أبرز أمس، أساتذة جامعيون في الملتقى السنوي للشيخ مبارك الميلي بميلة، أن العلامة كان له دور كبير في الحفاظ على الهوية الوطنية، حيث وقف في وجه الاستعمار الفرنسي الذي كان يحاول طمسها بشتى الطرق، كما أشاروا إلى أهمية الخطاب المسجدي في تعزيز الهوية الوطنية والانسجام والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد، فضلا عن مواجهة الأفكار الهدامة للمرجعية الدينية.
خلال الملتقى السنوي للشيخ العلامة مبارك الميلي، المنظم من طرف مديرية الشؤون الدينية والأوقاف المحلية، بقاعة المحاضرات الكبرى بديوان الولاية، تحت شعار «دور الخطاب المسجدي في تدعيم قواعد المرجعية الدينية وتعزيز الهوية الوطنية»، أكد مسعود بريكة أستاذ التاريخ من جامعة سطيف 2، خلال مداخلته، «الوطنية في فكر الشيخ البشير الإبراهيمي» أن العلامة مبارك الميلي وقف سدا منيعا في وجه الاستعمار الفرنسي الذي حاول تدمير عناصر الهوية الوطنية، على غرار تحويل المساجد إلى كنائس والقضاء على اللغة العربية، فضلا عن تزوير التاريخ من خلال نشر الأفكار التدميرية والمغالطات التي كانت تنشرها فرنسا الاستعمارية، وهو ما رد على إثرها المفكر مبارك الميلي الذي يعد من أوائل المؤرخين في جمع وكتابة تاريخ الجزائر بكتابه بعنوان تاريخ الجزائر في القديم والحديث، حيث حاول ترسيخ فيه فكرة جغرافية الجزائر، وثرواتها وتاريخ الجزائر انطلاقا من قبل الميلاد ومقاومة الجزائريين للغزو الروماني والبيزنطي والولداني ثم الفتح الإسلامي، ثم الفترة العثمانية إلى غاية الاستعمار الفرنسي لكي يثبت للمستعمرين الفرنسيين أن هناك أمة اسمها الجزائر، وقد قال فيه ابن باديس يضيف ذات المصدر، إن مبارك الميلي أحيا الجزائر كلها بهذا الكتاب، ووقف في وجه المشروع الفرنسي في تغريب تاريخ الجزائر وجغرافيتها.
ومن جانبه أوضح الأستاذ مرزوق العمري من جامعة باتنة، في مداخلته «جهود علماء الجزائر في خدمة المرجعية العقدية»، أن مبارك الميلي كان مصلحا ورجل دين، حاول الحفاظ على الهوية الوطنية ومواجهة الأفكار الاستعمارية الفرنسية التي كانت تهدف لضرب عمق النسيج المجتمعي، على غرار نشر الأمية والتجهيل التي أدت بها إلى إبعاد الجزائريين عن هويتهم الحقيقية، فضلا عن الأفكار السلبية التي كانت تروج لها على غرار المزارات، ، الزردة، اليمين بغير الله وغيرها من المظاهر يضيف المتحدث التي نهى عنها الشيخ مبارك الميلي وحاربها، قائلا إن الرجل لم يكن مختصا في العقيدة بكل كان مصلحا وعمل على تنوير عقول الجزائريين.
كما تطرق ذات المتحدث، إلى إسهامات العلماء الجزائريين في كتاباتهم العقدية في القديم والحديث على غرار الإمام السنوسي، يحي الشاوي الملياني، الشيخ عبد القادر المجاوي، بالإضافة إلى العلامة مبارك الميلي الذي ترك كتابا مهما في العقيدة تحت عنوان «رسالة الشرك ومظاهره»، حيث كتب بأسلوب متميز وطابع إصلاحي حاول من خلاله خدمة المرجعية العقدية في الجزائر في منحى إصلاحي عام.
فيما قال بدوره حمزة بونعاس، أستاذ بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، خلال مداخلته «مرتكزات الخطاب المسجدي والمرجعية الدينية»، إن العلامة مبارك الميلي، الذي كان متشبعا بالمرجعية الفقهية الدينية لمذهب الإمام مالك، وهي المرجعية الدينية الوطنية للبلاد، حيث كان له دور كبير في توعية الشعب الجزائري من الأفكار السلبية والخطيرة التي كان ينشرها الاستعمار الفرنسي، ودافع دفاعا شرسا للعودة بالجزائر لحظيرة السنة والفقه وقد أفلح في ذلك حسبه، من خلال كتاباته ودروسه المقدمة لأفراد المجتمع. وتطرق محمد العربي شايشي أستاذ بجامعة الجزائر، خلال مداخلته «المرجعية الفقهية الأسس والمعالم»، إلى المرجعية الفقهية، قائلا إنها هي الأمن الفكري للمجتمع الذي يحقق به الوحدة الوطنية ويقوي النسيج الاجتماعي، المرجعية هي الوسيلة حسبه، المؤكدة التي تبنى بها الأوطان والحضارات وهذا لا يتنافى مع تعدد الثقافات وتنوعها، مشيرا إلى مرجعية الجزائر المتمركزة حول مذهب الإمام مالك.
مكي.ب