الماشطة...حرفية "الجمال" التي لا تتنازل عنها حتى أفقر عروس عنابية
بحقائب ثقيلة، تتنقل بين البيوت و قاعات الأفراح، حاملة تقاليد الجزائر و حرفة تزيين خاصة بالعرائس ورثتها عن الأجداد، يمهد لها الطريق قبل وصولها، و تفتح لها الأبواب باعتبارها الضيف الأكثر أهمية لدى العروس العنابية، ومهما بلغت الأسعار عنان السماء، فغيابها عن العرس العنابي عار على جبين العروس و أسرتها، قبل أن تتخطى شهرتها حدود الولاية و تصل إلى كل شبر من الجزائر.
الماشطة، حرفية الجمال، مهنية في معركة اخراج العروس في أبهى حلتها، و ارضاء مدعوين لا يتطلعون لغير مشاهدة العروس بتصديرة تقودها ماشطة عنابية الأصل، تحرص على الباس عروسها أرقى و أجمل الملابس مع اكسسوارات تقليدية و مكياج يبرز جمال العروس و يجعلها الفرد الأكثر تميزا في هذه الليلة.
و إن كانت حرفة الماشطة قديمة قدم الأجداد بولاية عنابة، فإنها باتت اليوم أكثر شهرة و طلبا من ذي قبل في العرس العنابي و خارجه، بحسب ما تؤكده الماشطة العنابية “بن مكروهة روبيلة”، التي تمارس المهنة منذ أزيد من 15 سنة، بعد أن ورثتها عن عائلة مارستها طوال العقود السابقة.
عروس من دون ماشطة عار بعنابة
فالحرفة كما تقول روبيلة عنابية الأصل، و بعد أن كانت مهمتها تكمن في التنقل إلى بيت العروس أياما قبل العرس، فقد انتقل عملها اليوم إلى قاعات الأفراح، أين تتنقل بتجهيزات خاصة و مميزة، طابعها الأناقة مع المزاوجة بين الأصالة و العصرنة في أزياء تظهر بها العروس لوقت قصير و هي تتنقل بين طاولات القاعة.
و إن كانت تسعيرة الاستعانة بماشطة في القديم معقولة بالنظر لنوعية الألبيسة التي تزين بها عروسها، فإنها اليوم ارتفعت بحكم نوعية الألبسة و الاكسسوارات، و اليت تقول الماشطة روبيلة بأنها من تتحكم في الأسعار، فمن تريد كل شئ و نوعية جيدة عليها تحمل المصاريف، و من ترغب في البسيط فلها ذلك، و هي عوامل باتت تضع الأسر المحدودة الدخل و الفقيرة أمام هاجس دفع مصاريف الماشطة.
و يعتبر العنابيون عروسا بدون ماشطة عار عليها و على أسرتها، فحتى الفقيرة مجبرة بالاستعانة بها و إن كان لليلة واحدة لأجل التباهي أمام أهل الزوج، و حتى إن ارتدت لباسا واحدا أو إثنين، فذلك يعتبر كاف لتكميم أفواه من لا يفوتون الفرص لتوجيه انتقاداتهم نحو العروس و عرسها.
الماشطة العنابية تخرج من محيطها و تصل بالوسط و الجنوب
أصل الماشطة و إن كان من ولاية عنابة، فجودة عملها و اعتنائها بعروسها، زاد من شهرتها، لتصبح ضرورية في الولايات المجاورة لها أيضا كقالمة، سوق أهراس و سكيكدة، غير أنه و في السنوات الأخيرة امتد نشاطها إلى ولايات أبعد لاعجاب سيدات من ولايات أخرى بعملها، بتن يطلبنها لتزيين أفراحهن.
و تقول الماشطة روبيلة بأنها رافقت عراس من ولايت قسنطينة، واد سوف، الجزائر العاصمة و حتى تيزي وزو، لعرائس طلبن حضروها لاضفاء لمستها الخاصة عليهن ليلة زفافهن و الجمع بين لباس “الشاوشنا و الدلالة” و اللبسة بالقرن العنابية، و بين ألبسة تقليدية خاصة بمنطقتها.
الشدة التلمسانية تدخل حقيبة الماشطة
تصديرة الماشطة و إن كانت تقتصر على اللباس العنابي الأصيل، بداية من لباس الحمام بالقبقاب، و وصولا إلا الشاوشنا و الدلالة و قندورة الكوكتال، فهي اليوم باتت فسيفساء تصنعها الأبسة تقليدية لمختلف أنحاء الوطن، فدخلت الجبة القبايلية و حتى القفطان المغربي الذي اصبح ضروريا في تصديرة الماشطة.
و يؤكد الماشطة روبيلة، بأن حرص العروس على تميزها يوم زفافها، دفع بالكثيرات لطلب الظهور بالشدة التلمسانية، ما دفعها لجلبها من تلمسان، لتصبح ضمن مجموعة العروس الأكثر ضرورية و تميزا، ما يرفع من تكلفة استئجار هذه الألأبيسة و الاستعانة بالماشطة التي تاراوح بين 4 ملايين و تصل إلى 10 ملايين سنتيم بحسب عدد الأبسة و نوعها، ما أكدته لنا احدى العرائس رقية التي استعانت بالماشطة التي اللبستها لباسين فقط مقابل 4 ملايين سنتيم. و مهما اختلفت التسميات و الوسائل المستعملة أو الألبسة، تبقى للماشطة مكانتها في العادات و التقاليد الجزائرية رغم أنها تخفي أملا في التعريف بالحرفة على نطاق أوسع و الوصول إلى العالمية كما تتمنى نبيلة، و إن غابت عن العرس الجزائري، فإن العروس تبقى عروسا بحيائها و إن لم ترتد كل هذه الأبسة.
إ.زياري