لا بنـود سريـة في اتفاقيات إيفيــان و مطالبة الأقدام السوداء بممتلكاتهـا كلام فـارغ
نفى رضا مالك أحد الأعضاء البارزين الذين قادوا مفاوضات إيفيان، أمس الثلاثاء، وجود بنود سرية ضمن هذه الاتفاقيات، عكس ما يشاع من قبل البعض، واصفا مطالب الأقدام السوداء باستعادة ممتلكاتها بالكلام الفارغ، موضحا بأن اتفاقيات إيفيان وفرت لهم الضمانات الكافية، لكنهم فضلوا الفرار بعد الاستقلال، جراء الجرائم التي قام بها المستعمر في حق الشعب.
وقال رضا مالك ، بأن اتفاقيات إيفيان لا تضم أية بنود سرية، مقللا من شأن مطالب الأقدام السوداء باستعادة ممتلكاتها، باعتبار أنهم استعمروا البلاد واستولوا على خيراتها، ثم اختاروا طواعية الهروب بعد الاستقلال، رغم التزام الوفد الجزائري بمنحهم كل الضمانات في إطار اتفاقيات إيفيان، بعد أن شعورا بالخوف بسبب الجرائم البشعة التي ارتكبها المستعمر ضد الشعب، والتي فاقت الخيال، مضيفا خلال استضافته في منتدى يومية المجاهد ، تزامنا مع إحياء عيد النصر، الذي يصادف السبت المقبل، بأن الوفد المفاوض تمسك بالحفاظ على وحدة الشعب والتراب الوطني، واشترط أن تتم المحادثات في ظل الخريطة الجغرافية التي عرفتها الجزائر منذ قرون، وأشار المحاضر لأول مرة إلى مطامع الرئيس التونسي السابق لحبيب بورقيبة في ضم جزء من الصحراء الجزائرية.
وعاد العضو القيادي في الثورة بذاكرته إلى المصاعب التي عاشها الوفد المفاوض بسبب تصلب مواقف المستعمر، الذي ظل إلى آخر لحظة متمسكا ببسط سيطرته على الصحراء الجزائرية، بعد أن تم اكتشاف البترول بمنطقة حاسي مسعود سنة 1957، مركزا مداخلته على محورين أساسيين، وهما حرص الوفد المفاوض على عدم المساس بوحدة الشعب الجزائري والتراب الوطني، موضحا بأن القائد الثوري كريم بلقاسم كان جد صارم بخصوص وحدة الشعب الجزائري، في وقت كان المستعمر يريد تكريس مفهوم الأقليات، بدعوى أنه لا يوجد شعب جزائري أصلا، ويقصد بالأقليات، البربر والميزابيين والأوروبيين والعرب بمختلف أصولهم، بغرض إنشاء دولة داخل دولة، بتهجير الجزائريين إلى الهضاب، وتمكين الأوروبيين من الأراضي الخصبة في الشمال، فضلا عن فصل كافة الصحراء عن باقي الوطن، نظرا لما تحتويه من ثروات باطنية.
و أبرز رضا مالك أن كريم بلقاسم حرص على تأكيد هوية الشعب التي كانت قائمة آنذاك على عنصري العربية والإسلام قبل إقرار الأمازيغية، في وقت كانت فرنسا تريد الحصول على ضمانات لفائدة الأوروبيين، الذين ترك لهم الطرف الجزائري الاختيار ما بين البقاء في الجزائر أو مغادرتها، شريطة أن يتمتعوا بنفس الحقوق والواجبات مع المواطنين الجزائريين، من بينها الحقوق المدنية لكن دون الجنسية الجزائرية لمدة 3 سنوات، وخلالها يختارون ما بين البقاء أو الذهاب، علما أن تعدادهم كان في حدود 1 مليون فرنسي، جميعهم وقفوا إلى جانب الاستعمار، وفق تأكيد رضا مالك.
وشكل ملف الصحراء عقبة حقيقية أمام الوفد المفاوض، في ظل حرص ديغول شخصيا على أن تبقى جزءا ان الأراضي الفرنسية، في حين اشترط الطرف الجزائري أن تتم المفاوضات بناء على حدود الجزائر عند اندلاع الثورة التحريرية، علما أن البيان الذي أصدره ديغول سنة 1959 حول تقرير المصير لم يذكر بتاتا الصحراء الجزائرية، في حين تحدث عن الأقليات وليس الشعب الجزائري، وظلت هذه النقطة محل شدّ وجذب لمدة ثلاثة أسابيع، ليقرر الوفد الجزائري الانسحاب من المفاوضات جراء تعنت الموقف الفرنسي، وأثار القرار ذهول فرنسا، في وقت اندلعت فيه مظاهرات عارمة في الجزائر للدفاع عن الصحراء، ودعا رضا مالك الشباب إلى ضرورة الاطلاع على وثيقة إيفيان التي تضمنت ملحقا هاما، وهو خريطة الجزائر بحدودها المعروفة منذ قرون وإلى غاية اليوم.
وعادت ذاكرة العضو القيادي في الثورة رضا مالك لأول مرة إلى موقف الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، لاقتطاع جزء من الصحراء الجزائرية، إلى غاية الحدود مع التشاد، في وقت كانت تتم مفاوضات سرية مع ديغول لضمان الوحدة الترابية، حيث قام بورقيبة بالتوقيع على اتفاقية مع فرنسا سنة 58 لإنشاء مؤسسة بترولية وأخرى لنقل النفط عن طريق الأنابيب، مرورا بتونس، ما أثار قلق القادة الجزائريين، الذين وجهوا مذكرة شديدة اللهجة لبورقيبة، خصوصا وأن ليبيا رفضت إقامة هذا المشروع، واعتبر هذا الاتفاق مشكلا عويصا بالنسبة للجانب الجزائري، في وقت برّر فيه بورقيبة موقفه بكون الصحراء بمثابة البحر الذي يطل عليه الجميع، لتفضي المفاوضات إلى استقلال الجزائر كاملة موحدة. لطيفة/ب