الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 الموافق لـ 24 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

يخطفون دقائق للصلاة و التغافر و يتحدون الإسلاموفوبيا


 جزائريون  في المهجر يبحثون عن العيد في المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية
أعدادهم بالملايين.. غادروا الجزائر قبل سنوات، باتجاه أوروبا و أمريكا و آسيا، بحثا عن حياة أفضل، تاركين نمط حياة و أحبة، يجتاحهم الحنين مع  كل عيد كما يشتاقون لطقوس و عادات احتفالية حرمتهم الغربة من بهجتها، فلا يجدون عزاءهم إلا في المساجد و المراكز الثقافية الإسلامية، أين تجتمع الجالية المسلمة صبيحة العيد لسويعات قليلة لأداء الصلاة، قبل أن ينصرف كل لوظيفته، أما اللمة العائلية و أجواء التغافر و التراحم، فهي امتيازات لا يحظى بها الجميع خصوصا في دول كبلغاريا و روسيا و أمريكا و اليابان، أين يوجد عدد قليل من المهاجرين العرب و المسلمين .
جمعتها :  نور الهدى طابي      
 عيد دون طقوس و سويعة للصلاة في اليابان
 في اليابان لا يتجاوز عدد الجزائريين 350 جزائريا يتوزعون عبر العديد من المدن، غالبيتهم تزوجوا من يابانيات، كما أخبرنا توفيق عوامرية، الملقب بسفير الجالية الجزائرية في اليابان، كونه يقيم هناك منذ ما يربو عن 23 عاما، محدثنا قال بأن الجزائريين في هذا البلد ، يعيشون في عزلة حقيقية عن العالم العربي و الإسلامي، مقارنة بمغتربين آخرين  في فرنسا و إيطاليا و دول أوروبية أخرى، وذلك بسبب عددهم القليل و اندماجهم الكبير في الحياة الاجتماعية اليابانية بتقاليدها و عاداتها المختلفة، فضلا عن أن الوقت في اليابان أغلى من كل شيء، ومن الصعب جدا أن يجد الفرد وقتا للاحتفال بالعيد الذي تغيب أجواءه بشكل تام في كل المدن اليابانية تقريبا.
توفيق موظف في سن الأربعين، منحدر من حي "رود براهم"بوسط مدينة قسنطينة، متزوج من يابانية مسلمة، أخبرنا بأنها تحاول قدر الإمكان أن تخلق أجواء أسرية حميمة تشبه الأجواء العائلية في الجزائر، وذلك بمجرد التأكد من ثبوت هلال شوال في ليلة الشك، وهو ما يتم الاضطلاع عليه و التأكد منه إما عن طريق الانترنت، أو انتظار الساعة التاسعة ليلا للاستعلام من أقرب مسجد.
و بالرغم من وجود ثلاثة مساجد في المنطقة التي يقيم بها توفيق و التي تضم كذلك أربعة جزائريين آخرين من قسنطينة، إلا أن أجواء العيد، غائبة بكل تفاصيلها، على اعتبار أن الحكومة اليابانية لا تقر أي استثناء خاص بالمناسبات الدينية الخاصة بالجالية المسلمة، لذلك فالجميع يعمل بصورة طبيعية و لا يتمتع بأي امتيازات خاصة في العيد.
حسب محدثنا فإن غالبية الجزائريين و العرب المسلمين في اليابان، يتحايلون قدر الإمكان ليتمكنوا من الحصول على ساعة واحدة أو ساعتين على الأكثر صبيحة العيد لأداء الصلاة في أحد المساجد الموجودة في المنطقة، وهي على التوالي مسجد تركي و آخر بنغالي، بالإضافة إلى مصلى خاص بالمركز الثقافي السعودي، وذلك قبل أن يلتحق الجميع بوظائفهم، و يقتصر الاحتفال على الصلاة و التغافر و تبادل التحية مع باقي المسلمين على اختلاف جنسياتهم.
توفيق قال بأن حلويات العيد اللذيذة و أطباق الجزائر التقليدية، بمثابة حلم  بالنسبة للمغتربين في اليابان، لأن معظمهم مرتبطون بيابانيات، لذلك فما هو موجود يقتصر على ما يصنعه الأتراك و البنغاليون من حلويات و مأكولات، بالرغم من ذلك يحاول الجزائريون تنظيم وقتهم، بعد انتهاء برنامج الدوام الرسمي، للالتقاء في أحد المقاهي القريبة، و تتم برمجة اللقاء كل شهر تقريبا من خلال مجموعات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، توجه من خلالها دعوة للجميع من أجل الالتقاء و استرجاع ذكريات رمضان و العيد في الديار.
محدثنا أضاف بأن الأوضاع تحسنت تدريجيا في السنوات الأخيرة بفضل مواقع التواصل الاجتماعي التي سهلت التواصل مع الأهل في الجزائر، أما سابقا فقد كان الوضع صعبا جدا، كما قال.
المساجد و المراكز الثقافية للبحث عن الهوية في روسيا و أمريكا
في الولايات المتحدة الأمريكية، لا يختلف وضع الجالية الجزائرية هناك، عما هو في دول آسيا، لكن مع تفصيل بسيط، يكمن في أن عدد العرب و المسلمين أكبر، وسبق للحكومة قبل 5 سنوات تقريبا أن قدمت توجيهات للشركات و المؤسسات و الهيئات بالسماح للموظفين المسلمين بالتغيب عن العمل من أجل الاحتفال بعيدهم و أداء طقوسهم الدينية ، حسبما أخبرنا به الأستاذ كمال، المقيم بمدينة بوسطن الأمريكية منذ 5 سنوات.
