السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق لـ 21 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

تعلما فنون البستنة في الجيش الوطني الشعبي و من المطالعة المستمرة


عسكريان متقاعدان يؤسسان مملكة الورود بعين رقادة جنوب قالمة
بإحدى زوايا بلدة عين رقادة الصغيرة جنوب قالمة، قرر برهان سهتال و صديقه عادل طريفة بناء مشتلة صغيرة للأزهار و نباتات الزينة، وسط بيئة ريفية أقرب إلى الصحراء يزورها الاخضرار في كل سنة مرة، ثم يختفي عندما تبدأ حقول القمح الشهيرة في النضج و التحول إلى البياض و السواد، قبل موعد الحصاد.  
صديقان كأنهما توأمان تعلما فنون البستنة في صفوف الجيش الوطني الشعبي و تابعا تقنيات التصفيف و الغرس بحدائق العاصمة و حصلا على كثير من المعلومات حول أصناف الزهور و نباتات الزينة من مطالعة المجلات و زيارة مواقع الإنترنت التي تعنى بهندسة الحدائق، فتكون لديهما رصيد من المعارف و زاد شغفهما و حبهما لكل أخضر جميل يبعث الراحة و الاطمئنان في النفوس و يضفي السعادة على البيوت و يحيل الشوارع و الأزقة إلى فضاءات جميلة تسر الناظرين.  
كانت يوميات التقاعد لديهما ثقيلة، طويلة و مملة، فقررا تغيير الواقع و إطلاق مشروع مشتلة الزهور من العدم، كانت لديهما فقط المعرفة و الإرادة و كان عليهما أن يخوضا تجربة صعبة وسط بيئة قاحلة و مجتمع لا يعير اهتماما للورود التي تنمو وسط قطع من الجبس و الطين و البلاستيك و تحت بيوت شفافة تنتج أجود و أغرب أنواع الورد و النباتات القادمة من وراء البحر.  

صار الحلم حقيقة شيئا فشيئا، و أعلن الصديقان “التوأمان” عن ميلاد مملكة الأزهار و نباتات الزينة بعين رقادة البعيدة عن مظاهر الحضارة و التمدن، فبها يوجد مجتمع زراعي و رعوي يخوض صراعا مريرا مع الطبيعة من أجل البقاء.
كان الرهان في البداية صعبا، يقول برهان سهتال، 38 سنة، و هو نفس عمر صديقه عادل أيضا “كانت لدينا المعارف الكافية و الأفكار الجاهزة للتطبيق و ما كان ينقصنا هو قطعة أرض و مياه و بعض الوسائل البسيطة و بذور لأصناف مختلفة من الأزهار و نباتات الزينة، هذا فقط ما كان ينقصنا لوضع حجر الأساس لمشروع صغير، سيتحول إلى حدث كبير بعين رقادة و يأتي إليه  الناس من كل مكان”.  
قبل أربعة أشهر لم تكن هنا حديقة ساحرة، و لم يكن هنا بئر تتدفق منه المياه العذبة بلا توقف، الإرادة وحدها التي حققت كل هذا و صارت مملكة الورود بعين رقادة على كل لسان، يأتيها هواة النرجس و الياسمين من كل فج عميق للشراء، و أحيانا بدافع الفضول لرؤية عجائب الهندسة الخضراء و أشكال نادرة من عالم الطبيعة المليء بالأسرار.  
في غضون 4 أشهر، تفتح الورد و تشكلت كائنات غريبة من نباتات الزينة الثمينة و حان موعد الافتتاح و مواجهة الواقع الصعب، واقع السوق و التسويق الذي قهر كبرى الشركات و وضعها على حافة الإفلاس، و كان على الصديقين العاشقين للورد و الجمال الطبيعي الساحر، أن يواجها هذا الواقع و يبحثا عن عشاق الزهور و هندسة الحدائق و نباتات الزينة بكل الوسائل الممكنة، حتى يذيع صيت المشتلة الصغيرة و تصير على كل لسان.
يقول برهان للنصر “ كانت البداية مع نساء عين رقادة اللائي صنعن المفاجأة و أقبلن بشغف على شراء الورد و نباتات الزينة، لإضفاء البهجة و السعادة على بيوتهن، ثم التحق بهن الرجال و الشباب و صارت المشتلة قبلة لسكان البلدة الريفية الهادئة و بلغت أخبارها إلى خارج عين رقادة ، ثم إلى خارج إقليم الولاية، بعد الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي التي يديرها شباب عين رقادة ببراعة و اقتدار، و أصبح نشاطنا منتشرا على نطاق واسع و زاد عدد الزبائن و الزوار، لقد تحقق حلمنا و نحن نفكر في توسيع المشروع لإنتاج أزهار الأعراس و المناسبات و أشجار الزينة و إطلاق نشاط الديكور و تجهيز سيارات العرسان، ربما يتوسع نشاطنا قريبا و نحول عين رقادة إلى مملكة حقيقية للورود، عندما تصبح  هذه الهواية تقليدا في كل منازل بلدتنا الصغيرة”.  
و ينفق برهان و صديقه عادل المال الكثير لشراء البذور و أنواع من التربة لغرس أزهار و نباتات لكل فصل من فصول السنة الأربعة، فهناك أزهار الربيع و أزهار الصيف و أزهار الخريف و الشتاء و نباتات الظل و الضوء، و هناك أيضا أشكال و مجسمات بديعة من الكائنات الخضراء مصطفة في نظام بديع داخل الحديقة الساحرة التي جمعت أصنافا محلية و أخرى من وراء البحر، كلفت برهان و عادل المال و الجهد المضني لجعلها تنمو هنا في بيئة عين رقادة و تأتي أكلها و تصير كائنا جميلا يضاهي كائنات أشهر الحدائق العالمية.   
لم تعد عين رقادة مملكة للقمح و رعاة الغنم فقط، كما كانت منذ أمد بعيد، هي اليوم تستعد لميلاد قطب للورود و جيل جديد من الشباب يبعث الأمل من العدم و يؤسس لمستقبل واعد، تمتزج فيه حقول القمح و المراعي بحقول الورد القادم من وراء البحر، ليستوطن الأرض الطيبة التي تعطي خيراتها بسخاء و بلا حساب.    

 فريد.غ

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com