الخميس 20 فبراير 2025 الموافق لـ 21 شعبان 1446
Accueil Top Pub

العرض الشرفي الأول لفيلم مهندس هجمات الشمال القسنطيني: إبراز للأبعاد الثقافية والفلسفية لشخصية الشهيد زيغود يوسف


قدم مساء أمس الأول، بقاعة أحمد باي بقسنطينة، وعلى مدار ساعتين المركز الوطني للصناعة السينماتوغرافية العرض الشرفي الأول لفيلم "زيغود"، وهو عمل سينمائي عن سيرة ومسيرة مهندس هجمات الشمال القسنطيني الشهيد زيغود يوسف من بطولة علي ناموس وسيناريو حسن تليلاني وإخراج مؤنس خمار، إذ تم من خلاله إبراز الأبعاد الثقافية والفلسفية والإنسانية، لشخصية القائد التاريخي للولاية الثانية.

تغطية : لقمان قوادري

بداية الفيلم، الذي عرف حضورا كبيرا من طرف الأسرة الثورية الوطنية والمحلية فضلا عن العديد من الوجوه الثقافية المحلية، كان بمشهد من سنة 1947 وهو تاريخ انتخابات المجالس المحلية البلدية، حيث كان الشهيد زيغود يوسف واقفا يخاطب سكان بلدته وهو يصف الانتخابات بالمهزلة واللاحدث، إذ انتقد مجاهرا إجحاف السلطات الاستعمارية في حق الجزائريين بعد أن منحتهم حق التمثيل في سبعة مقاعد فقط رغم أن عدد الجزائرين يعد بالآلاف، في حين تم منح المستعمرين 11 مقعدا تمثيليا وعددهم لا يتجاوز 159 مستعمرا فقط، قبل أن تمر دورية من الدرك الفرنسي أمام مكان الاجتماع ويوجه لهم زيغود يوسف نظرات تحمل الكثير من التحدي.
ويتنقل المخرج بعد ذلك إلى مشهد قدوم عنصري مخابرات أحدها اسمه ديديه إلى منطقة السمندو مسقط رأس الشهيد، أين ظل طريقيهما ثم التقيا بالصدفة مع زيغود يوسف الذي كان فوق عربة يجرها حصان، وقد أبرزت المشاهد الموالية بأن المخبر ديديه قد جاء خصيصا لمراقبة نشاط زيغود يوسف النضالي ، حيث تم تقديم عدة مشاهد لكيفية نشاط المخبر وهنا حاول المخرج أن يبرز حالة الارتباك الفكرية لدى عنصر المخابرات، الذي بدا تائها بين حقيقة الوضع الاستعماري، وما يصفه بالمهمة المقدسة وهي خدمة فرنسا العظمى.
وما يلاحظ خلال عرض الفيلم، هو الانتقال بين الأحداث بسرعة وقد برر ذلك المخرج مؤنس خمار، في حديثه لوسائل الإعلام بكثرة المحطات التاريخية وعدم كفاية الوقت المتاح لإبراز كل الأحداث، إذ يتطلب الأمر وفقه، أفلام وأعمال كثيرة، وهو ما دفع بمنتجي الفيلم إلى الاستعانة بالهوامش لتحديد الأماكن والأوقات للتعريف بالأحداث في مشاهد عديدة. وقد تمكن عنصر المخابرات من تفكيك شبكة المنظمة الخاصة والتي كان عددها 20 مناضلا من بينهم زيغود يوسف، الذي تم توقيفه في منزله واقتياده ثم تعذيبه بسجن الكدية بقسنطينة ثم حول بعدها إلى سجن عنابة، أين تمكن من الفرار رفقة 3 من رفاقه وهم أعضاء بحزب الشعب، ثم قام من خلال العملية بحرق أرشيف المحكمة المجاورة للسجن، وهي حادثة لم تكن معروفة لدى غالبية الحاضرين، وفق تأكيد كاتب السيناريو حسن تليلاني.
وقد ظهر البطل الشهيد، في اجتماع 22 بالجزائر العاصمة يوم 24 جوان 1954 ، حيث لم يتم من خلاله إبراز أي دور له فقد كان المشهد عابرا بسيطا اقتصر فيه المخرج على تصوير وجود مجموعة من الأشخاص كما ظهر في مشهد وهو يحاور الشهيد ديدوش مراد ، ليتنقل المخرج إلى مشهد التحضير لليلة الفاتح من نوفمبر، ثم الانتقال إلى ساعة الصفر أين جسد حالة ارتباك المستعمر في تلك الليلة بمشاهد من غرفة التحويل الهاتفي للحاكم العام الفرنسي، أين كانت الموظفة تستقبل المئات من المكالمات والتقارير، التي تتحدث عن هجمات الفاتح من نوفمبر من مختلف مناطق الوطن، قبل أن تنهار لعدم قدرتها على تحمل الضغط و الرد على الكم الهائل من الاتصالات.
