بـــــان كي مــون ينتفض ضد المغــــرب
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن غضبه و تنديده الشديدين بالهجمة الشرسة التي مازالت تقودها الرباط ضد شخصه و ضد المنظمة الأممية، بعد أن فقدت المملكة صوابها بسبب المواقف التي أبداها السيد مون خلال الجولة التاريخية التي قادته قبل عشرة أيام إلى المنطقة و بخاصة إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين و في خطوة غير مسبوقة إلى الأراضي المحررة، و هي المواقف التي أكد فيها الأمين العام الأممي تفهمه لغضب الشعب الصحراوي و لمعاناته الطويلة و كفاحه من أجل إنهاء الاحتلال، واصفا هذه الوضعية بالمأساة الإنسانية المنسية من طرف المجتمع الدولي، مؤكدا في الوقت ذاته دعمه لحق الصحراويين في تقرير مصيرهم عبر الاستفتاء الذي نصت عليه اللوائح الأممية.
مواقف الأمين العام الأممي، كانت بمثابة ضربة قاصمة لسلطات المخزن و للعاهل المغربي الذي شغل نفسه وقتها بزيارة أصدقائه في باريس، و في غمرة نوبة الغضب التي انتابتها، سارعت الرباط إلى تنظيم مسيرة في شوارع العاصمة الأحد الماضي شارك فيها عدد من وزراء بن كيران و بعض البرلمانيين، تمّ فيها ترديد هتافات و شعارات لم تكتف بالتطاول و التحامل على شخص بان كي مون بل تخطت ذلك إلى حد الشتم، و كيل الاتهامات الوقحة، حيث حملت بعض العبارات مشاعر مثقلة بالحقد و الكراهية.
الأمين العام للأمم المتحدة، لم يبق مكتوف الأيدي أمام هذا التحامل الاستفزازي الذي استهدفه، و تحرك بسرعة، حيث أبلغ مساء أول أمس، وزير خارجية المغرب بأنه يشعر بغضب وخيبة أمل من المظاهرة المنظمة ضده في الرباط، و قال إنها كانت «هجوما شخصيا» عليه بسبب تعليقات له بشأن الصحراء الغربية المتنازع عليها.
وقال المكتب الصحفي للأمين العام للأمم المتحدة في بيان بلهجة صارمة غير معتادة إن بان «نقل اندهاشه من البيان الذي صدر مؤخرا عن حكومة المغرب وعبر عن خيبة أمل وغضب عميقين فيما يتعلق بالمظاهرة التي جرى حشدها الأحد الماضي والتي استهدفته شخصيا.»
وأوضح البيان -الذي صدر بعد أن التقى بان وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار- إن الأمين العام «أكد أن مثل هذه الهجمات تظهر عدم الاحترام له وللأمم المتحدة».
وأكد بان كي مون خلال زيارته للأراضي الصحراوية المحتلة أن الأمم المتحدة تعتبر الأراضي الصحراوية «محتلة» منذ عام 1975. وهو الأمر الذي اعتبرته الرباط «ليس محايدا».
وقال بيان الأمم المتحدة إن بان طلب من مزوار «إيضاحا فيما يتعلق بتقارير عن وجود بضعة أعضاء من الحكومة المغربية بين المتظاهرين». كما طلب منه السهر على أن تتمتع منظمة الأمم المتحدة بالاحترام في المغرب.
وعادت منظمة الأمم المتحدة في بيانها إلى الجولة الأخيرة لبان كي مون في المنطقة، مشيرة إلى أنها كانت ترمي إلى بعث المفاوضات بين طرفي النزاع للتوصل إلى حل سياسي عادل يقبله الطرفان ويسمح للشعب الصحراوي بتقرير مصيره.
و تأسفت المنظمة كون هذا الهدف قد حول من طرف المتظاهرين و شركائهم، في إشارة إلى الحكومة المغربية حيث أن وزراء شاركوا علنيا في هذه المظاهرة.
