شـاب ينشـئ مؤسسـة تكويـن بجيجل

أنشأ ابن جيجل، الشاب عبد المؤمن زيوط، مؤسسة خاصة للتكوين بمدينة الطاهير، قصد الاستثمار في طاقات شباب المنطقة، ومساعدتهم على تخطي عتبة البطالة في مرحلة لاحقة، بفضل ما يكتسبونه من تأهيل مهني و شهادات قد توفر لهم مناصب عمل أو تساعدهم على فتح ورشات إنتاجية أو وكالات خدماتية و غير ذلك، وهو حلم راوده كثيرا لدرجة أن الرغبة في تحقيقه دفعته إلى التخلي عن منصبه كإطار في مؤسسة أجنبية، وخوض مغامرة جديدة لم تكن سهلة كما قال.

تخصصات جديدة تواكب سوق العمل
برزت خلال هذه السنة التكوينية بجيجل، أول مدرسة خاصة معتمدة في مجال التكوين والتعليم المهنيين، وهو مشروع رائد في الولاية، فتح تخصصات جديدة و نوعية، من بينها ما هو مطلوب جدا في سوق الشغل ولكنه غير متوفر بشكل واسع في قطاع التكوين، على غرار قيادة آليات الأشغال العمومية، و الحراسة والأمن إلى جانب الوقاية، وغيرها من مجالات التكوين التي تواكب التطور الحاصل في سوق العمل وفق برنامج مدروس
و عملي. وقد صنعت المؤسسة  الحدث بجيجل، و أضحت قبلة للشباب الراغب في الحصول على تكوينات خاصة، إذ يحظى صاحبها بالثقة نظرا لسمعته بين أبناء المنطقة، حيث يعرف عنه أنه مهتم ومحب لمجال التكوين و يطمح لتحسينه و قد سعى إلى ذلك منذ سنوات بالرغم من الصعوبات و التحديات التي رافقت المسار، كما صرح به للنصر، بداية بالجانب المالي انتهاء بتغيير الصورة النمطية عن شهادات التكوين التي تمنحها المراكز الخاصة، و التي تعد سلبية جدا بسبب تجارة الوهم و انتشارها، وهو ما دفعه لطلب اعتماد حقيقي للمؤسسة يضمن شهادات مقبولة في سوق التوظيف و النشاط.
تقليص للمسافة واختزال للجهد
تقربنا من مركز التكوين الخاص به والمتواجد ببلدية الطاهير، حيث استقبلنا عبد المؤمن زيوط، وتزامن وجودنا في المؤسسة مع برمجة العديد من الدورات التكوينية ولذلك فقد كانت الحركية كبيرة، قابلنا شبابا يخضعون لتكوينات في صناعة البيتزا، و في مجالات أخرى كالإعلام الآلي، أما أكثر الأسئلة التي ترددت على مسامعنا ونحن في المكان، فقد تعلقت بدورة قيادة أو سياقة رافعات الأثقال.
عرّفنا مضيفنا، على مختلف الأقسام
و التجهيزات التي تضمها المؤسسة، قبل أن نعود إلى ورشة صناعة البيتزا و قد أخبرنا بعض الشباب بأنهم بحثوا طويلا عن تكوين في المجال منهم من تنقل إلى ولايات مجاورة لأجل ذلك، لكن دون جدوى، إلى أن أعلنت المؤسسة الجديدة عن فتح دورة خاصة فالتحقوا بها، قائلين إنها خطوة مهمة جدا وإضافة نوعية في الولاية، خاصة وأن المؤسسة تقدم شهادات معتمدة من طرف الدولة.
وحسب حسام، وهو أحد المتكوّنين، فإن الاعتماد مهم جدا معلقا: « لقد وجدت صعوبة كبيرة في الحصول على شهادة أو دبلوم في صناعة البيتزا، عملت لدى بعض الخواص قبل اليوم، لكن من دون تكوين حقيقي، و عندما قررت فتح محلي الخاص وجدت صعوبة في ذلك لأن الخبرة وحدها لا تكفي، بل يستوجب الأمر شهادة تأهيل مهني، بحثت عن التخصص في العديد من المراكز لكن بدون فائدة، ولذلك فقد سعدت جدا بتوفره في المركز هنا، و اليوم تحقق حلمي، كما أني تعلمت الكثير واكتسبت بعض المهارات الجديدة». ولم يختلف رأي بقية الشباب في المركز عما قاله محدثنا، حيث أكدوا أهمية التكوين بالنسبة لهم وقيمة الشهادة المعتمدة و الرسمية.
 تنقلنا بعدها إلى ورشة ثانية أكبر، و الخاصة  بتعليم قيادة رافعة الأثقال و آليات الأشغال العمومية، كان الموقع بعيدا عن مقر المدرسة بحوالي 15 دقيقة سيرا بالمركبة، قابلنا هناك عددا معتبرا من المتربصين، تقربنا من بعضهم فأخبرونا بأنهم تنفسوا الصعداء عندما سمعوا بوجود مؤسسة خاصة معتمدة تكوّن الشباب في مجال سياقة آليات الأشغال العمومية، على اعتبار أنها رخص مطلوبة جدا في سوق العمل سواء في داخل الوطن أو في الخارج أيضا، مؤكدين أن هذا النوع من التخصصات لم يكن متوفرا قبلا بكل مراكز التكوين المهني بالولاية، واستحداثه يعتبر إضافة نوعية حقيقية.
