الملك النوميدي يوغرطا يثير جدلا ساخنا حول اللغة و الجذور
تحول الملتقى الدولي التاريخي حول الملك النوميدي يوغرطا المنعقد بعنابة على مدى ثلاثة أيام إلى صراع علني و نقاش ساخن حول اللغة و الهوية و الجذور التاريخية للأمة الجزائرية، و انقسم المشاركون بين مدافع عن الامازيغية و تاريخ الأمازيغ و بين ممجد للعربية و العرب و المسلمين الفاتحين حتى وصل هذا التمجيد المطلق إلى حد التصفيق على رأي مساند و إثارة الخصم، و مع اشتداد الصراع داخل القاعة برز طرف ثالث حاول الجمع بين الإخوة المتخاصمين و قال أنصار الاتجاه المعتدل بأن اللغتين العربية و الامازيغية ملك لكل الجزائريين و لا يمكن لأي طرف أو جهة أن تنفرد برأي يخص حاضر الأمة كلها و يخص أيضا مستقبلها و ماضيها البعيد. و خالف فريق آخر كل الآراء و قال بأن الامازيغية تعاني من قصور كبير و لا يمكن أن تكون لغة علم و بحث دقيق و لم يستثن اللغة العربية من هذا القصور، و دعا إلى الاعتماد أكثر على لغات أجنبية غير الفرنسية للتطور و مواكبة الأحداث المتسارعة التي يشهدها العالم على أكثر من صعيد.
و قال المنسق العلمي للملتقى محمد الهادي حارش بأن اللغة العربية لغة أبدية و هي لغة القرآن و لغة كل الجزائريين أيضا و لا يمكن لأي لغة أخرى أن تحل محلها أو تنافسها لكنه في المقابل ذكر بأهمية اللغة الامازيغية العريقة و دعا إلى ترقيتها و تعميمها على كل الجزائريين و اعتبرها موروثا تاريخيا يعبر عن التنوع الثقافي و الجغرافي و التاريخي الذي تتميز به الجزائر منذ فجر التاريخ. و رد أحد المتدخلين المدافعين عن اللغة العربية بقوة على تصريحات نحلة بن براهيم بن حماداش التي انتقدت المؤرخين العرب و العلماء المسلمين و حملتهم مسؤولية تعتيم التاريخ و إقصاء الامازيغ قائلا بأنه لا توجد خلافات و صراعات بين العربية و الامازيغية في الجزائر و لا يوجد أيضا صراع ديني أو عرقي، مضيفا بأن الصراع بين يوغرطا و روما هو صراع تاريخي مرير كما هو الصراع بين الجزائريين و الاستعمار الفرنسي الذي عمل على نشر التفرقة و إثارة الخلافات المدمرة بين أبناء الوطن الواحد لكنه لم يتمكن من ذلك و الدليل التفاف كل الشعب و الأقاليم الجزائرية المختلفة حول الثورة و مناصرتها.
و تناسى المتدخلون في الكثير من الأحيان موضوع الملتقى و خاضوا في الدين و العرق و اللغة قبل أن يتراجعوا تحت تأثير الصمت الذي التزم به المنظمون من البداية إلى النهاية و كان إطارات المحافظة السامية للامازيغية في كل مرة يتحاشون الدخول في نقاشات حول اللغة و العرق و الدين و الجذور التاريخية و ركزوا أكثر على إبراز شخصية يوغرطا و الصراع مع روما و كل أشكال الاستعمار التي عرفتها منطقة المغرب القديم و شمال إفريقيا، مؤكدين بأن الأمة الجزائرية أمة موحدة و تاريخها مشترك و هي أمة غنية بالتنوع الثقافي و اللغوي و لا يمكن أن تحدث بين أبنائها خلافات و صراعات هامشية لا تخدم المستقبل. و ذهب متابعون للملتقى إلى القول بأن الجزائري مازال يعاني من الكبت الثقافي و اللغوي و التاريخي و يعاني أيضا من نقص الحوار و التواصل و كلما سنحت له الفرصة للتحدث يسارع إلى إفراغ مكبوتاته الدفينة حتى و لو كان ذلك على حساب الآخر و خارج موضوع النقاش.