محدثنا قال بأن الوضع في أمريكا أقل سوءً  نوعا ما لأن تواجد الكثير من المسلمين يمنح للفرد شعورا بالانتماء، بالرغم من أن عدد الجزائريين جد محدود هناك، مع ذلك فإن الجامعات تضمن للطلبة المسلمين إفطارا و سحورا "حلالا" خلال رمضان حتى آخر أيامه، كما توفر أماكن للصلاة وهو ما يخفف على الفرد وحدته، كما أن المساجد الموجودة في كل ولاية تقريبا، تعلن سنويا عن ثبوت رؤية هلال شوال من عدمه، فضلا عن وجود مؤسسة إسلامية متخصصة تتكفل بالإعلان عن حلول العيد من عدمه، وهي عادة الجهات التي يأخذ الجميع بما تقوله.
 صبيحة العيد يجتمع المسلمون في المسجد الوحيد المتواجد بالمدينة، لأداء الصلاة، منهم من يفضل ارتداء الزي التقليدي لبلده، و منهم من يفضل البساطة و عدم لفت الانتباه، خصوصا في ظل تنامي التيار المعادي للإسلام هناك، في الوقت الذي يوجد تعايش ديني كبير و تسامح بين كل الأطياف في أمريكا.
كمال قال بأن الجميع يحاولون قدر الإمكان خلق أجواء العيد، فيؤدون الصلاة صباحا و يتقاسمون بعض المأكولات و الحلويات  التي تعدها عائلات مغربية تقيم بالمنطقة،و هي مسؤولة بمعية عائلة مسلمة أخرى على جمع التبرعات لصندوق المسجد من أجل الاهتمام بمتطلباته و تلبية احتياجات المسلمين الذين يقصدونه في مثل هذه المناسبات.
 و أضاف محدثنا بأن التقارب الثقافي بين المغرب و الجزائر يمنح الجزائريين المقيمين هناك شعورا بالانتماء، وذلك لكون ما تعده العائلة المغربية من حلوى هو تقريبا ما تعودوا عليه في الجزائر كالبقلاوة و المخبز.
 بالنسبة لليوم الثاني من أيام العيد، فإن غالبية المغتربين يلتقون في المراكز الثقافية الإسلامية، التابعة لدول عديدة أبرزها السعودية، من أجل الشعور بالانتماء و إبراز الهوية بكل أريحية، لأنك لن تجد أي مظاهر للعيد بمجرد أن تغادر المركز كما عبر.
في روسيا يعد الوضع أقل حميمية، حسب مريم طالبة إعلام و اتصال، مقيمة بموسكو منذ حوالي 3 سنوات، فرغم وجود عدد كبير من المسلمين، إلا أن عدد الجالية الجزائرية قليل جدا، و هم  يعدون على الأصابع، كما قالت ، فضلا عن أن نمط الحياة سريع و صعب و التكيف مطلوب، لذلك يمر غالبا العيد مرور الكرام، و تقتصر أجواءه على لقاء الجالية العربية بأحد المراكز الثقافية الإسلامية، خصوصا خلال اليوم الثاني من العيد ،أين توزع الحلوى و يتبادل الجميع التحية و التهاني، أما الصلاة فيقتصر آداءها غالبا على فئة الرجال، رغم ذلك تسمح مواقع التواصل الاجتماعي للفرد بالتواصل مع الأهل .    
مواجهة مفتوحة مع الإسلاموفوبيا في بلغاريا
في بلغاريا يوجد المسلمون و توجد المساجد، لكن أجواء العيد مفقودة، حسبما أخبرنا السيد جمال، مغترب يعيش بمدينة بولوفديف البلغارية منذ ما يزيد عن 20سنة، موضحا بأن عدد الجزائريين في هذه البلاد قليل جدا، مقارنة بفرنسا و دول أخرى عديدة، فالسواد الأعظم من المهاجرين أتراك وهم أكثر المسلمين بروزا و تأثيرا في المجتمع،  ففي المنطقة التي يعيش فيها مثلا، يوجد فقط ثلاثة جزائريين و تونسي واحد، وهو ما يخلق نوعا من العزلة تبرز بوضوح، بمجرد أن تعلن المساجد و وسائل الإعلام عن ثبوت رؤية هلال شوال، لأن صبيحة العيد تعيد للنفوس الشعور بالغربة، لذلك يصر الجميع على أداء الصلاة في أحد  المساجد التركية القريبة، يتغافرون و يتبادلون التهاني و القبل، حتى دون أن يعرف أحدهم الأخر أحيانا، إلا أن الشوق ، يدفعهم للبحث عن أدق تفصيل يشبع حنينهم لأجواء العيد و الوطن.
و على اعتبار أن عيد المسلمين غير مدرج عطلة مدفوعة الأجر في بلغاريا، فإن المسلمين في هذه البلدان يميلون عادة إلى تأجيل عطلهم لمثل هذه المناسبات، لتسمح لهم الفرصة بقضاء اليوم مع عائلاتهم، و محاولة خلق أجواء قريبة من الأجواء الأسرية في الوطن.
 محدثنا أوضح بأن السنوات الثلاث الأخيرة، عرفت تغيرات جذرية في عقلية المجتمع البلغاري و اضطرابا في الحياة العامة للمهاجرين، بسبب تنامي الشعور بالرهبة و الخوف من الإسلام أو ما يعرف بالإسلاموفوبيا، نتيجة لما تروج له وسائل الإعلام، لذلك فإن المسلمين عموما، يميلون إلى البساطة في مظهرهم أيام العيد، بالمقابل هنالك من يصرون على ارتداء زي خاص بالمناسبة، للشعور بحلاوتها، كما أن العديد منهم تربطهم صداقات قوية ببلغاريين فلا يفوتون الفرصة لمقاسمة المسلمين طقوسهم الجميلة في مثل هذه المناسبات، رغم كل شيء.

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com