يتميز المطبخ القسنطيني بغناه وتنوع أصنافه، فالحلويات القسنطينية على اختلاف مكوناتها راقية جدا و ترتبط أساسا ببعض عادات المدينة و تقاليدها، على غرار عادة التقطير التي يحتفى بها من خلال تحضير أصناف معينة يوظف فيها ماء الزهر أو الورد المقطر، و يعد مربى الورد أو معجون الورد كما يسمى محليا، من التحليات القديمة التي كانت تشكل زينة لموائد القهوة خلال موسم التقطير، وهو صنف فاخر قليلون هم من يعرفون أسرار إعداده بنجاح رغم بساطة الوصفة، لأن الأمر متعلق بالتفاصيل كما قال الحرفي في مجال الحلويات التقليدية و الأستاذة المكون في غرفة الصناعة التقليدية والحرف لولاية قسنطينة محمد يزيد عبود.
أخبرنا محدثنا، أن هذه الفترة من السنة كانت موعدا قارا لتحضير المربى الشهير في بيوت قسنطينيين يكرسون العادات المرتبطة بتقطير الورد، وقد كانت التحلية جزءا من طقوس التقليد إذ تحضر إلى جانب «طمينة الحر أو الفرخ» و تزين بها « سينية قهوة العصر» التي تجهز خصيصا للاحتفال بالتقطير.
فمعجون الورد، كان دائما حاضرا في هذه المناسبة خصوصا في بيوت عائلات المدينة القديمة، حيث يتميز بلونه الوردي المستمد من بتلات الورد التي يحضر منها، فيما تعده عائلات أخرى من بقاياه الورد المقطر نفسه، وحسب محمد يزيد، فإن طريقة إعداده ومكوناته بسيطة، لكنها تتطلب التركيز والدقة للحصول على المذاق و القوام الأصليين.
ويكون تحضير الوصفة الأصلية كما يشرح المتحدث، بتجهيز بتلات الورد، نضعها في صحن، ونضيف إليه ما يعادل نصف مقدارها سكرا، ثم نصيف كأسا من عصير الليمون، و تحرك المكونات جيدا عدة مرات وتغطى لمدة ساعتين إلى غاية أن تتجانس ويذبل الورد ويتغير شكله ويفرز ماءه.
بعد هذه المرحلة يفصل السائل عن البتلات الذابلة ويصفى جيدا ثم نأخذ نصف نفس الكيل الأولى من السكر ونضيفه إلى البتلات المصفاة مع ربع كيل من الماء، ويوضع المزيج على نار هادئة مع التحريك المستمر، وتتميز هذه المرحلة كما عبر، بعذوبة الرائحة التي تنبعث من الخليط و التي تعبق المنزل بشذى الورود و حلاوة السكر، بعدها يضاف إلى المزيج الموجود على النار الشراب الأول الذي يحتوي على عصير الليمون ويترك حتى يبرد ويقدم على المائدة في المناسبات السعيدة والأعراس.
أما الوصفة الثانية، فيقول الحرفي، إن عجينة اللوز تدخل في تحضيرها، حيث تشكل في قوالب السيليكون على شكل ورود صغيرة تغمس في ملون طبيعي بنفس اللون، ثم يحضر شراب الورد بالطريقة السابقة وعوض أن نغمس فيه بتلات الورد نمزجه بورود عجينة اللوز ويزين بأوراقه ليأخذ طعم ورائحة الورد.
ومع أن هذا المربى فاخر و لذيذ إلى أن تحضيره يقل جدا في المناسبات كما قال المتحدث، حيث يعد من الوصفات المنسية تقريبا والسبب راجع إلى مراحل إعداده وارتباط ذلك أساسا بموسم تقطير الورد و الزهر في قسنطينة. ص. رضوان