وقد تضمن الفيلم مشاهد لمعركة وادي بوكركر التاريخية بتاريخ 18 فيفري 1955، أين سلم الشهيد ديدوش مراد محفظته لزيغود يوسف قبل استشهاده بلحظات في لقطة ترمز إلى انتقال قيادة المنطقة الثانية للشهيد زيغود يوسف، وبعدها يظهر البطل في حوار فلسفي وتاريخي عميق مع جندي فرنسي أسير، يتحدث فيها باسترسال عن الأمة الجزائرية وتاريخها وأمجادها ومقاومتها للمستعمر منذ دخوله إلى الجزائر عبر مقاومة الأمير عبد القادر، ليختم في الأخير حواره مع الأسير بأن فرنسا ماهي إلا فصل صغير من تاريخ الجزائر، وأنها سترحل مرغمة قريبا جدا ، وقد أظهر المشهد الأخير من الحوار أن الأسير قد تأثر بشكل كبير واقتنع بما قاله زيغود.ويحرر الأسير بمناسبة شهر رمضان، حيث حمله الشهيد زيغود يوسف رسالة باللغة العربية من القيادة العليا لجيش التحرير الوطني إلى القيادة العليا للجيش الفرنسي، وهي عبارة عن رسالة تنديد بقصف وقتل الأطفال والشيوخ والأبرياء دون وجه حق ، حيث أكد هنا الكاتب حسن تليلاني بأن هذا المشهد هو حقيقة تاريخية تقدم لأول مرة، وفي مشهد يليه ظهور الأسير، وهو يتحدث عن حسن معاملته من طرف جيش التحرير الوطني ويصرح للقادة العسكريين الفرنسيين، بأنه قد منح قبعته هدية للشهيد وهي القبعة التي طالما ظهر بها البطل في صوره الفوتوغرافية القليلة.
ويجسد المخرج، مشهدا روائيا وهو زيارة الشهيد لزوجته وابنته الوحيدة شامة، حيث أبرز من خلاله اشتياق زوجته إليه وتعبها من غياب زوجها ومن الأخطار المحدقة به في كل مكان، حيث يخاطبها قائلا بأنه لا يقوم إلا بواجبه تجاه بلده وإخوانه الجزائريين وأنه يجاهد حتى يعيش أبناء شعبه وابنته في كنف الحرية والرفاهية بعيدا عن حياة الشقاء التي عاشها وأباؤه وأجداده من قبل، وهنا تبرز قيمة الوفاء بالعهد إذ استقلت الجزائر بعد سنوات وعاشت شامة في عهد الجزائر المستقلة إلى اليوم، كما أبرز المشهد حب الشهيد الكبير لابنته إذ لم تثنه مسؤولياته على اللعب مع ابنته لعبة "الغُميضة" رفقة ثلة من المجاهدين.
وقد أبرز المخرج في مشاهد مقتضبة التحضيرات لهجومات الشمال القسنطيني، حيث كان يصفها الشهيد بالنقطة المفصلية في الثورة وبأن نجاحها سيمكن من فك الخناق عن الأخوة في الأوراس، إذ ورغم أهمية الحدث إلا أن تفاصيل التحضيرات لم تكن بارزة كثيرا باستثناء بث مشهد لهجوم على ثكنة واحدة وأخرى للعسكر الفرنسي وهو يقتل جزائريين في مدينة فيليبفيل " سكيكدة" قبل أن يتبعها بكتابة على الهامش ورد فيها استشهاد أكثير من 12 ألف جزائري في كل من قالمة وقسنطينة وسكيكدة، ليطوي صفحة هذا الحدث بمشهد للحاكم الفرنسي جاكسوستال، وهو يقول بأن هجمات 20 أوت 1955 هي نوفمبر جديد بل هي أسوأ بكثير.
وانحصر مشهد مشاركة زيغود في مؤتمر الصومام الشهير في حديث جانبي مع اثنين من رفقائه ثم التقاط صورة لعدد من المشاركين من بينهم العربي بن مهيدي، ليسدل الستار عن الفيلم بمشهد استشهاد زيغود يوسف يوم 23 سبتمبر 1956 بسيدي مزغيش، حيث ظل خلال معركته الأخيرة يقاوم مع مجاهد آخر ثم قام بحرق بعض الوثائق قبل أن يشاهد عدد منها وهو يتطاير، ليسقط شهيدا وهو بصدد التوجه نحوها من أجل حرقها هي الأخرى حتى لا تقع بين أيدي المستعمر . ل/ق