لاحق حلمه لسنوات
لاحظنا خلال جولتنا، بأن عبد المؤمن كان حريصا جدا على تقديم الملاحظات المهنية للمتربصين وحتى المكوّنين، مما يوحي بإلمامه بمختلف المجالات، وقد أوضح بأنه اكتسب خبرة كبيرة في عديد التخصصات بالنظر إلى اهتمامه البالغ بالمجال والذي يعود إلى سنوات كثيرة،  وذكر  بأنه متحصل على شهادة مهندس دولة في الوقاية و الأمن الصناعي  من جامعة الحاج لخضر بباتنة، وقد حصل على اعتماد وزاري و قرار ولائي، لإنشاء مؤسسته الخاصة للتكوين بتاريخ 13 جوان 2023، موضحا، أن الخبرة التي اكتسبها جاءت من عمله في الصحراء الجزائرية، كمكوّن في شركات أجنبية و كمهندس مشرف كذلك، حيث عمل على تكوين الموظفين الجدد في شركات متعددة الجنسيات، طيلة ثمان سنوات، و بعدها قرر الاستقالة ليتبع حلمه و يبلغ طموحه، و هكذا اقتحام مجال التكوين المهني كهاو أولا، و تعاون طوال سنتين مع العديد من مراكز التدريب كمسير قائلا « أشرفت على دورات تتعلق بتحسين الذات و المستوى و تطوير المهارات، لكن ذلك لم يكن كافيا، فالهدف التي سطرته منذ سنوات هو فتح مؤسستي الخاصة في مجال التكوين».
قال، بأن مجال التكوين المهني هو حلمه ولذلك فقد  تخلى عن وظيفته لأجله، حيث بدأ في دراسة المشروع من عدة جوانب و معرفة احتياجات الولاية في مجال التكوين، مشيرا إلى أن أكبر مخاوفه كانت تتعلق بالحصول على التمويل، خاصة وأن أسعار تأجير وشراء العتاد مرتفعة جدا، مع ذلك فقد بذل جهدا كبيرا لمواجهة التحديات و تخطي العقبات على مر السنوات.  ومن بين الصعوبات الأخرى التي واجهها المشروع كما أضاف، تغيير نظرة الكثيرين لمراكز التكوين الخاصة و نوعية ومستوى التربص فيها و الشهادات التي تقدمها، و السبب حسبه، هو أن هناك شبابا تعرضوا للخذلان و كانت لهم تجارب فاشلة في المجال نظرا لنقص الخبرة ربما أو لأسباب أخرى أحطت من قيمة التكوين المهني في القطاع الخاص  قائلا : « تملك مراكز سجلات تجارية في مجال التكوين وتحسين الذات، لكنها ليست مؤسسات معتمدة فعليا، وهو ما يلغي الطابع الجاد والرسمي للشهادات التي تمنحها، وهو أمر يكتشفه المتربصون فيها مع مرور الوقت، إذ يصطدمون بعدم فعالية الشهادات التي يحملونها»، مضيفا بأن ما يمنح الشهادة قيمتها في مجال التشغيل، هو كونها صادرة في إطار اتفاقية بين مؤسسة التكوين الخاصة
 ومراكز التكوين التابعة لقطاع التكوين و التعليم المهنيين.
وفيما يتعلق بالإجراءات التي اتبعها للحصول على الاعتماد، شرح بأنه قدم طلبا في 15 جانفي 2023، وحصل على الموافقة بعد ستة أشهر، فباشر تجسيد مشروعه بالاعتماد على تكوينه وتأهيله الشخصي وبمساعدة أساتذة مؤطرين.
مساع لتطوير التكوين
وذكر، بأن الاعتماد الأولي تضمن ثلاث تخصصات تأهيلية هي «عون وقاية و أمن صناعي» و «الإعلام الآلي» إضافة إلى تخصص «سائق رافعة الأثقال»، ثم تقرر بعد ذلك إدراج تخصصات أخرى حسب احتياجات السوق، ليصل العدد إلى 10 مجالات تكوين بينها تربصات طويلة المدى وأخرى قصيرة المدى، ليتمكن بذلك من تحقيق النجاح. وحسب عبد المؤمن، فإنه و رغم الصعوبات إلا أن السعي لتحقيق الأهداف لا يجب أن يتوقف عند أي مرحلة، بل يجب أن يكون حثيثا، مثمّنا بذلك المساعدة و المرافقة التي تلقاها من قبل مصالح مديرية التكوين و التعليم المهنيين بالولاية، و التي فتحت أمامه المجال ووسعت تصوراته بفضل  التقنيات و المجالات التي تم اقتراحها عليه لتواكب متطلبات سوقي الشغل و التكوين. وقال محدثنا، إنه يطمح لإدراج تخصصات عالمية و توقيع اتفاقيات مع مؤسسات أجنبية أمريكية وبريطانية، لأجل التكوين في مجالات نادرة وطنيا، يمكن أن يتم بعضها في الجنوب الجزائري فقط.              
كـ. طويل

الرجوع إلى الأعلى