دوبل كانون احتكر حفلات الدولة 12سنة وينتقدها اليوم
أوضح مغني الراب العنابي عزو «هود كيلر» في حوار خص به جريدة النصر على هامش حفل أحياه قبل أيام بقاعة أحمد باي بقسنطينة، أنه يعيش حياة بسيطة وسط حي شعبي بعنابة عكس ما يعتقده الكثيرون، كما انتقد سعي الكثير من مغنيي الراب لانتقاد الدولة على غرار ما يقوم به زميله السابق لطفي دوبل كانون، وأبعد عن نفسه تهمة الغناء في السياسة بالتأكيد بأنه لا يعرف عن عالم الوزراء شيئا حتى يصفه أو ينتقده.
أعيش في منزل مستأجر ولا أهتم بالسياسة بل بالمجتمع
النصر : • حدثنا على ألبومك الأخير «بوان فينال» أو النقطة الأخيرة؟
عزو هود كيلر : الألبوم الأخير «بوان فينال» أو النقطة الأخيرة هو الألبوم رقم 13 في مسيرتي الفنية أنتجته بالتعاون مع مؤسسة «باديدو للإنتاج» يتضمن 12 أغنية، كلها من اقتباسي كلماتي وتلحيني، وكلها أغاني من نوع جديد، حيث حاولت إدخال أسلوب جديد في الراب، على سبيل المثال أغنية «أخطوني» التي لاقت نجاحا كبيرا بعد أن نزلنا الأغنية على موقع «يوتوب»، من خلال تحقيقها لعدد مشاهدات كبير، هناك أيضا أغنية بعيدة كل البعد عن السياسة وتحكي قصة شاب جزائري في قالب هزلي، أنهى دراسته وتحصل على شهادته الجامعية، وحين حاول بناء حياته لم يتمكن وذلك بعد أن اصطدم بالعراقيل البيروقراطية مثل «المعريفة»، كما أنه لم يتحصل على تأشيرة السفر، وعند محاولته السفر بطريقة غير شرعية ألقي عليه القبض، وفي نهاية الأغنية أوجه له رسالة أنصحه فيها بعدم الاستسلام ومواصلة البحث عن عمل.
أنا لا أعيش مع الوزير أو الوالي كيف لي أن أصفه ؟
هناك أيضا أغان أخرى مثل أغنية «عقلية داعش» والتي عالجت من خلالها ظاهرة العنف التي تعرفها الجزائر، وهي الظاهرة التي أخذت أبعادا كبيرة، حيث أضحى حمل السلاح الأبيض والاعتداء به أمر عادي لدى الكثيرين، وقد اخترت كلمة «داعش» وذلك لما أصبحت هذه الكلمة تمثله من عنف أكثر من أي كلمة أخرى بعيدا عن السياسة، وقد اخترت أن أتكلم في هذه الأغنية بلسان مجرم يحاول توجيه نصيحة للجيل الجديد من الشباب، ويخبرهم بأنه ورغم المرحلة التي بلغها من العنف إلى أن الطريق التي اختارها خاطئة، وذلك في محاولة لإنقاذهم من خطر كبير.
كما يتضمن ألبومي الأخير «بابا لحنين» والتي حاولت من خلالها أن أسلط الضوء على التضحيات التي يقوم بها الأب، شخصيا أعتقد أنه لم يسبق وأن تغنى أحد من قبل بأغنية للآباء، زيادة على أغنية أخرى على بلادنا والتي وجهت فيها نداء للإعلاميين طلبت منهم التوقف عن الكلام الذي يثير الفتنة، وتحويل الاهتمام للم الشمل والتعاون من أجل بناء الوطن، وأيضا رسالة إلى كل المتخاذلين الذين لا يهتمون بعملهم ويرمون جام غضبهم على الوضع الاقتصادي.
لا أقبل الانتقاد من اجل الانتقاد
• آلا تخشى من الوقوع في خطأ كونك لم تتعامل مع أي ملحن أو كاتب أغاني في ألبومك الأخير؟
هذا كان في السابق لما كنا مبتدئين ونستعين بموسيقيين، أما الآن فنحن محترفون، شخصيا قضيت حوالي 18 سنة في هذه المهنة وقد تعودت على التواجد بمفردي، في بعض الأحيان أدخل إلى الأستوديو دون أن يكون في ذهني شيء، وبعدها مباشرة أجد نفسي كتبت أغنية، بدليل أنني كتبت ثلاث أغان في الألبوم الأخير بهذه الطريقة وسجلتها دون أن أتمكن من حفظها إلى غاية اليوم.
• رغم أنك تقول أن أغانيك بعيدة عن السياسة، لكن من بعض العناوين نلمس هذا التوجه، كيف تفسر هذا التناقض؟
أنا أتبع الواقع المعاش بعيدا عن السياسة أنا اختصاصي الأغنية الاجتماعية أغني على الشاب الذي أعيش معه يوميا كما أضيف لك أمرا آخرا، أنا لا أعيش مع الوزير أو الوالي حتى أنتقده مثلما يفعل البعض، لا أعرف اهتماماته ولا الواقع الذي يعيشه المسؤول فكيف لي أن أصف هذه الفئة من الناس، يجب أن تفهم الناس أن المغني يقوم بإيصال رسالة هادفة كما يمكن له أن يكون حلقة وصل بين المواطن و المسؤول، أما الانتقاد من أجل الانتقاد فأنا لا أقبله.
