أدى دخول علامات جديدة للسوق الجزائرية، بأسعار معقولة، إلى جمود في عمليات البيع والشراء في سوق السيارات بحامة بوزيان في قسنطينة، وظهر الارتباك على الراغبين في شراء سيارات كما هو الحال بالنسبة للراغبين في البيع، بعد عرض أسعار السيارات الصينية التي تبدأ من 199 مليون سنتيم، ليغادر الكثير ممن عرضوا سياراتهم للبيع السوق دون تلقي مقترحات بالبيع، فيما تلقى البعض منهم عروضا تقل بحوالي 40 مليونا مقارنة بالسوق الماضي.

روبورتــاج: حــاتم بن كحـــول

وعرضت قبل أيام علامة «شيري» الصينية، سلسلة سياراتها الجديدة التي ستسوق على المستوى الوطني، وبأسعار يمكن وصفها بالتنافسية خاصة وأنها تبدأ من 199 مليون سنتيم وصولا إلى قرابة 500 مليون سنتيم، وصنعت علامة «أوبال» الألمانية الحدث أيضا بعد عرضها لمركبات فاخرة ذات طراز عالي رغم أسعارها المرتفعة نوعا ما مقارنة بالصينية، كما ينتظر أن تعرض علامات أخرى منتجاتها بداية من الأسبوع الداخل، على غرار «ديافاسكا» و«جيلي» و«جاك» والتي تشير كل المؤشرات بشأنها أنها ستسوق بأسعار مشابهة لعلامة «شيري».
وأمام هذه المعطيات، وجد العديد من الراغبين في شراء مركبة أنفسهم أمام خيارين، الأول يتمثل في انتظار بداية تسويق علامتي «شيري» و«أوبال» للسيارات، واقتناء مركبة جديدة ذات طراز حديث، أو انتظار تسويق أكبر عدد ممكن من المركبات من مختلف العلامات من أجل إغراق السوق بالمركبات الجديدة وبالتالي حدوث انخفاض في أسعار المركبات القديمة خاصة وأن الكثير من المواطنين ينتظرون تسويق المركبات الجديدة ليسمن أجل اقتنائها وإنما لأجل استغلال تأثيرها على السوق، وهو ما جعل الكثير من الراغبين في شراء مركبة يؤجلون العملية إلى حين اتضاح الرؤيا أكثر.
وزارت «النصر» أمس الأول سوق حامة بوزيان بقسنطينة، أين كانت عمليات البيع والشراء باردة كبرودة الطقس في الصباح الباكر، ولاحظنا خلال إلقاء نظرة أولية أن مساحات واسعة داخل السوق كانت شاغرة عكس ما كان عليه الأمر في الأسواق الماضية أين لم يجد الراغبون في بيع مركباتهم مكانا لعرضها ، وهو ما يؤكد عزوفا في البيع يقابله عزوفا في الشراء.
شرعنا في استطلاع الأسعار بسوق الحامة بوزيان، أين كانت السيارات الألمانية الأكثر جذبا للراغبين في شراء مركبات مقارنة بالعلامات الأخرى، على غرار سيارة من نوع «سيات ليون» صنعت سنة 2015، سارت لمسافة 124 ألف كلم أكد صاحبها من ولاية سكيكدة أنه تلقى مقترحا بالبيع قيمته 320 مليون سنتيم، وأكد آخر من ولاية عنابة يعرض سيارة غولف 6 أنه تلقى مقترحا قيمته 195 مليون سنتيم.
واصلنا جولتنا في مساحة بها عدد كبير من السيارات الألمانية، لنصادف السيارة الشبابية «غولف كوب» سنة 2015 سار بها صاحبها لمسافة 218 ألف كلم، وأكد أنه تلقى مقترحا بالبيع يصل إلى 340 مليون سنتيم، موضحا أنه لن يقبل ببيعها بسعر يقل عن 348 مليون سنتيم، وأطلقت سوفاك سنة 2015 هذه السيارة في مختلف معارضها بسعر 230 مليون سنتيم، كما شد انتباهنا صاحب سيارة «كادي» يبدو عليه الارتباك، وقال إن مركبته صنعت سنة 2012 والمسافة التي قطعتها تبلغ 330 ألف كلم، تلقى عرضا بالبيع لا يزيد عن 180 مليون سنتيم، موضحا أنه لن يبيعها إلا بعد تجاوزها حاجز 200 مليون سنتيم، فيما أكد آخر يملك نفس السيارة أنه لن يرضى بأقل من 200 مليون أيضا.
