طفل من بين 10 يعاني تأخر النطق بالجزائر و الحصيلة مرشحة للارتفاع
تتنامى ظاهرة ترك الأطفال لدى مربيات تكتفي أغلبهن بالإطعام، التنظيف و النوم، في وقت لم تعد الكثير من الأمهات قادرات على لعب دور الملقنة نتيجة الانشغالات الكثيرة التي يفرضها العمل الخارجي أو أشغال منزلية لا تنتهي، لتسيطر التكنولوجيا على وقت أخريات يتركن أبنائهن للتلفاز أو في وحدة تكون سببا في تأخر النطق الذي يحذر الأخصائيون من انتشاره الرهيب في السنوات الأخيرة بالجزائر.
أن تجد طفلا يعاني تأخرا في النطق، أو التمكن من التلفظ بكلمات مفهومة في الوقت المحدد، بات أمرا مسجلا بكثرة، حيث تستقبل عيادات العلاج الخطاب ببلادنا، حالات كثيرة، و غالبا ما يتعلق الأمر بأطفال تجاوزوا سن السادسة، و للأسف، فإن الأولياء لم يكتشفوا المرض إلا عند التحاق ابنهم بالمدرسة.
أولياء لا يكتشفون مرض أطفالهم إلا بدخولهم المدرسة
و تؤكد بعض الحالات ممن التقتها «النصر» في إحدى العيادات الخاصة، بأنها اكتشفت متأخرة تأخر ابنها عن النطق السليم، فغالبا كما تقول السيدة سامية بأن ابنها سامي ذو الـ6 سنوات ما يلتزم الصمت، و يكتفي بالرد بالإشارة أو بعبارتي نعم أو لا، غير أنها لم تعر ذلك اهتماما، و هو ما أوصلها إلى أمر تصفه بالأخطر عند التحاقه بالمدرسة التي كشفت العيب بفضل الأستاذة التي نصحت عرض الطفل على أخصائي للعلاج باعتباره ليس عاديا.
و إن كان هذا حال السيدة سامية، فأخريات يؤكدن أنهن اكتشفن التأخر في سن مبكرة، و قررن التكفل بأطفالهن قبل بلوغ سن التمدرس أو الالتحاق بالروضة، في حين تؤكد مصادر مطلعة بقاء الكثير من الأطفال مع معاناة التلعثم في الكلام إلى سن متأخرة قد تصل مرحلة الشباب نتيجة عدم التكفل بالحالات في الوقت اللازم.
أمهات منشغلات بالوظيفة و أخريات تلهثن خلف أشغال منزلية لا تنتهي
و يحذر الأخصائيون في علاج الخطاب من التنامي الرهيب للظاهرة في السنوات الأخيرة، حيث تؤكد المعالجة حمزة عبلة حرم ليزلي، بأن من بين 10 إلى 15 طفلا، نسجل حالة تأخر في النطق، و هي نسبة تصفها بالخطيرة مقارنة مع السنوات الماضية، حيث ترجع الأسباب بالدرجة الأولى إلى انشغال الأمهات بالعمل المنزلي الذي لا ينتهي، أو خارج البيت مع ترك أطفالهن لدى مربيات لا يقمن بالتحدث للأطفال، الأمر الذي يؤخر تلقي الخطاب و اكتسابه لدى شريحة يشكل هذا الأمر النقطة الأساسية في التواصل معها و ربطها بعالمها الجديد.
الأخصائية التي تستقبل عددا كبيرا من الحالات بعياداتها، حذرت الأولياء من الظاهرة، و دعتهم إلى التواصل المستمر مع الأطفال، متحدثة عن سبب آخر أرجعته إلى التدخلات العائلية التي غالبا ما تكون سبب تأخر العلاج نتيجة التصريح بأن الأمر عادي و بأن الطفل مثل والده أو أحد أفراد عائلته الذين تأخروا في الكلام خلال طفولتهم، غير أن الواقع قد يخفي أمورا أخرى أخطر من تأخر النطق بحسب قولها.
الجلوس مطولا أمام التلفاز و الرسوم المتحركة الصامتة تحرم الأطفال من الكلام
و تضيف المختصة حمزة في حديثها حول الأسباب، بأن العولمة و التطور التكنولوجي السريع، فوسائل الإعلام و الاتصال كما تقول، تعتبر عاملا مساهما في الإشكال الذي يصيب الذكور أكثر من الإناث، فالكثير من الأمهات تتركن أبنائهن وقتا طويلا أمام التلفاز في حين يفترض عدم تجاوز نصف ساعة من الزمن يوميا، كما أن انشغالها بالإنترنت، أو متابعة البرامج التلفزيونية على حساب ابنها، خطر كبير يجعله يتعود الصمت و عدم الدخول في حوار يكسبه لغة يعيش بها لباقي عمره.و تعتبر الرسوم المتحركة الصامتة كتوم وجيري و الفهد الوردي، أخطر رسوم قد تؤثر في لغة الطفل الذي يتعود بمرور الوقت على التعبير الحركي دون استعمال اللغة، فضلا تلك التي تعرض حيوانات غريبة مثلا بعين واحدة أو أشياء غير طبيعية كما تقول الدكتورة حمزة، تخلق تناقضا في ذهن الطفل مع الواقع.
مشاكل الأطفال و كما تؤكد الأخصائية، لم تعد سهلة، و على الأهل التفطن لمواجهتها عبر لعب أدوارهم الأساسية بكل إتقان، خاصة و أن المعلم في الوقت الحالي لم يعد أهلا، كما في السابق للتكفل بكل الحالات و إن تعلقت بالتأخر في النطق أو نقائص أخرى، و لمحاولة وقف زحف الظاهرة، تشدد الدكتورة حمزة على ضرورة التواصل مع الأبناء لإخراج جيل سليم قادر على الاعتماد على النفس في كل أموره الخاصة.
إ.زياري