حرم الإرتفاع الكبير لأسعار كراء الشقق والسكنات الفردية غير المكتملة ، أبناء الجنوب من التصييف في بلدية عين عبيد ولاية قسنطينة ، هذه الصائفة على غير العادة منذ سنوات طويلة جدا ، غاب أبناء الجنوب وغابت معهم مظاهر السهرات في الهواء الطلق حول كؤوس الشاي ، وكذا تواجدهم المميز في الأسواق والمقاهي وفي المساجد ، قال لنا أحدهم أن حوالي مئة أسرة كانت تحط الرحال في المنطقة ، قررت تحويل وجهتها إلى ولايات أخرى هذه السنة ، تحت ضغط التهاب أسعار الكراء.
بهذا الشأن أوضح لنا أحد المقربين منهم ممن كان يساعدهم في العثور على شقق ، أن الإرتفاع الكبير في الكراء جعل أبناء ورقلة والجلفة ، وبسكرة ومن أقصى الجنوب يحلون وجهتهم إلى ولايات مجاورة إبتداء من باتنة ، لأن هؤلاء يفرون من لفيح الحرارة الذي لا يطاق في المضارب التي يتوافدون منها ، وفي ظل قلة العرض وإرتفاع الطلب وصل الأسعار إلى ما بين مليونين وثلاثة ملايين مما أثقل كاهلهم ، وجعل قضاء شهرين في التل يرهق ميزانية فئة واسعة منهم ، وهذا ما جعلهم يحجمون على ذات المغامرة.
هذا وقال لنا بعض التجار أن رواد ذات السياحة الداخلية ، كانوا يساهمون بشكل كبير ، في تطوير الفعل التجاري جراء كثرة إستهلاكهم للخضروات والفواكه التي تنضج صيفا ، تأثرا بسعرها المقبول ونوعيتها الطازجة مقارنة بما يصلهم هناك ، فيما لا تصلهم أخرى على غرار التين الشوكي ، وأنواع الفلفل الذي يكثرون من إستهلاكه بإعتباره مكونا أساسيا لمخلف أطباقهم وعلى رأسها المحجوبة التي تعد بطريقة لا علاقة لها بما تقدمه مطاعمها في قسنطينة.
في ذات الصدد قال لنا أحد الحلاقين في وسط المدينة أن غياب أبناء الجنوب حدّ من مدخوله ، على إعتبار أنه كان خلال فصول الصيف الماضية ، يحرر يوميته قبل الثامنة صباحا ، وهو الوقت الذي أصبح يفتح فيه محله هذه السنة ، في غياب تلك الفئة المبكرة التي كانت من أهم زبائنه ، وهي نفس معاناة بعض التجار الذين يسوقون البن الغير المحمص ، وقد ركد ما أحضروه من كميات تعودوا تسويقها صيفا ، على إعتبار الرحل وحدهم من يستهلك هذا النوع من البن ، وبذلك يظهر مدى تأثر المنطقة بهذا الغياب الذي يعود إلى عشرات السنين ، أين كان سكان الجنوب يأتون للتصييف في الخيام والعمل في الحقول رحلا ، ومع تغيير نمط حياتهم إختفت ذات المظاهر ، وحافظوا على وصالهم بطرق أخرى حديثة ويبدو أن الغلاء الفاحش في الكراء ، قطع رباط ذات الوصل هذه الصائفة.
وللإشارة دفع أبناء الجنوب خلال هجومات 20 أوت 1955 الثمن غاليا في رحلة الصيف نحو الشمال ، بعد أن قلت فرنسا منهم المئات ، بينما كانوا في معسكرهم قريبا من محطة القطار ينتظرون عرباته.
ص.رضوان