انخفاض في قيمة عروض شراء «ستيبواي» و«سامبول»
توجهنا بعدها إلى سيارات «سامبول» و«ستيبواي» الجديدة، وهي التي سوقت من قبل بعد تركيبها على مستوى مصانع محلية، بأسعار في المتناول لم تفق حينها 190 مليون سنتيم بالنسبة «لسامبول» و215 مليون سنتيم بالنسبة «لستيبواي»، واستفسرنا شابا يعرض «سامبول» سنة 2020 وقطعت مسافة 96 ألف كلم عن السعر المعروض عليه، ليرد أنه يصل إلى 280 مليون سنتيم، فيما أكد آخر يعرض «ستيبواي» سنة 2021 قطعت مسافة 148 ألف كلم من نوع ديزل أنه تلقى مقترحا قيمته 270 مليون سنتيم.وأثارت فضولنا سيارة من نوع «ستيبواي» صنعت سنة 2023، في وقت أغلقت فيه المصانع المحلية سنة 2019، واستفسرنا صاحبها من ولاية سكيكدة إن كان قد اقتناها من خارج الجزائر إلا أنه أكد أنه جلبها من المصنع، وأكد أنه تلقى مقترحا بالبيع يصل إلى 340 مليون سنتيم وبأنه يرغب في رفع السعر قليلا قبل البيع.
وتحولنا بعدها إلى سيارة من نوع «ستيبواي» أيضا صنعت سنة 2018، وأكد صاحبها أنه تلقى عرضا للبيع قيمته 262 مليون سنتيم، رافضا التفاوض في هذا السعر لأنه تلقى من قبل مقترحا بالبيع وصل إلى 297.5 مليون سنتيم، وتحولنا إلى سيارة «سامبول» سنة 2020 قطعت مسافة 94 ألف كلم فقط، أكد صاحبها أنه تلقى عرضا يصل إلى 245 مليون سنتيم، يذكر أن سيارة «ستيبواي» كانت لا تباع قبل أسابيع قليلة بأقل من 300 مليون سنتيم، أما «سامبول» فيفوق سعرها في تلك الفترة 260 مليون سنتيم.واصلنا جولتنا بالجهة العلوية للسوق وتحديدا في المساحة المخصصة لبيع السيارات الجديدة، لنصادف سيارة «تيبو «فيات» الجديدة، ولكن المفاجأة أن سعرها في السوق أعلى بكثير من سعرها في نقاط البيع المعتمدة، أين يبلغ سعرها 299.5 مليون سنتيم مع صفر في العداد، إلا أن السعر المعروض حسب صاحبها وصل إلى 335 مليون سنتيم رغم قطعها مسافة 2000 كلم، فيما أكد آخر أنه تلقى عرضا يصل إلى 280 مليون سنتيم لأن المسافة المقطوعة وصلت إلى 25 ألف كلم.
ارتباك بين السماسرة
وعند تجولنا داخل هذه المساحة شد انتباهنا أن جل المركبات من ترقيم الولايات المجاورة على غرار أم البواقي، ميلة، عنابة، باتنة وخاصة ولاية سكيكدة، أين تبادلنا أطراف الحديث مع أصحابها والذين أكدوا أن عمليات البيع والشراء قليلة جدا عكس المرات السابقة، ليشد انتباهنا مجموعة من الشباب يتبادلون أطراف الحديث مستعملين إشارات بأياديهم تدل على عدم رضاهم على أمر ما، لنتوجه ناحيتهم ونتظاهر أننا نقوم بفحص إحدى المركبات، لسماع ما كان يدور بينهم لنعلم أنهم تلقوا مقترحات أقل بكثير مما كانوا يتلقونه في الأسواق خلال الأسابيع القليلة الماضية.لندخل معهم في حديث مباشر، ونعلم من صاحب سيارة «بيكانتو» 2019 أنه تلقى مقترحا بالبيع يصل إلى 180 مليون سنتيم رغم أنه تلقى سابقا مبلغ 235 مليون سنتيم، وقال: «عمليات البيع والشراء شبه منعدمة كما تشاهدون، أظن أن الشروع في تسويق السيارات الصينية أثر كثيرا على الراغبين في شراء سيارة، وراح يتهكم على تلك السيارات الجديدة.وأكد آخر أنه ينشط في السوق كسمسار، ووجد أن السوق أمس «غريب جدا» لعدم إبرام عمليات بيع من أغلب زملائه، قائلا: «اشترينا سيارات بأسعار مرتفعة ولكننا حاليا نتلقى عروضا منخفضة جدا مقارنة بالأموال التي دفعناها في سبيل إعادة بيع هذه المركبات، أنا بدوري أرفض رفضا قاطعا البيع بهذه الأسعار وأفضل الاحتفاظ بسياراتي إلى غاية اتضاح الرؤية أكثر»، وأضاف آخر أن البائع يخشى من البيع بسعر أقل والبائع بدوره يخشى الشراء بسعر مماثلا مؤكدا أن أحوال السوق غير واضحة بعد الشروع في جلب السيارات الصينية.

