزارتي التعليم العالي و التربية و التعليم، ما يجعلهم يفتقرون للاحتكاك بالأساتذة العاملين في الميدان.
كما أرجع المفتش سبب فقدان التربية الرياضية مكانتها، إلى النقص الفادح في الهياكل الرياضية ، موضحا بأنه كأحد الفاعلين في القطاع، يحرص من خلال الندوات التكوينية، على تقديم كل ما يساعد الأستاذ لتوظيف معارفه و إلمامه بطريقة تسيير القسم، إذ يركز أساسا على كيفية صنع رجل الغد ، كغرس القيم و روح المسؤولية و الثقة بالنفس و التحلي بروح المبادرة و سلوكات التضامن مع نبذ العنف ، مضيفا بخصوص الإعفاءات التي يقدمها التلاميذ ، بأنها تتعلق بكل تلميذ يحوز ملفا طبيا و تقوم وحدة الطب المدرسي بدورها في متابعة حالة كل تلميذ لتقرر إعفاءه.و عن عدم تخصيص حصة للتربية المدنية لتلاميذ الابتدائي و تكليف أستاذ جميع المواد بالقيام ببعض الأنشطة الرياضية للتلاميذ ساعة كل أسبوع، قال محدثنا بأن الأستاذ غير مؤهل و المختصون وحدهم من بإمكانهم القيام بذلك ، موضحا بأن الفئة التي تتراوح أعمارها بين 6 و 12 سنة، هي الأكثر حاجة لهذه المادة، لكونها مرحلة نمو و صقل المواهب و اكتشاف ميولات و مواهب الطفل، و لهذا تم وضع مشروع على مستوى مديرية التربية لولاية قسنطينة، لتدريس التربية البدنية في الابتدائي من قبل أساتذة مختصين في الطور المتوسط .
أسماء بوقرن
الدكتور أمين خوجة محمد ياسين طبيب عام
يجب إعادة التربية البدنية للطور الابتدائي و هذه فوائدها..
الدكتور أمين خوجة محمد ياسين، رئيس قسم الاستعجالات و طبيب عام و منسق بمستشفى البير بقسنطينة ، أكد للنصر بأن الرياضة المدرسية لها دور إيجابي و مهم و هي مكملة للمنهاج التعليمي ، مؤكدا بأن «العقل السليم في الجسم السليم» ، و أوضح بأن العقل يحتاج نوعا معينا من الأنشطة الحركية لإخراج كل المكبوتات، لكن عدم إخضاع التلميذ لنشاط بدني، يجعله يخزنها ، حيث لا يجد الوقت لتفريغها ، و هو ما يؤثر عليه سلبا، كما يصبح تلميذا كسولا .
و أضاف بخصوص إيجابيات التربية البدنية بأنها تساهم في اكتشاف أمراض غير ظاهرة عند الطفل ، كما تفيد المفاصل و القفص الصدري و المصابين بالربو و الحساسية ، و تقي من التشنجات العضلية، لكونها تساعد في إفراز الحمض اللاكتيكي الذي يسهل الوظائف العضلية ، كما تحسن نبضات القلب و تجعلها تخفق بوتيرة طبيعية، و تساعد عمل الدورة الدموية.
و أضاف الدكتور بأن الحركية الدائمة للتلميذ التي غالبا ما تجعله يتسبب في نشوب فوضى داخل القسم، تُمتص عن طريق التربية البدنية و الرياضية ، خاصة عند تلاميذ الطور الابتدائي، فالحركات الرياضية و الجري الذي يمارسه الطفل في هذه المرحلة، يجعل نمو عضلات جسمه مواكبا لنموه العقلي و النفسي، مرجعا في ذات السياق سبب التشويش و الفوضى في الأقسام الابتدائية لدرجة عدم قدرة بعض الأستاذة في السنوات الأخيرة على السيطرة على القسم، هو عدم تخصيص حصة للرياضة، تخلص من ضغط الدراسة ، كما تمكن من اكتشاف مواهب الطفل و ميولاته، و بالتالي توجيهه للمسار السليم ، مشيرا إلى أن المدرسة الجزائرية كانت تخرج أبطالا كمرسلي .
و بخصوص مدى مصداقية الشهادات الطبية التي يقدمها التلاميذ للحصول على إعفاء من المادة ، لكونها السبيل الوحيد الذي يخلص الكثير ممن لا يرغبون في ممارستها من دراستها ، قال الدكتور بأن الشهادة الطبية التي يقدمها الطبيب، سواء في القطاع العام أو الخاص، لم تعد وثيقة تعفي التلميذ، حيث أصبحت الوحدات الطبية الموجودة على مستوى المؤسسات التعليمية ، هي المخولة بذلك للقضاء على هذه الظاهرة.
أسماء بوقرن