• لكن ألا تعتبر أن هذا النوع من الأغاني هو الموضة الدارجة هذه الأيام، وتسمح لصاحب الأغنية من الاستفادة ماديا؟
بطبيعة الحال الأغاني التي تتجه لانتقاد السلطة والدولة عموما تلقى رواجا كبيرا بين الجمهور ويستطيع صاحبها تحقيق عائد مادي كبير، لكن من لديه ضمير فهو لا يهتم بهذه الأمور، ولا يركب الموجة مثل الكثير من المغنين الذين يبحثون حاليا على موضوع الساعة سواء سياسة، اقتصاد وغيرها وهؤلاء الأشخاص لا يهتمون بمصلحة البلاد ولا العباد، بل يبحثون عن تحقيق مصلحة شخصية.
الكثير من المغنيين يتناولون مواضيع الساعة من اجل المال
كما أنني خصصت أغنية في طابع «الكلاش» وجهتها لبعض الأشخاص الذين يردون ركوب الموجة لتحقيق مصالحهم الشخصية، ويتهمونني بمحاولة التقرب لدوائر السلطة، وكل ذلك لأنني في وقت مضى ناديت بضرورة التريث وعدم الانسياق خلف موجة العنف والانتقاد من أجل الانتقاد وضرورة السعي لإنقاذ الجزائر من المخطط الصهيوني المتمثل في الربيع العربي، وقد قام هؤلاء الأشخاص وهم من الوسط الفني بشن جهوم كبير علي في مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية، رغم أنني إنسان بسيط وأعيش حياة عادية في حي شعبي حتى أنني مثل الكثير من الجزائريين لا أملك منزلا يأويني وعائلتي، فأنا أستأجر منزلا منذ 12 سنة، لو كنت كما يصفون فحالي أحسن بكثير.
وقد وصفت هؤلاء الأشخاص في أغنيتي عندما قلت «عار عليكم تباتو علينا تدعيو، كشما تصرا موصيبة في البلاد تنوضو تغنيو».
• في إحدى أغانيك قلت أنك تكلمت على لسان شخص مسبوق، ألا تخشى أن تنجر لترويج العنف أكثر من الرسالة التي تحاول تمريرها للمستمع؟
لا بالعكس، لما تسمعها تفهم المغزى من هذه الأغنية، حيث تحمل الكثير من المقاطع دعوات من هذا الشخص للشباب بعدم الانسياق خلف مظاهر العنف، والبحث عن البديل مهما كانت الأوضاع الاجتماعية سيئة، من خلال وصف دقيق لما يعيشه هذا الشخص والمعاناة التي يعيشها يوميا، أو الآلام التي يسببها لعائلته.
مغني الراب عالم اجتماع تلقى معارفه من الشارع
• 18 سنة من التواجد في الساحة الفنية و الكثير من الأغاني الهادفة لكن الراب لم يتمكن من كسر الحاجز مع بعض فئات المجتمع أو حتى الأسر، ما سبب ذلك؟
أنا لا أوافقك الرأي تماما، فبمجرد أن الدولة الجزائرية فتحت لنا الأبواب واعترفت بأننا فنانون وأصبحت تدعونا للمهرجانات الكبرى مثل تيمقاد، جميلة الكازيف، فأعلم أننا قد تمكنا من كسر كل هذه الطابوهات التي تتحدث عنها، كما أننا نقدم رسائل هادفة لكل فئات المجتمع، رغم أنني أعترف بوجود فئة قليلة جدا لم نستطع الوصول إليها، وهذا ليس نقصا منا أو عيبا، بل لكل فرد طابع فني يحبه ويميل إليه على حساب طبوع أخرى وهذا عادي جدا، كما يمكنك أن تعتبرنا أيضا «علماء اجتماع» تلقينا معارفنا من الشارع الجزائري.
• صرحت أنك تستأجر منزلا، ألهذا الحد يعاني الفنان من أوضاع اجتماعية مزرية؟ الكل يعلم أنكم تتحصلون على مبالغ مالية كبيرة في الحفلات التي تحيونها؟
في الجزائر إذا لم توفر الدولة للفنان حفلة يغني فيها ليتقاضى أجرا لن يجد مصدر رزق له، خصوصا طابع الراب، فالمغني في هذا الطابع يعاني صعوبات حيث لا مناسبة للغناء عدا الحفلات التي تنظمها الدولة، عكس الطبوع الأخرى مثل السطايفي أو الراي، حيث يجد المغني مكانا لكسب رزقه في الأعراس والمناسبات الكثيرة.
بالنسبة لنا نحن مغنو الراب المجال الوحيد الذي يكفل لنا مصدر دخل هي الحفلات التي تنظمها الدولة على غرار ما يقوم به الديوان الوطني للثقافة والإعلام، وإلا نقضي كامل وقتنا عاطلين عن العمل، الكثير من مغني الراب لا يغني سوى أربع أو خمس حفلات فقط طوال السنة، بل هناك من المغنين من لا يغني في أي حفلة طوال السنة وهم يعانون من أوضاع اجتماعية قاهرة.. أضيف لك أمرا آخرا.
• تفضل..
هناك مغني وحيد استفاد من الراب في الجزائر وهو لطفي «دوبل كانون» والذي ظل طوال 12 سنة كاملة المهيمن على كل حفلات الراب ويستفيد من أموال الدولة الجزائرية التي ينتقدها اليوم.
حاوره / عبد الله بودبابة