وقال آخر إنه يتمنى حدوث استقرار في أسعار المركبات لكي يتسنى له ممارسة نشاطه في بيع وشراء المركبات بشكل منظم وهادئ، موضحا أنه لو يتأكد من أن الأسعار انخفضت حقا فلا مانع لديه في بيع بسعر أقل وشراء مركبة أخرى بسعر مناسب أيضا لأن غرضه الأول هو بيع أكبر عدد من المركبات في ظرف زمني قصير، موضحا أن المقترحات بالشراء انخفضت إلى نسبة ما بين 40 إلى 50 بالمئة.
تراجع في مقترحات البيع بحوالي 40 مليون سنتيم
ولمسنا أن عروض البيع انخفضت بحوالي 40 مليون سنتيم، حسب الأسعار المقترحة في هذا السوق وتلك المعروضة في المرات السابقة، على غرار سيارة «إيون أتوس» سنة 2012 والتي تلقى صاحبها عرضا أمس قيمته 85 مليون سنتيم بعد أن تلقى 120 مليون سنتيم في السوق الماضي، كما هو الحال مع صاحب سيارة «بيكانتو» سنة 2016 والذي أكد أنه تلقى عرضا قيمته 200 مليون سنتيم بعد أن تلقى عرضا يقارب 137 مليون في السوق الماضي، كما هو الحال مع صاحب سيارة «ستيبواي» الذي تلقى عرضا يقل عن سابقه بحوالي 42 مليون سنتيم وآخر صاحب سيارة «غولف 7» تلقى عرضا يقل بقرابة 50 مليون سنتيم.
وانتقلنا بعدها إلى مساحة تعرض فيها السيارات القديمة نوعا ما، ووجدنا أن نشاط البيع أفضل بكثير مقارنة بالسيارات الجديدة، واستفسرنا عن بعض الأسعار ووجدنا أنها لم تنخفض كثيرا، على غرار «سامبول» سنة 2011 عرض عليه مبلغ 135 مليون، ومبلغ 70 مليون على سيارة «بيجو 206» سنة 2004، كما عرض مبلغ على سيارة «تيبي طولي» سنة 2012 قيمته 163 مليون سنتيم، أما «كونغو» سنة 2005 فعرض عليه مبلغ 102 مليون، و«كليو» دبزة كما تلقب سنة 2001 فعرض على صاحبها مبلغ 100 مليون سنتيم ولكن حالتها توحي وكأنها سيارة جديدة، أما صاحب سيارة «بيكانتو» سنة 2019 بها عدة أجزاء متلفة أعيد تصليحها فأكد أنه تلقى عرضا قيمته 163 مليون سنتيم مع قطعها مسافة 268 ألف كلم.
أصحاب المركبات الجديدة غادروا السوق دون تلقي مقترحات بالبيع
بعد البقاء لمدة نصف ساعة في المساحة المخصصة لبيع السيارات القديمة، عدنا أدراجنا لمساحة السيارات الجديدة خاصة وأن الساعة كانت تشير إلى العاشرة والنصف صباحا، وهو موعد بداية مغادرة المركبات للسوق، ووجدنا الارتباك واضحا على أصحاب المركبات الذين كانوا بداخلها وعلامات الحزن بداية على محياهم، لنقترب من صاحب مركبة «كليو 4 جيتي لاين» سنة 2018 والذي أكد أنه لم يتلق أي مقترح بالبيع، كما هو الحال مع صاحب سيارة «ستيبواي» سنة 2020، و«أكسنت آ ربي» سنة 2018، وسيارات أخرى سنة صنعها تتراوح ما بين 2018 إلى 2023.
وأكد أصحاب هذه المركبات أنهم لم يتلقوا أي عرض بالبيع لأول مرة منذ شروعهم في عمليات البيع والشراء قبل سنوات، مؤكدين أن المواطنين يعزفون عن شراء السيارات الجديدة بعد دخول السيارات الصينية السوق إضافة إلى سيارات «أوبال» الألمانية، خاصة وأن الأسعار متقاربة بينها وبين مركباتهم التي يفوق سعرها 250 ويصل إلى 400 مليون سنتيم، ليهم الكثير منهم بمغادرة السوق دون تلقي أي مقترح من طرف الراغبين في شراء سيارة.
ح/ب

الرجوع إلى الأعلى