80 بالمائة من مرضى الصدفية في الجزائر يرفضون الأدوية و يلجأون للعلاج بالقطران
كشف رئيس الجمعية الجزائرية لمرضى الصدفية أحسن بعداش، بأن حوالي 80 بالمائة من المصابين بهذا الداء الجلدي يتجنبون استخدام الأدوية الخاصة بعلاجه، و يعمدون إلى استخدام طرق أخرى يعتقدون بأنها أكثر فعالية، و تقدم نتائج أسرع ، خصوصا مادة القطران الحجري، التي تعد الأكثر استخداما ،رغم ما يشاع حول احتمال تسببها في تحفيز الخلايا السرطانية، كما أوضح المحدث، مشيرا إلى أن آثاره الجانبية غير معروفة ،كون معظم مكوناته الأصلية لا تزال مجهولة.
و أوضح أحسن بعداش، أن غالبية المرضى أصبحوا يفضلون استخدام الطب البديل، رغم تضارب الآراء حول منافعه، خصوصا في ظل غياب مختصين في هذا المجال بالجزائر، إذ يتجنبون استعمال الأدوية المعروفة لعلاج هذا المرض، كونها تتطلب سنوات من المواظبة من أجل الحصول على نتائج إيجابية و بروز تحسن بسيط ، كما يفضلون عدم أخذها بسبب مضاعفاتها الجانبية التي تؤثر مباشرة على الجلد و العظام.
الصدفية أو ما يعرف علميا بـ ‘’بسوريزيس’’ و هو مرض جلدي مزمن ،يتميز بظهور بقع حمراء تغطيها قشور ذات لون فضي، ولها أحجام مختلفة وتظهر غالباً على مختلف أعضاء الجسم، و تخلف حفرا في الجلد وتغير اللون، كما تحدث خللا في نمو و استبدال الجلد ، أصبحت تنتشر بقوة بين الجزائريين ، حسب ما أكده المتحدث، و ذلك بسبب العشرية السوداء و ما عرفته من توترات، قال بأنها انعكست سلبا على نفسية الجزائريين، و هو ما ضاعف نسب الإصابة بهذا المرض ، على اعتبار أن القلق و التوتر يعدان من بين أبرز أسبابه المعروفة إلى حد الآن.
ذات المصدر أشار إلى أن 2 إلى 3 بالمائة من الجزائريين، يعانون من هذا المرض أي ما يعادل مليون شخص أو أكثر، و قد أصبحوا، كما أكد، يركزون في علاجهم على مادة القطران ، و يضطرون لطلبها من السعودية و بريطانيا و تونس، من وسطاء مقابل 17 ألف دينار للتر الواحد، كون تسويقها في الجزائر جد محدود، و لا تباع إلا بكميات قليلة لدى بعض محلات بيع الأعشاب الطبية،و طاولات الباعة الأفارقة بالأسواق.
و يستعمل القطران أحيانا ، استنادا إلى وصفات يقدمها الأطباء لمرضاهم ، كعلاج مكمل للمرضى،حيث يتم خلطه ،بنسب متساوية مع مادة «الإيثانول» الكحولية أو مع الماء، و يتم استخدامه إما كمرهم أو لدى الاستحمام ، إذ يساعد على تخفيف الحكة، و الحد من هيجان الصدفية. غير أن الإشكال الذي يطرح، حسب رئيس الجمعية الجزائرية لمرضى الصدفية أحسن بعداش، يكمن في اعتماد غالبية المرضى عليه بشكل كبير كبديل للأدوية، بسبب اليأس ،كون المرض يطرح إشكالا نفسيا بالنسبة للكثيرين ، خصوصا فئة النساء، اللائي يعانين اجتماعيا و مهنيا ، ما يدفع بهن للبحث عن حلول سريعة، و التمسك بأي حلول يعتقدن بأنها مجدية أكثر.