و جدد بان كي مون التأكيد لمحادثه، أنه يؤيد بشدة المهمة التي أوكلها له مجلس الأمن لتسوية هذا النزاع.
و في بيان قدم لمراسلي الصحافة أشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بما فيها المغرب قبلت تحديد الوضع النهائي لهذه الأراضي وفقا للوائح الجمعية العامة التي تمت المصادقة عليها دون تصويت.
و أشارت المنظمة إلى أن أمينها العام كان «شاهدا» خلال زيارته إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين على «وضعية اليأس» نتيجة عشريات عديدة من العيش في ظروف صعبة للغاية.
كما أعرب بان كي مون عن عزمه على إدراج الملف الصحراوي في أجندة منظمة الأمم المتحدة قبل نهاية عهدته سنة 2016، مشيرا إلى أنه سيعمل على جعل المسار يتقدم.
وأعرب أمين منظمة الأمم المتحدة الذي يستعد لتقديم تقريره حول الصحراء الغربية، أمام مجلس الأمن في أفريل المقبل، أنه «واعٍ» بالتأثير الذي يمارسه بعض أعضاء هذه الهيئة الأممية حول الملف الصحراوي في تلميح إلى فرنسا التي تعرقل كل تقدم في تسوية هذا النزاع وفقا للشرعية الدولية.
وصرح أنه فهم غضب الصحراويين تجاه منظمة الأمم المتحدة و بعض أعضاء مجلس الأمن الذين نسوهم مدة 40 سنة.
وليست المرة الأولى التي تتهم فيها المغرب أطرافا دولية بالإنحياز حيث إتهمت سويسرا بالانحياز لجبهة البوليساريو عقب إنضمام هذه الأخيرة إلى اتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 و المعنية بحقوق الإنسان و حماية الأسرى والمدنيين خلال النزاعات، علما أن سويسرا هي ثاني أقدم دولة محايدة في العالم فقد أعلنت حيادها في مؤتمر فيينا لعام 1815 و تحظى بإعتراف دولي بذلك.
و الواقع أن هذه التصرفات ـ مثلما قالت ممثلة جبهة البوليساريو في اسبانيا، خيرة بولاحي ـ «غير المسؤولة» إنما هي دليل على حالة «العزلة الدولية» التي يعيشها المغرب بسبب مواقفها التي تتناقض مع الشرعية الدولية و حق الشعوب في تقرير المصير.
واعتبرت المسؤولة الصحراوية أن المغرب يوجد في وضعية لا يحسد عليها، حيث أنه «لا يواجه الاتحاد الأوروبي فقط بعد إلغاء المحكمة الأوروبية للاتفاقيات الفلاحية و إنما يواجه كذلك منظمة الأمم المتحدة بعد أن رفض الزيارة الأخيرة لبان كي مون إلى المنطقة»، هذا فضلا عن موقف الاتحاد الإفريقي المتقدم فيما يخص مسألة الصحراء الغربية.
و أكد الوزير الصحراوي المنتدب لأوروبا، محمد سيداتي، أن التهجم الذي قامت به السلطات المغربية ضد الأمين العام الأممي يعد «دليل ارتباك» الرباط التي لم تتوقف منذ سنوات عن مساعيها لإفشال جهود الأمم المتحدة من اجل تسوية النزاع في الصحراء الغربية.
على صعيد آخر، دعت البوليساريو في وقت سابق هذا الأسبوع، الأطراف الخليجية المعنية إلى الوقف الفوري لمساعيها الهادفة إلى الاستثمار في الأراضي الصحراوية المحتلة، باعتبارها «منطقة نزاع دولي مصنفة كقضية تصفية استعمار لدى الأمم المتحدة.
وجاء موقف جبهة البوليزاريو و الحكومة الصحراوية في بيان لوزارة الشؤون الخارجية الصحراوية، تعقيبا على ما تناقلته وسائل الإعلام المغربية بشأن انتقال وفد من دول الخليج إلى الأراضي المحتلة لدراسة فرص الاستثمار هناك.
محمد ـ م