و تطرق متدخلون آخرون إلى ما وصفوه بالوصاية و الهيمنة الاستعمارية التي تلاحق الأمة الجزائرية منذ عهد الملك النوميدي يوغرطا و حولوا الملتقى إلى محاكمة للاستعمار الفرنسي الذي قالوا بأنه سار على خطى الرومان و حاول زرع الشقاق بين أبناء الوطن الواحد بإثارة الجهوية و اللغة و الأقليات و الدين، و أكدوا بأن آثار البذور المدمرة التي زرعها الاستعمار الفرنسي في الجزائر مازالت موجودة حتى الآن و على الأمة أن تكون حذرة و مجندة للحفاظ على الوحدة و الوطن و الهوية و عدم الانسياق وراء الحملات المغرضة التي تستهدف الاستقرار و التماسك الاجتماعي بين كل الجزائريين. فريد.غ
إهداء تمثال يوغرطا المصنوع من البرونز لرئيس الجمهورية
أهدى المشاركون في الملتقى الدولي حول يوغرطا المنعقد بعنابة على مدى 3 أيام تمثالا للملك النوميدي يوغرطا مصنوع من البرونز لرئيس الجمهورية اعترافا له بالجهود التي يبذلها لترقية اللغة الامازيغية و المحافظة على الهوية الوطنية و وحدة الأمة في ظل الظروف الدولية و الإقليمية التي تهدد مستقبل الشعوب و تدفع بها إلى الصراعات و عدم الاستقرار.
المجسم البرونزي الجميل أنجزته المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بمشاركة مؤرخين و باحثين و تحت إشراف المحافظة السامية للأمازيغية و خبراء عملوا على وضع تحفة فنية متكاملة لتجسيد شخصية يوغرطا الذي خاض حروبا ومعارك دامية مع الرومان للدفاع عن المملكة النوميدية المتربعة على المغرب القديم و شمال إفريقيا.
و قال الهاشمي عصاد الأمين العام للمحافظة بأن التطور الكبير الذي تعرفه اللغة الامازيغية يعود إلى رئيس الجمهورية الذي قرر ترسيم لغة الأجداد لغة رسمية لكل الجزائريين دون استثناء، مؤكدا بأن النضال الطويل بدأ سنة 1990 عند ميلاد كلية اللغة الامازيغية بجامعة تيزي وزو، داعيا إلى مزيد من البحوث و التأليف و كتابة المقالات و ترجمة الكتب و المراجع التي تتحدث عن تاريخ الأمازيغ و مملكة نوميديا و أبطالها الذين دافعوا عنها و رفضوا كل أشكال الهيمنة الاستعمارية مهما كان مصدرها و شكلها.
و من جهته وجه وزير المجاهدين الطيب زيتوني رسالة إلى المشاركين في الملتقى اعتبر فيها يوغرطا رمزا للنضال ضد الاستعمار و رائدا للوحدة و الرقي و التقدم و مدافعا مستبسلا عن الأرضي و مملكة نوميديا.
و أضاف وزير المجاهدين في رسالته التي قرأها أحد إطارات الوزارة بأنه يثمن كل المبادرات الرامية لتوثيق تاريخنا و تراثنا من خلال الالتفات إلى الماضي و تسليط الضوء على سلسلة الكفاح المتواصل للأمة الجزائرية و ربط الأجيال بالوطن و الهوية و الرموز التاريخية و محاربة النسيان.
