الدروس الخصوصية قضت على مجانية التعليم و المدرسة العمومية بدأت تفقد المعركة
• وزارة التربية تريد تعميم الطور التحضيري لتحسين مستوى التلاميذ
دعا خبراء وأكاديميون، لمراجعة المناهج البيداغوجية لتحسين مردودية قطاع التربية، وركز المتدخلون في أشغال اليوم الأول من الندوة الوطنية لتقييم إصلاح المدرسة، على ضرورة معالجة الاختلالات التي تعيشها المدرسة الجزائرية، لتحسين مستوى التلاميذ و وضع حد لظاهرتي التسيب والتسرب المدرسي، كما طالبوا بإبعاد المدرسة عن التجاذبات السياسية والخطاب المتطرف، وقال متدخلون بأن ظاهرة الدروس الخصوصية قضت على مجانية التعليم بالجزائر.
أكد فريد بن رمضان، المكلف بالدراسات على مستوى الوزارة، في مداخلته التي تركزت حول «إعادة التأسيس البيداغوجي»، بان التحدي الذي تواجهه المدرسة الجزائرية هو «تحدي النوعية» وتحسين مردودية القطاع، مشيرا بان المدرسة الجزائرية تعاني من عدة مشاكل مرتبطة أساسا بتمدرس الأطفال، على غرار ارتفاع نسبتي التسرب والرسوب في الطور الثانوي، وارتفاع نسبة معيدي السنة في السنتين الأولى والثانية ثانوي. كما بلغت نسبة الإعادة في السنة الثانية حسب إحصائيات الوزارة ما بين 8 إلى 10 بالمائة من عدد التلاميذ، وقال بن رمضان، بان إعادة السنة بالنسبة لتلاميذ الطور الابتدائي يعد بمثابة «ترسيخ للفشل في ذهن التلاميذ».
وقال مسؤول الوزارة، بان نسبة التمدرس خلال السنة بالجزائر يعد الأضعف والأقل بالمقارنة مع الدول الأخرى، التي يصل بها معدل التعليم في السنة إلى 38 أسبوعا، بينما لا تتجاوز هذه المدة في الجزائر 32 أسبوعا، وقال بان مجموع ساعات التدريس في الجزائر هي اقل بكثير عن المؤشرات العالمية، وارجع ذالك إلى عدة عوامل، منها عدم احترام الزمن المخصص للتدريس، الدخول المدرسي المتأخر، يضاف إليها الإضرابات والمشاكل السياسية التي تعرقل السير الحسن للعام الدراسي. وأضاف بان معدل دراسة التلميذ الجزائري خلال السنوات الماضية تراوح بين 24 إلى 26 أسبوعا في السنة.
إلى جانب النقص المسجل في مدة التدريس السنوية، أشار مسؤول الوزارة، إلى المشاكل الأخرى التي يواجهها التلاميذ، ومنها عدم تحكم التلاميذ في المفاهيم الأساسية، ما يدفع بالكثير من الأولياء إلى خيار الدروس الخصوصية، مشيرا بان هذه الدروس مست بشكل أو بأخر بمجانية التعليم، الذي يعد احد المبادئ الأساسية للمدرسة الجزائرية، مضيفا بان المدرسة الجزائرية خسرت المعركة أمام الدروس الخصوصية، مشيرا من جانب أخر إلى المشاكل الأخرى التي تواجهها المدارس على غرار الاكتظاظ، والتأخر في انجاز وتسليم المنشآت التربوية. إلى جانب ضعف المستوى في الجانب العلمي والرياضيات، وهو ما يبرزه نفور التلاميذ من الإقبال على الشعبتين، حيث لا تتجاوز النسبة 11 بالمائة في الجزائر مقابل 30 بالمائة بالدول الأخرى. ودعا المتحدث إلى مراجعة البرامج والكتب المدرسية، من خلال التركيز على الوجاهة ومدى تطابقها مع الواقع، مشددا على ضرورة إبعاد الأفكار المتطرفة عن محتوى البرامج والكتب المدرسية.
من جهته، اعتبر نجادي مسقم، المفتش بوزارة التربية، بان الطور التحضيري يشكل القاعدة الصلبة التي يمكن من خلالها تطوير المدرسة الجزائرية، وشدد على ضرورة تعميم الطور التحضيري عبر كامل التراب الوطني، كي تجعل الطفل جاهزا للسنة الأولى من التعليم الابتدائي، مشيرا بان المدرسة الابتدائية هي الطور الذي يسمح للتلميذ بالتحكم أكثر في المفاهيم الأساسية للتعليم، ودعا إلى ضرورة الانتقال من مرحلة التلقين على تدريس المعارف، وأعلن عن اعتماد كتاب موحد للطور الابتدائي في السنتين الأولى والثانية بداية من الدخول المدرسي 2016/2017.
وتهدف الندوة التي تدوم يومين إلى تقييم المحاور الكبرى لعملية إصلاح المنظومة التربوية التي شرع فيها سنة 2003 وذلك على ضوء مختلف التحولات التي عرفتها المدرسة الجزائرية. وسيعكف المشاركون (قرابة ال 800) من أكاديميين وممتهني التربية وكذا خبراء جزائريين وأجانب ضمن عشر ورشات عمل على مناقشة محاور تتصل بتقييم نتاج الإصلاح الذي تميز بتخرج أول دفعة من حملة شهادة البكالوريا لسنة 2015 .
ويسعى المنظمون إلى وضع تصور شامل للمدرسة الجزائرية وتوجيهها نحو متطلبات الجودة والشفافية والتنافسية العلمية والبيداغوجية وتحقيق بالتالي الإستقرار في قطاع التربية من خلال إعتماد مسلك لأخلاقيات المهنة. ويستند هذا المسعى إلى «الإختلالات والثغرات» التي تمت ملاحظتها في المنظومة التربوية, حيث من المنتظر أن تقوم الندوة ب»التعمق» في كثير من الأحكام التي تضمنها القانون التوجيهي للتربية الوطنية لسنة 2008 وإعادة تصويب بالتالي النظام التربوي وتأسيسه على مؤشرات النوعية.
أنيس نواري