تصب الحسابات الأولية، للمجموعة الخامسة في الدور الأول من النسخة 33 لنهائيات كأس أمم إفريقيا، المقررة مطلع السنة القادمة بالكاميرون، في رصيد المنتخب الوطني وكوت ديفوار لكسب الرهان، والتأهل إلى الدور الثاني، وذلك بالنظر إلى التباين الصارخ في الإمكانيات مع منتخبي سيراليون وغينيا الإستوائية، لكن دورات «الكان»، عادة ما تشهد تفجير مفاجآت مدوية، ولو أن النظام الذي أصبح معتمدا منذ الطبعة الأخيرة بمصر، على خلفية رفع عدد منشطي العرس القاري إلى 24 منتخبا قلص من عنصر «المفاجأة»، وجعل تواجد «كبار القارة» في الدور الثاني أمرا شبه مسلّم به، مادامت عملية القرعة تجرى وفق معيار، يراعي الفوارق في موازين القوى بين المنتخبات.
ولعل ما يرجح كفة الخضر و»فيلة» كوت ديفوار للخروج من هذا الفوج، بتذكرتي التأهل تواضع منتخبي سيراليون وغينيا الإستوائية، بدليل أنه لا يوجد أي مجال للمقارنة، بين تركيبة هذه المجموعة من جميع الجوانب، لأن المنتخب الوطني سيدخل هذه المنافسة في ثوب «بطل القارة»، بنية الدفاع عن لقبه، كما أنه الأفضل على الورق، بحكم أنه انتزع التاج القاري في مناسبتين، ويقاسمه في هذا الانجاز المنتخب الإيفواري، الذي اعتلى المنصة الإفريقية مرتين في دورتي 1992 و2015، وسيبصم على حضوره للمرة 24 في النهائيات القارية، مما يعني بأن الأمر يتعلق بزبونين من العيار الثقيل، يعدان من المنشطين التقليديين لفعاليات العرس الكروي الإفريقي.
على النقيض من ذلك، فإن تأهل غينيا الإستوائية إلى هذه الدورة، يعتبر بمثابة انجاز غير مسبوق، لأن هذا المنتخب نجح في تجاوز المرحلة التصفوية لأول مرة في تاريخه، سيما وأن مشاركته في طبعتين سابقتين من النهائيات القارية كانت بالاستفادة من «امتياز» التنظيم، الأولى كانت في نسخة 2012، والتي تقاسمت فيها غينيا الاستوائية شرف الاستضافة مع الغابون، وودع منتخبها المنافسة من الدور الأول، والثانية لما عوضت المغرب في تنظيم «كان 2015»، وقد كان الحضور مميزا لهذا المنتخب، ببلوغه المربع الذهبي، وثالث ظهور في العرس القاري سيكون خارج الإقليم الجغرافي لهذا البلد، والذي لم يسبق لمنتخبه أن واجه الخضر في النهائيات الإفريقية، وهو الذي يحتل المركز 132 عالميا و37 قاريا حسب آخر لائحة تصنيف للفيفا، مما يصنفه في خانة الحلقة الأضعف لهذا الفوج.
إلى ذلك، فإن منتخب سيراليون سيسجل ظهوره لثالث مرة في دورات «الكان»، وقد كان التأهل بعد مخاض عسير، بفضل أزمة جائحة كورونا وانعكاساتها على منتخب البنين، بدليل أن هذا المنتخب كان آخر من أكمل عقد منشطي هذه الطبعة، كما أنه نجح في العودة إلى الساحة القارية بعد غياب دام ربع قرن من الزمن، لأن المنتخب السيراليوني، كان قد شارك في دورتين فقط، سنتي 1994 و1996، وقد واجه في الأولى منتخب كوت ديفوار، وانهزم برباعية نظيفة، بينما إلتقي في الثانية بالمنتخب الجزائري وخسر بثنائية، وسجله في تاريخ «الكان» يتضمن فوزا وحيدا على بوركينافاسو وتعادلا مع زامبيا، كما أن وضعيته في المرتبة 106 في تصنيف الفيفا و24 قاريا، تبقى عبارة عن مؤشر أولي على أن طموحاته في الأراضي الكاميرونية، لن تتجاوز عتبة البحث عن المركز الثالث للفوج الخامس.