فريد.غ
المشاركون يدعون إلى بناء لوحات مخلدة للرمز التاريخي بالجزائر وروما
دعا المشاركون في الملتقى الدولي الأول حول الملك النوميدي يوغرطا المنظم من طرف المحافظة السامية للامازيغية بمدينة عنابة إلى تخليد الرمز التاريخي بلوحات تذكارية برئاسة الجمهورية و العاصمة الإيطالية روما حتى يبقى خالدا في ذاكرة الأجيال و الأمم باعتباره احد أبرز مؤسسي نوميديا الحرة التي تعد المرجع التاريخي للأمة الجزائرية الضاربة في أعماق التاريخ البعيد. و جاء في بيان التوصيات المنبثق عن أشغال الملتقى الذي اختتم أمس بأن ذاكرة الأمة الجزائرية تستدعي الاهتمام أكثر من أي وقت مضى بتاريخ الأجداد و الرموز و الشخصيات التاريخية التي كان لها الفضل في بناء الدولة الجزائرية على مر العصور، و في هذا الإطار فإن وزارة الخارجية مطالبة اليوم بمباشرة الإجراءات اللازمة مع إيطاليا لبناء لوح تذكاري مخلد للبطل الأمازيغي النوميدي يوغرطا باعتباره أحد أبرز حلفاء روما في مواجهة أعدائها و في نفس الوقت أحد أشد خصومها بالضفة الجنوبية للمتوسط عندما اكتشف خداع روما و سعيها لبسط الهيمنة على شعوب المغرب القديم و شمال إفريقيا. كما طالب المشاركون أيضا ببناء لوح تذكاري آخر ليوغرطا برئاسة الجمهورية و وضع صورته على الأوراق و القطع النقدية للعملة الوطنية الجزائرية كما اقترح أحد المتدخلين للمحافظة على ذاكرة الأمة و ربط الأجيال المتعاقبة بماضيها التاريخي البعيد. و شدد بيان الختام على ضرورة ترقية البحوث التاريخية و تشجيع كل عمل هادف لترقية اللغة الامازيغية بالتدريس و النشر و التأليف و التعميم وسط المجتمع الجزائري و إنشاء بنك معلومات حول تاريخ الجزائر القديم و مواصلة جهود التكوين و التأطير من طرف وزارتي التربية الوطنية و التعليم العالي و البحث العلمي لنشر اللغة الامازيغية التي أصبحت لغة رسمية مدسترة بفضل قادة البلاد الذين أدركوا أهمية المرجعية التاريخية للمحافظة على وحدة الأمة و مواجهة التحديات المستقبلية التي تواجه الجزائر على أكثر من صعيد. و أوصى الملتقى أيضا بتمكين عموم الشعب من اللغة الامازيغية و التاريخ البعيد و إنجاز أفلام وثائقية حول تاريخ الأمازيغ بتسهيل التحقيقات الميدانية الخاصة بالأبحاث التاريخية و الأثرية حول المملكة البربرية النوميدية التي كان لها الفضل في ميلاد جزائر شاسعة و متعددة الثقافات.
فريد.غ
المحافظة السامية للأمازيغية توقع اتفاقية تعاون مع جامعة عنابة لتدريس للأمازيغية
وقعت المحافظة السامية للأمازيغية أمس الاثنين اتفاقية تعاون مع جامعة باجي مختار بعنابة لتدريس الأمازيغية و ترقية البحوث حول لغة الأجداد و تاريخهم البعيد.
و بموجب هذه الاتفاقية التي يتوقع أن تتوسع إلى جامعات أخرى في المستقبل ستقوم جامعة عنابة بدراسة الحاجيات البيداغوجية و تحديد الفئة المستهدفة من الطلبة استعدادا لبداية التدريس الفعلي في أقرب وقت ممكن.
كما تم الإعلان أيضا في ختام الملتقى عن بداية التدريس الفعلي للامازيغية بمدراس عنابة الابتدائية بداية من الموسم الدراسي الجيد 2016/2017 و اختيرت مدرستان ابتدائيتان بوادي القبة و الخروبة لبداية التجربة الفتية مع تلاميذ السنة الرابعة ابتدائي قبل الانتقال إلى تلاميذ السنة الثالثة ابتدائي الموسم الدراسي 2017/2018. و تتوقع المحافظة مزيدا من التقدم في مجال تدريس الأمازيغية عبر ولايات الوطن في المستقبل داعية كل الشركاء و الهيئات المختلفة إلى بذل المزيد من الجهد و عدم الاعتماد على المحافظة فقط لإنجاح المشروع الذي يقع أيضا على عاتق الجامعات القادرة على تكوين الإطارات و ترقية البحوث و دعم مساعي تطوير الامازيغية.
فريد.غ