مجلــــس الأمــــة يصــــادق على قانــــون الماليـــــــة
• بن صالح يدافع عن المشروع ويتهم المعارضة بمحاولة جر المواطن للفوضى
صادق أعضاء مجلس الأمة أمس بالأغلبية الساحقة على مشروع قانون المالية لسنة 2016 عدا صوتا جبهة القوى الاشتراكية في المجلس اللذان عارضا المشروع ، وبذلك يمرر هذا القانون الذي أثار جدلا كبيرا لم يعرفه أي قانون مالية من قبل، وسيدخل حيز التنفيذ مباشرة بعد توقيعه من قبل رئيس الجمهورية قبل نهاية الشهر الجاري، وقال عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة أن القانون لم يشذ البتة عن قاعدة الالتصاق بحقيقة الصالح العام للمواطن والدولة في كل جوانبه لكنه يتعاطى مع مرحلة اقتصادية مشوبة بالتقلبات الصعبة في مناخ دولي غير مستقر، وعليه فهو بعيد كل البعد عن التوصيفات التشاؤمية التي نسمعها هذه الأيام والتي باتت مراميها واضحة للعيان باعتبارها حمالة لنذر التهويل والإحباط.
على عكس ما جرى في المجلس الشعبي الوطني قبل أسبوعين صادق أعضاء مجلس الأمة أمس في هدوء تام وبأغلبية ساحقة على مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، ولم تشهد جلسة التصويت أي حدث يذكر لا من المعارضة ولا من الموالاة، حيث مرر القانون كما يجب وبشكل عاد، وقد صوت عليه بأغلبية ساحقة إن لم نقل بالإجماع ولم يعارضه سوى عضوان عن جبهة القوى الاشتراكية فقط.
وقال وزير المالية عبد الرحمان بن خالفة -الذي عاش جحيما لا يطاق في الغرفة السفلى عند التصويت على القانون في 30 نوفمبر الماضي- معقبا بعد ذلك أن تصويت أعضاء المجلس أعطى للطاقم الحكومي وللسلطات العمومية المركزية والمحلية سندا قانونيا يمكنها من مواصلة المجهود التنموي وتطويره نحو وتيرة تحمي الاقتصاد الوطني وتضفي على الميزانية موارد جديدة، وأضاف يقول أنه متيقن بأن هذا النص يمثل قيمة مضافة للعمل التشريعي للنهوض بالاقتصاد الوطني نحو اقتصاد ناشئ.
في تصريح هامشي له بعد رفع الجلسة قال بن خالفة إن قانون المالية عادي في ظرف استثنائي لكنه في نفس الوقت قانون واعد ومتزن لأن الضرائب لم ترتفع والدعم الاجتماعي مستمر وكذلك سياسة الأجور ولم يقرر أي زيادة سوى في سعر الكهرباء والغاز والوقود، وهذه الزيادة لا تعطي ربحا كبيرا للدولة لكنها تعيد شيئا فشيئا لسونطراك وسونلغاز ونفطال الخسائر التي تتكبدها.
و واصل يقول أنه لما تنخفض الميزانية ولو بـ 09 بالمائة فقط كما هي عليه اليوم وهي رغم ذلك لا تزال كبيرة فإن التنمية لابد أن تستمر بموارد أخرى، مشيرا إلى تخفيض الاعباء الضريبة و تسهيل مناخ الاستثمار، واعتبر ان قانون المالية يرشد نفقات الدولة والمواطنين معا لأن التبذير والتهريب والإفراط لابد أن يتقلص، ولم يفوت الفرصة لتوجيه نداء للتجار كي لا يستبقوا الأحداث لأن الأسعار بدأت تلتهب –حسبه- لكن ليكن في علم المواطن أن الدولة لم ترفع سعر أي مادة غذائية، واعتبر ما يقدم عليه التجار هنا خيانة للوطن والمواطن.
من جهته و لأول مرة دافع عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة عن قانون المالية للسنة المقبلة وقال في كلمة ختامية له أن «التدابير الواردة فيه لم تشذ البتة عن قاعدة الالتصاق بحقيقة الصالح العام للمواطن وللدولة في جوانبه المختلفة فالتقليد المعمول به عبر الحفاظ على مستوى التحويلات الاجتماعية متواصل وسقف النفقات المتعددة من طرف الدولة للاستثمار العمومي والتنمية البشرية ورفاه العائلة الجزائرية متواصل هو الآخر».
لكن بالطبع يقول بن صالح فإن قانون المالية لسنة 2016 يتعاطى مع مرحلة اقتصادية مشوبة بالتقلبات الصعبة في مناخ دولي غير مستقر على كل المستويات، وإن أكبر مؤشرات هذا القانون هو الحزم والرشادة والعقلنة في التسيير.
ثم انتقل لمهاجمة المعارضة التي انتقدت القانون عندما قال « فهو لذلك بعيد كل البعد عن التوصيفات التشاؤمية التي نسمعها هذه الأيام والتي باتت مراميها واضحة للعيان باعتبارها حمالة لنذر التهويل والإحباط.. والشعب متفطن لهكذا تأويلات وسيناريوهات تحاول جره للفوضى». وفي نفي الصدد قال أن «علو الاصوات والتراشق بمفردات لا تمت بصلة إلى موروثنا في التعامل مع بعض التطورات تدفعني للقول أنه حان الوقت ليفهم الجميع أن التعبير عن الرأي من حق الجميع لكن رسم السياسات الحكومية وتنفيذها بعد موافقة البرلمان هو حق للحكومة المشكلة من الأغلبية»، مشيدا في ذات الوقت بمساحات حرية الرأي المتوفرة في البرلمان الجزائري والتي لمسها -كما قال- من خلال تجربته البرلمانية الطويلة. وأشار إلى أن رئيس الجمهورية سعى منذ توليه الشأن العام إلى توخي منهج المرحلية في إخراج البلاد من مضائق أزمتها إلى مشارف الحلول التي ينعم بها الشعب اليوم، وعمل بهدوء وروية تطبعها روح المسؤولية، وسياساته احتاطت لمثل أيام العسر هذه، داعيا كل الفعاليات والشرائح للانخراط في مسعى الرئيس لتجاوز مصاعب المرحلة الحالية. وبعد مصادقة غرفتي البرلمان على أكبر قانون مالية مثير للجدل، سيوقع عليه رئيس الجمهورية نهاية الشهر الجاري ليدخل حيز التنفيذ. محمد عدنان