مسرح "عز الدين مجوبي" ينفض الغبار عن حياة الراحلة بقار حدة
قدم المسرح الجهوي “عز الدين مجوبي” لمدينة عنابة مساء أول أمس العرض الشرفي الأول لمسرحية “حدة يا حدة “ على ركح المسرح الجهوي لقسنطينة، في إطار فعاليات تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية . تناول العمل الجوانب الإجتماعية الفنية و النضالية من حياة الفنانة الراحلة “ بقار حدة “.
نفضت مسرحية “حدة يا حدة “ لمسرح عز الدين مجوبي، الغبار عن حياة الفنانة بقار حدة، حيث ركز كاتب القصة و المخرج ، على الجانب النضالي من حياتها، و كيف أنها أحبت الفن و عشقت الغناء منذ صغرها فبرزت و تحدت الأعراف و التقاليد التي تمنع جهر المرأة بصوتها في مجتمع رجولي، كما أبرز العمل بطولات حدة الثورية و كيف أنها كانت تشارك في العمل النضالي مستخدمة صوتها في إعلام المجاهدين بوجود المستعمر.
المسرحية كشفت أيضا عن الجانب الاجتماعي و العاطفي في حياة حدة و كيف أنها أحبت و عشقت زوجها إبراهيم بن دباش و تعلقت به إلى درجة أنها طلقت الحياة و اعتزلت الناس بعد موته، إلى آخر يوم في حياتها.
القصة بدأت من طفولة حدة، و لخصت ما عايشته من مراحل صعبة كمعاناتها مع أهلها و مجتمعها الريفي المحافظ و ظلم المستعمر و قساوة الظروف الاجتماعية ومعاناتها مع الجوع و الفقر، حيث ساهم كل ذلك في تشكيل شخصية صامدة متحدية، حكيمة و واعية منذ صغرها، قبل أن ينتقل العمل إلى إبراز موهبة حدة في الغناء التي اكتشف أهلها و سكان عشيرتها موهبتها مبكرا، حيث كانت تحفظ قصائد كبار الشعراء و تؤديها بفصاحة أدهشت جميع من سمعها، لتنتقل المسرحية إلى مرحلة شباب حدة التي برزت فيها بين أقرانها من خلال أدائها المتميّز و القوي في الأعراس و الأفراح.
و من أهم المحطات التي توّقفت عندها المسرحية في حياة الفنانة بقار حدة، حياتها العاطفية بعد التقائها بعازف الناي إبراهيم الذي أحبها و عشق صوتها، فطلبها للزواج، و كان بعد ذلك سندها في الحياة، حيث شجعها على الغناء و الفن، رغم نظرة المجتمع.
و أظهر العمل شجاعة حدة في مواجهة الاستعمار فلم تكن تخشى جنود فرنسا، و كانت تصدح بصوتها لتحذر المجاهدين من كمائن الجيش الفرنسي، لكن المرأة الشجاعة تفقد كل قدرة المقاومة و التحدي بفراق سندها في الحياة، زوجها الذي تستسلم بعد رحيله و تغادر في هدوء، فينساها الناس و تعيش تعيسة لآخر أيامها.
المسرحية أداها مجموعة من الممثلين، معظمهم من الشباب، و قامت بدور البطولة الممثلة ليديا لعريني، التي أبدعت في أداء بعض أغاني حدة ببراعة، فيما تم اختيار مجموعة من أغانيها الشهيرة بما يتناسب مع أحداث العمل و مشاهده، أما الديكور فكان بسيطا، بساطة حياة البدو، لكنه تمكن من نقل الجمهور إلى البيئة التي عاشت فيها حدة، خاصة من خلال اللباس التقليدي لتلك الفترة.
مخرجة العمل السيدة صونيا، قالت أنه كان من الصعب جمع 60 سنة من الإبداع الفني و النضال الاجتماعي و الثوري في 45 دقيقة من العرض، لذلك فضلت التركيز على مقتطفات قوية من حياة الراحلة، فيما أكد المؤلف جلال خشاب أنه اعتمد في مراجعه على أشخاص عايشوا و عرفوا حدة الفنانة و الإنسانة.
عبد الرزاق.م