"إغرسان" أول مطعم تقليدي يطل على وادي الرمال
في ديكور تقليدي جذاب يبرز هندسة غرداية المعمارية و موروثها الثقافي و يمزجها بالتراث القسنطيني ، يتشكل مطعم « إغرسان»، الذي اختار مجاورة جسر ملاح سليمان و التربع على صخر قسنطينة العتيق، ليطل على كل معالم و مواقع المدينة الرائعة و ليستمتع كل من جلس بشرفته بإطلالة مميزة على واد الرمال و برؤية جسور قسنطية الخلابة و باستنشاق هوائها المنعش.
مطعم « إغرسان» تدل تسميته على الخيط الذي تنسج به زربية غرداية، حسب أحد أصحاب المطعم و هو مصطلح مستعمل في عديد اللهجات المحلية كالمزابية و القبائلية و الترقية و الشاوية، ويعتبر الأول من نوعه في وسط مدينة قسنطينة التي طغت على مطاعمها المتنامية بكثرة الديكور العصري، حيث يتميز بموقع جغرافي رائع، إذ يقع على حافة وادي الرمال و يجاور جسر و مصعد ملاح سليمان، فبإمكان كل من يجلس بداخله أن يتمعن بمناظر قسنطينة دون التجول فيها، و كذا بهندسة فريدة من نوعها و بألوان الجنوب الرائعة و تراثها التقليدي تبهر كل من وطأت قدماه المطعم.
و يسافر بنا المكان إلى أسواق غرداية و عمرانها و كذا موروثها الثقافي من الخيمة و المنسج و زربية غرداية و الفانوس و الجمال و النخيل و كل ما يميز ولايات الجنوب في زواياه ، فقد أبدع فنان هاوي في الأربعينات من العمر من ولاية غرداية في تصميم هذا الديكور باليد في مدة أربع سنوات مستعملا الحجارة الملونة المحلية ، و التي تم اقتناؤها من الشفة بالعاصمة و مصدرها ولايتي الجلفة و البيض حيث تُشترى ملونة، أما الكراسي و الطاولات فمصنوعة من القصب، أبدع أيضا في صناعتها شاب من ولاية البليدة، ما يجعل المطعم تحفة فنية بديكور تقليدي و أثاث محلي بنسبة مئة بالمائة، و أواني فخارية لتقديم الأطباق التقليدية.
إنجاز مطعم بديكور تقليدي بمحاذاة مصعد جسر ملاح سليمان، هي فكرة شاب من ولاية غرداية في 33 سنة من العمر، رأى بأن قسنطينة و بالرغم من أنها تتمتع بمعالم و مواقع أثرية رائعة غير أنها ليست مستغلة سياحيا، كما أن كل زائر يقصد قسنطينة أو سكانها لا يجد مكانا بوسط المدينة يعبر عن أصالتها و يبرز آثارها، فوجد بأن هذا المكان الذي كان في وقت مضى عبارة عن «دوش» و أغلق ، يجب أن يستغل سياحيا نظرا لموقعه الجغرافي الهام، حيث قام بشرائه بالشراكة مع صديقه الذي أطلق عليه تسمية « اغرسان»، فالمستثمران ينشطان في تجارة الأقمشة بشارع العربي بن مهيدي و أصلهما من ولاية غرداية .
صاحبا المحل الذي افتتح نهاية الشهر الفارط بحضور وزير الثقافة عز الدين ميهوبي الذي انبهر بديكوره و هندسته حسبهما، يسهر على تسييره تونسي مختص في مجال الإطعام و رئيس طهاة تونسي أيضا نظرا لتمتعهما بخبرة كبيرة في هذا المجال، كما يقدم الأطباق القسنطينية التقليدية بأنواعها ك «شباح الصفرا» و «الشخشوخة» و «التريدية» و «الجاري» ، تُعدها نسوة مختصات في ذلك، بالإضافة إلى مختلف أنواع العجائن و الأطباق الفرنسية و أكلات البحر الأبيض المتوسط و كذا فواكه البحر، و الأسماك بأنواعها و اللحوم و المشروبات و العصير الطبيعي و الشاي و المكسرات، و قد شهد حسبهما إقبالا لا بأس به في الأيام الأولى من افتتاحه خاصة من السياح الأجانب من إيطاليا و أمريكا و تونس.
المستثمران قالا بأنهما وجدا عراقيل إدارية كبيرة عند اقتنائه سنة 2009 و بداية الأشغال بذات السنة ، حيث تم رفض طلب تغيير النشاط من «دوش» إلى مطعم بحجة أن ذلك يمس بتراث قسنطينة اللامادي، و قد عانوا و لمدة 4 سنوات من مشاكل إدارية بسبب ذلك، إذ طلبوا منهم الإبقاء على ذات النشاط، مضيفان بأنهما وجدا كذلك عراقيل جمة من بينها تسربات المياه و صعوبة التضاريس.
و عند حديثنا إلى المسير التونسي الأصل قال بأنه لم يكن يتوقع قسنطينة بهذا الجمال الذي سحره للوهلة الأولى، مضيفا بأنها ولاية سياحية بامتياز إن تم استغلال مواقعها و معالمها الأثرية، خاصة نصب الأموات ، الذي قال بأنه اندهش عند رؤيته، معيبا على ظاهرة الرمي العشوائي للنفايات التي تشوه مناظر مدينة الجسور الخلابة.
أسماء بوقرن