مسيرة مظفرة وتأشيرة مبكرة
زيمبابوي 2 الجزائر 2
نجح المنتخب الوطني في ترسيم تأهله إلى النسخة 33 من نهائيات كأس أمم أفريقيا، واقتطع تأشيرة تنشيط العرس القاري للمرة 19 في تاريخه، وذلك بفضل التعادل الثمين الذي عاد به ظهيرة أمس من هراري، أين اقتسم الزاد مع نظيره الزيمبابوي في مباراة مثيرة، كانت فيزيونوميتها نسخة طبق الأصل لسابقتها التي كانت قد جمعت الطرفين قبل 4 أيام بالجزائر، حيث كان لكل منتخب شوطه، مع تسجيل تراجع الخضر في المرحلة الثانية، ولو أن هذه النتيجة مكنت كتيبة بلماضي من حجز تذكرة «كان» الكاميرون، لأن رصيد 10 نقاط يكفي لضمان التأهل، ولو أن الخضر تمكنوا أيضا من مواصلة سلسلة نتائجهم الايجابية، بتفادي الهزيمة في 22 مقابلة متتالية، وبلوغ 760 يوما دون انهزام، الأمر الذي يبقي بطل القارة، بنفس «الديناميكية».
المنتخب الوطني أخذ الأمور بجدية من الوهلة الأولى، وذلك بانتهاج طريقة لعب مبنية على الدفاع المتقدم، والاتخاذ من المهاجمين الخط الأول في الدفاع، سعيا لامتصاص الاندفاع اللامتناهي للزيمبابويين صوب الهجوم، وهي الإستراتيجية التي مكنت «الخضر» من التحكم في زمام الأمور، والمبادرة إلى صنع اللعب بالمراهنة على المرتدات الهجومية السريعة.
نجاح الناخب الوطني بلماضي، في كسب المعركة التكتيكية أمام نظيره التقني الكرواتي لوغاروسيتش تجلى في انضباط العناصر الوطنية، حيث كاد فغولي أن يفتتح باب التسجيل في الدقيقة الثالثة بعد عمل جماعي بين بن رحمة وديلور، لولا أنه لم يحسن التعامل مع التمريرة الأخيرة، لتكون ثاني فرصة للنخبة الوطنية بعد 5 دقائق، إثر تنفيذ محرز لمخالفة مباشرة، جانبت القائم الأيسر لمرمى الحارس شامبا.
مع مرور الدقائق، تمكنت النخبة الوطنية من فرض إيقاعها، وذلك بالتحكم في منطقة وسط الميدان، مع فرض رقابة لصيقة على المهاجمين الزيمبابويين، خاصة كاديويري الذي تحول زميله في نادي ليون بلعمري إلى ظله الشخصي، في غياب الهداف بيليات الذي فضل المدرب لوغاروسيتش إبقاءه احتياطيا، سيما وأنه قرر القيام بأربعة تغييرات على التشكيلة، التي كانت قد خاضت موقعة الذهاب، ولو أن تفوق الخضر تكتيكيا امتص كلية حرارة «الفواريوس»، ليجد المنتخب الوطني طريقه إلى الشباك عند الدقيقة 33 بواسطة ديلور، برأسية محكمة مستغلا العمل الممتاز لرفيقه حلايمية، وأنهاه بفتحة وجدت ديلور في المكان المناسب.
المد الهجومي للخضر تواصل، وكان مستنسخا من «سيناريو» لقاء الذهاب، لأن النجاعة كانت حاضرة لثاني مرة، وذلك في الدقيقة 38، ببصمة من «المايسترو» محرز، الذي وضع لمسته السحرية بطريقة فنية رائعة، وأسكن الكرة على طريقته المفضلة داخل شباك شامبا.
التقدم بثنائية جعل العناصر الوطنية تتراجع نسبيا إلى الدفاع، سعيا للمحافظة على المكسب، وهو التراجع الذي ترك المجال للمنافس، وقد كان أول إنذار عند الدقيقة 40، بعد مخالفة مباشرة نفذها القائد موزونا من على بعد 25 مترا، لامست على إثرها الكرة العارضة الأفقية لمرمي مبولحي، قبل أن يتمكن نفس اللاعب من الوصول إلى المبتغى وتقليص الفارق، بتسديد قوية اكتفى إثرها مبولحي بمتابعة الكرة وهي تستقر في الشباك، وكان ذلك قبل دقيقتين من نهاية المرحلة الأولى، ولو أن تراجع عطاء العناصر الوطنية كاد أن يكلفها غاليا، لأن الوقت بدل الضائع شهد إهدار مهاجم زيمبابوي مويو هدف التعادل، بعد تلقيه الكرة على مستوى القائم الثاني، أين كان متحررا من المراقبة، لكنه فشل في التسجيل، لينتهي النصف الأول من اللقاء بتفوق الخضر.
مع بداية الشوط الثاني عمد مدرب منتخب زيمبابوي إلى القيام بثلاثة تغييرات، بالمراهنة على الجاهزية البدنية، وذلك بإقحام كل من بيليات، كاغورو وكودوامينا، وهي الخيارات التي غيرت من «فيزيونومية» اللعب، لأن السيطرة أصبحت لأصحاب الأرض، مقابل تراجع العناصر الوطنية في محاولة لسد كل المنافذ المؤدية إلى مرمى مبولحي، الذي كان له تدخل ساخن في الدقيقة 61، عند تصديه لكرة موزونا.
وحاول بلماضي ضخ دماء جديدة بداية من الدقيقة 65، باقحام الثنائي بونجاح وبلقبلة بدلا من ديلور وفغولي، وذلك في محاولة لتمكين العناصر الوطنية من المحافظة على توازنها، وقد كاد بونجاح أن يضيف الهدف الثالث بعد 3 دقائق فقط من إقحامه، بينما أهدر موزونا هدف التعادل لمنتخب زيمبابوي في الدقيقة 69، لكن قذفته جانبت إطار المرمى.
الانهيار الواضح للنخبة الوطنية من الناحية البدنية، دفع ببلماضي إلى المراهنة على خدمات براهيمي بديلا لبن رحمة، بحثا عن التحكم في الكرة وإزعاج لاعبي المنافس، قبل أن يقحم الثنائي وناس وعبيد بدلا من محرز وبن ناصر، وهي الخيارات التي لم تكن كافية لامتصاص الاندفاع اللامتناهي للزيمبابويين صوب الهجوم، بدليل أن الدقيقة 82 عرفت نجاح «الفواريوس» في العودة من بعيد وتعديل النتيجة بواسطة البديل أوندوي، مستغلا سوء تعامل الحارس مبولحي مع الكرة.
الدقائق المتبقية من عمر المباراة شهدت احتدام الصراع بين لاعبي المنتخبين في حدود الدائرة المركزية، ليستمر التعادل إلي غاية إطلاق الحكم السوداني محمود علي صافرة النهاية.
ص / فرطاس