كما أكد أحسن بعداش، بأن دور الجمعية حديثة النشأة، يتمحور أساسا في التركيز على دعم الدراسات الخاصة بعلاج هذا المرض، الذي لا يزال غامضا إلى غاية اليوم ، و إزالة اللبس حول إمكانية علاجه نهائيا، و كذا استخدامات بعض المواد ،كالقطران و غيره.
من جهتها أوضحت الدكتورة يامنة سخار ، أخصائية الطب الداخلي و عضوة بالجمعية الجزائرية لمرضى الصدفية، بأن علاج القطران لا يشكل أي خطر على الصحة، مشيرة إلى عدم توفر أية دراسات علمية دقيقة، تؤكد وجود علاقة بين القطران و الإصابة بالسرطان، بل على العكس يعتبر القطران من بين المكملات العلاجية المساعدة، خصوصا بالنسبة للحالات التي تعاني من انتشار محدود للصدفية على مستوى بعض الأعضاء كالقدمين أو اليدين و الأظافر.
الأخصائية أكدت من ناحية ثانية، بأن استخدام القطران لا بد و أن يستند إلى توجيهات طبية، حتى يقدم النتائج المطلوبة، لأن الاعتماد عليه قد يكون غير ناجع، بالنسبة لحالات الصدفية الحادة. مضيفة بأن الأدوية تبقى ضرورية ،و أكثر ضمانا ،على اعتبار أن الدراسات المتوفرة إلى غاية اليوم، ترجح وجود علاقة بين حدوث مشاكل في جهاز المناعة و الإصابة بهذا المرض، خصوصا و أن بعض المرضى يتجنبون تناول الأدوية، بسبب جهلهم لمصدر المرض و الخوف من مضاعفاتها الجانبية ، على اعتبار أن هذه الأدوية من نوع «الكورتيكوييد»، و يؤدي الإكثار من تعاطيها إلى الإصابة بمشاكل أخرى في مقدمتها ترهل الجلد ،و هشاشة العظام.
كما طرحت الدكتورة سخار ، إشكالية نقص الأطباء المختصين في علاج مثل هذه الأمراض النادرة في الجزائر، إذ يعد غالبية أطباء الجلد أو الطب الداخلي ذوي تكوين عام، و لا يركزون بشكل كبير على البحث في مثل هذه التخصصات.
إضافة إلى ذلك فان العديد من المرضى يضطرون للتنقل إلى الخارج من أجل العلاج عن طريق الطب البديل،أو العلاج بالأعشاب، بسبب غياب هذا التخصص في الجزائر، بالرغم من نتائجه الإيجابية.
مرضى كثيرون أوضحوا لنا، بأنهم يضطرون للبحث عن أي علاج بديل متوفر، حتى و إن كانت احتمالات الشفاء ضئيلة ، حيث أكدت السيدة مريم . ط ، إلى أن معاناتها مع المرض لا تتوقف عند الحكة المستمرة، و الألم و التوتر الدائم، بل تتعدى ذلك، إلى المعاناة النفسية، فالصدفية عبارة عن طفح جلدي يشوه صورة المريض بشكل واضح، و يجعله عرضة لنظرة مجتمع لا يستوعب طبيعة المرض و كونه غير معد.
محدثتنا أسرت إلينا بأنها استعملت القطران كعلاج لمدة أربع سنوات تقريبا، غير أنها لم تلاحظ أي نتيجة تذكر ما عدا كونه يساعد على تخفيف الحكة، لذلك توقفت عن استخدامه وعادت للاعتماد على الأدوية، في انتظار ما قد يقدمه الطب مستقبلا.
هذا نفس موقف السيد نبيل، فعدم معرفة الأسباب الحقيقية للإصابة بالمرض، و تأخر إيجاد علاج نهائي له يعقد حياة الكثير من المرضى، ما يدفعه للبحث عن بدائل مختلفة طلبا للراحة النفسية قبل الجسدية.
نور الهدى طابي