أطـــراف وراء تخريب التراث الثقــافي العربي للمتـــاجرة بذاكرة الشعــوب
وصف الباحث و الأمين العام المساعد لقطاع الآثار و المتاحف و الشؤون الهندسية في المجلس الوطني للثقافة و الفنون الكويتي، الدكتور شهاب عبد الحميد الشهاب، في حوار جمعه بالنصر، على هامش فعاليات الأسبوع الثقافي لدولة الكويت بقسنطينة عاصمة الثقافة العربية، ما تعيشه المنطقة العربية حاليا بالسقوط الثقافي الناتج عن الفوضى و الأزمات الأمنية التي تتخبط فيها بعض الدول، ما يستدعي حسبه دق ناقوس الخطر لمواجهة تأثيرات الصراع على التراث الثقافي الإنساني بالمنطقة، بعدما تحول إلى أداة في يد إرهابيين
و منظمات و أطراف تتعامل معه كسلعة للمتاجرة في ذاكرة الشعوب و هويتها.
و دعا الباحث شهاب الشهاب المدير السابق لإدارة الآثار و المتاحف في دولة الكويت، إلى ضرورة تكافل الجهود العربية سواء الرسمية أو الجمعوية لحماية الموروث الثقافي الإنساني ، الذي يتعرض جزء منه للتدمير بسبب حروب همجية تتحكم في غوارها جماعات وصفها بالمجنونة.
الباحث أشار، إلى أن قضية الاعتداء على المواقع الأثرية و تدميرها أثيرت مؤخرا خلال ملتقى احتضنته القاهرة قبل شهرين، تحت شعار التراث الثقافي تحت النهب و التدمير، شاركت فيها هيئات دولية و عربية، أين طرح السؤال حول خلفيات هذا التعدي على التراث الإنساني، الذي بدأ من أفغانستان ووصل إلى المنطقة العربية بسبب النعرات التي تعيشها حاليا، و من يقف خلف ذلك، وهل هي حملة ضد الثقافة يغذيها التطرف، أم أنها عملية تهدف لإثارة الآخر و استقطاب الاهتمام، أو ما إذا كان نشاطا تقف خلفه أطراف تتاجر في الآثار و هوية الشعوب، مضيفا بأن مهمة حماية التراث بمختلف مقوماته هي مسؤولية المواطن العربي و المجتمع المدني بقدر ما هي مهمة قطاعات رسمية، قال بأنها تقوم بما يجب لتثمين ما هو موجود.
الدكتور شهاب الشهاب عالم الآثار الكوتي، تطرق إلى أهمية الانفتاح على ثقافة الآخر و مشاركته في مهمة تسجيل و حفظ التراث، مطالبا بتجنب التعامل معه كملكية خاصة كي لا نكرس للانعزال، على حد تعليقه، مضيفا بأنه من غير المنطقي إخفاء التراث الإنساني أو الاستفراد به.
مقابل ذلك يري الباحث بأن السبيل الأمثل للحافظ عليه و ترقيته، يكون عن طريق ضبط استراتيجة شاملة بعيدة المدى، لا ترتبط بالأفراد بقدر ما تعد مشروع دولة، ينطلق أساسا من إعطاء مساحة أكبر للتراث في المجال التعليمي و التربوي لتكريس هذه الثقافة لدى الفرد و جعلها جزءا من شخصيته، فضلا عن إنشاء خارطة رقمية لتسجيل التراث و مراكز لتوثيقه و نقله للأجيال، و استغلاله لتقديم أعمال فنية و مسرحية و إخراجه من دائرة التدريس الأكاديمي.
من جهة ثانية أشار الدكتور شهاب إلى أن إشكالية الثقافة و التراث في العالم العربي، تكمن في غياب منظومة تعرف كيف تقدم هذه المادة لأفراد المجتمع، مشيرا إلى أهمية تطوير دور المتاحف و تقديمها كجزء من نظام اقتصادي و ليس كمفردة، وذلك من خلال بناء مجمعات ثقافية متكاملة، تحافظ على المباني التاريخية و لا تطوعها إلى متاحف تعمل وفق نظام السجون، بل تقدمها كمراكز منتجة، بتوسيع مجال تخصصها لمتحف الطفل و متحف خاص بذوي الاحتياجات الخاصة.
كشف الدكتور شهاب عبد الحميد الشهاب عن مقترح قدم منذ حوالي السنتين لإنشاء مركز عربي للدراسات الأثرية يكون مقره الجزائر، مؤكدا بأن المشروع طرح خلال لقاءات عربية عديدة لمناقشة واقع الثقافة و التراث الإنساني العربي، غير أنه لم ير النور إلى غاية الآن، ،حيث من المقرر حسبه، أن تعقد منظمة “أليسكو”، اجتماعا قريبا ، لمناقشة إعادة بعث المشروع، مؤكد بأنه سيكون مرصدا علميا هاما لتوثيق مساهمات المنطقة العربية و شمال إفريقيا و صناعة الحضارة الإنسانية.
وكان الباحث قد قدم خلال مشاركته في فعاليات الأسبوع الثقافي الكويتي في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، محاضرة حول جهود دولة الكويت في الحفاظ على التراث الثقافي، تطرق خلالها إلى الجهود الكويتية المبذولة للحفاظ على التراث بجميع مفرداته كجزء من التراث الإنساني و الهوية الوطنية، و آليات استرجاع الممتلكات الثقافية الموجودة في الخارج.
كما عرفت المحاضرة تقديم تفاصل حول جهود إعادة تأهيل المتاحف ، و العمل على تنفيذ رؤية مستقبلية لها، فضلا عن استرجاع الممتلكات و التعاون مع المنظمات الدولية للحفاظ على التراث الثقافي .
حاورته : نور الهدى طابي