مخطط الرزنامة بين دوالا وياوندي يهيمن على حوارات العملاقين
وانطلاقا من هذه المعطيات الأولية، فإن الصراع بين منتخبي الجزائر وكوت ديفوار سيكون على أشده من أجل تصدر المجموعة، والحسم في ذلك قد يكون في المواجهة المباشرة، والتي شاءت الصدف أن تتزامن مع ختام الدور الأول، لأن ريادة الفوج ستمنح صاحبها عدة امتيازات، أبرزها الاستفادة من فرصة البقاء في مدينة دوالا، وما لذلك من انعكاسات إيجابية، كالتأقلم مع المناخ والتعود على أرضية الميدان، وهذا التنافس سيكون في تاسع مواجهة بين «الخضر» و»الفيلة» في إطار نهائيات العرس القاري، واللقاءات السابقة كانت خمسة منها في الدور الأول، في سنوات 1968، 1988، 1990، 1992 و2013، مع الإلتقاء 3 مرات في ربع النهائي، وذلك خلال دورات 2010، 2015 و2019، ولكل طرف ثلاثة انتصارات.
على هذا الأساس، فإن ريادة الفوج تبقى هدف كل منتخب، لأن مدينة دوالا تمتاز بمناخها المعتدل، مقارنة بباقي المدن التي ستحتضن فعاليات «الكان»، خاصة قاروا، التي يشهد مناخها ارتفاعا شديدا في درجة الحرارة ونسبة الرطوبة، كما أن ملعب جابوما بدوالا يعد من أفضل الملاعب التي ستستضيف مباريات هذه الطبعة، فضلا عن أنه ثاني أكبر ملعب من حيث طاقة الاستيعاب، بإجمالي 50 ألف متفرج، خلف «أوليمبي ستاديوم» بياوندي، وملعب دوالا سيحتضن 10 لقاءات، 6 منها في الدور الأول، مع استفادة منتخبي الجزائر وكوت ديفوار من امتياز البقاء في هذه المدينة، بينما ستجرى مباراة غينيا الاستوائية وسيراليون بمدينة ليمبي، ومتصدر الفوج الخامس سيستفيد من فرصة البقاء 6 أيام أخرى في دوالا، لإجراء لقاء الدور الثاني أمام ثاني المجموعة الرابعة، والتي تضم منتخبات نيجيريا، مصر، السودان وغينيا بيساو، بينما سيجبر ثاني الفوج الخامس على التنقل إلى ليمبي لملاقاة متصدر المجموعة السادسة، والتي تتشكل من منتخبات تونس، مالي، موريتانيا وغامبيا.
استفادة متصدر المجموعة الخامسة من «امتياز» التعود على المناخ وأرضية الميدان ستكون بشكل آخر بداية من ربع النهائي، إذا ما نجح في التأهل، لأن الرحلة ستكون إلى العاصمة ياوندي، لاجراء مباراة الدور الثالث، بملعب أوليمبي الذي يتسع ل 60 ألف متفرج، والمواجهة ستكون ضد متصدر الفوج السادس، أو أحد المنتخبات التي تتأهل ضمن «الكوطة» المخصصة لأصحاب المرتبة الثالثة، وذلك يوم 30 جانفي 2022، في حين سيضطر ثاني المجموعة الخامسة في حال تأهله إلى القيام بسفرية جديدة، يعود بموجبها من ليمبي إلى دوالا، وسيصطدم في ربع النهائي بمتصدر الفوج الثاني أو واحد من المنتخبات التي أنهت الدور الأول في المركز الثالث، ليكون هناك امتياز «جديد» بالنسبة للمتصدر، يتمثل في كسب 24 ساعة إضافية للإسترجاع، قبل موقعة نصف النهائي، وذلك بالمقارنة مع ثاني الفوج، الذي سيجبر على تنشيط مباراة المربع الذهبي في الثاني فيفري بمدينة دوالا، بينما يبقى رائد الفوج في ياوندي، وهي الرزنامة التي تضع متصدر المجموعة أمام فرصة القيام برحلة واحدة فقط طيلة مشواره في هذه التظاهرة، وذلك بالبقاء في دوالا من المباراة الأولى إلى غاية خوض لقاء ثمن النهائي يوم 26 جانفي، على مدار أسبوعين، ثم التنقل مباشرة إلى دوالا، والبقاء فيها إلى غاية النهائي، مع تنشيط 3 مباريات، بينما سيجد وصيف المجموعة نفسه مجبرا على التنقل بين مدينتي دوالا وليمبي، والتواجد في ياوندي لن يكون إلا في حال تأهل إلى النهائي، وهي «رزنامة» ستلقي بظلالها على الصراع بين المنتخبين الجزائري والإيفواري.
صالح فرطــاس