* وزير المجاهدين العيد ربيقة
فيلم زيغود عمل إبداعي راق جدا
أكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، بأن فيلم زيغود يعد عملا إبداعيا وراق جدا، مؤكدا مواصلة الدولة الجزائرية في إنتاج الأعمال السينمائية حول تاريخ الثورة المجيدة والأبطال المشاركين فيها، مع العمل على إبراز جرائم الإبادة التي ارتكبها المستعمر في حق الجزائريين.
وقال الوزير في تصريح لوسائل الإعلام، بأن المشاهد وثقت بشكل رائع لسيرة بطل من أبطال الثورة التحريرية، وهو رجل وطني حتى النخاع عاش في كنف عائلة بسيطة قدمت الغالي والنفيس من أجل الجزائر، مؤكدا أن العمل جاء تجسيدا لتوجيهات رئيس الجمهورية الذي يلح في كل مرة على ضرورة الحفاظ على تاريخ الجزائر ، لاسيما تاريخ الثورة المباركة والعناية الكافية بالأحداث التاريخية الوطنية لاسيما خلال جلسات السينما الأخيرة، مشيرا إلى أن عرض الفيلم يعد تجسيدا لتوجيهاته والتزاماته ، واصفا السيناريو بالمتميز والذي يستجيب لمطلب كتابة التاريخ وسرد قصص الشهداء”.
ولفت المتحدث، إلى أن عرض الفيلم في قسنطينة وفي ذكري يوم الشهيد، يكتسي مثلما قال رمزية كبيرة، مشيرا إلى أن هذا العمل هو رسالة ضد الطغيان الفرنسي الذي ارتكب جرائم إبادة جماعية ومحارق والتهجير في حق الجزائريين، مؤكدا أن الدولة ستعمل على توثيق كل هذه الأعمال على كل المستويات، لاطلاع الرأي العام العالمي والمحلي على كل ما ارتكبه الاستعمار الفرنسي من جرائم بدءا من جرائم 14 جوان 1830 ومجزرة العوفية ومذبحة الأغواط وغيرها من الجرائم غير القابلة للتقادم. ل/ق

* بطل الفيلم علي ناموس
من الصعب جدا تقمص شخصية بهذا الثقل التاريخي
قال مجسد شخصية زيغود يوسف، الممثل علي ناموس، بأنه وجد صعوبة كبرى في تقمص شخصية بهذا الثقل التاريخي، مشيرا إلى أنه عمل كثيرا على إبراز شخصية الشهيد الفلسفية والثقافية وعدم حصرها في بعدها الحربي.
وذكر الممثل علي ناموس، بأنه سعيد جدا لكونه واحدا ممن سينقلون رسالة الشهداء إلى الأجيال القادمة، مؤكدا بأنه اشتغل باجتهاد من أجل تقمص شخصية الشهيد البطل وقد وجد صعوبة في تقمصها نظرا لثقلها التاريخي في الثورة المجيدة، كما أبرز بأن زيغود يوسف شاعر ومثقف وقد حاول أن يبرز هذه الأبعاد في الفيلم.
ل/ق

* مخرج الفيلم مؤنس خمار
من المستحيل الإحاطة بكل جوانب شخصية الشهيد في فيلم واحد
قال المخرج مؤنس خمار، بأنه من الصعب جدا الإحاطة بمختلف جوانب شخصية الشهيد زيغود يوسف في فيلم واحد ، حيث أكد بأن نصف ساعة فقط من أحداث 20 أوت 1955 تكفي لإنتاج العشرات من الأفلام.وأبرز المتحدث، بأن دور السينما هو تسليط الضوء على شخصية ما بشكل إبداعي ومن المستحيل أن تعوض المؤرخين والكتاب والأكاديميين، مشيرا إلى أن الجميع قد ساهموا في إنجاح هذا العمل، وذكر بأن اختيار يوم عيد ميلاد البطل الشهيد لعرض فيلم عن مسيرته يعد حدثا تاريخيا هاما في حد ذاته .ولفت المخرج، إلى أنه من غير الممكن أن يتضمن الفيلم مختلف التفاصيل عن حياة وإسهامات الشهيد إذ يكفيه أن أحداث الشمال القسنطيني قد كانت السبب الأول في إدراج القضية الجزائرية ضمن جدول أعمال الأمم المتحدة لأول مرة في تاريخ الجزائر. ل/ق

* كاتب السيناريو أحسن تليلاني
اعتمدنا على شهادات حية وأظهرنا أحداثا لم تكن معروفة من قبل
أكد كاتب السيناريو أحسن تليلاني بأن فيلم زيغود يوسف، قد اعتمد على الكثير من المصادر التاريخية في كتابة السيناريو لاسيما الشهادات الحية منها ، مشيرا إلى أنه تضمن أحداثا تاريخية لم تكن معروفة من قبل.
وذكر رئيس مؤسسة زيغود يوسف، بأنه اعتمد على شهادات حية سواء من زوجة الشهيد عائشة طريفة أو ابنته شامة، فضلا عن العديد من رفاقه وكذا مذكرات علي كافي ولخضر بن طوبال وغيرها، مؤكدا أن السيناريو والفيلم قد خضع لمراجعة تاريخية دقيقة من طرف الأستاذ علال بيتور، كما أن الفيلم كشف عن معلومات وأحداث لم تكن متداولة من قبل على غرار الرسالة التي بعث بها إلى القيادة العليا للجيش الفرنسي عبر الأسير الفرنسي، مؤكدا أن الرئيس عبد المجيد تبون قد أوفى بعهده بإنتاج هذا الفيلم، الذي هو نتيجة لإرادة سياسية من طرف الرئيس. ل/ق

 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com