المدرب زوبا حوّلني من لاعب واعد إلى باحث عن المال
اعترف اللاعب الدولي السابق حليم بلعيطر، بأن الجالية الجزائرية في المهجر تفتقد لنكهة رمضان، وأن الصيام بعيدا عن أرض الوطن يبقى دون طعم، في غياب أي مؤشر بحلول هذا الشهر الفضيل، بإستثناء أداء فريضة الصوم، لأن ريتم الحياة اليومية لا يتغير، رغم أن العائلات تسعى للمحافظة على العادات والتقاليد الجزائرية، على أمل شم «ريحة رمضان».
حاوره: صــالح فرطــاس
كما تحدث بلعيطر في هذا الحوار الذي خص به النصر عن مشواره الكروي، وكشف بأن المدرب زوبا كان وراء تحويل نظرته، من لاعب واعد إلى باحث عن المال، بسبب قرار إبعاده من المنتخب الأولمبي، فضلا عن سر تعلقه بنادي «بي.آس.جي» الفرنسي...
• كيف هي أحوال بلعيطر، وماذا عن أجواء رمضان في فرنسا؟
نحن نفتقد تماما لأجواء رمضان، ولا نشعر إطلاقا بأننا في شهر الصيام، لأن ريتم الحياة اليومية لا يتغير مقارنة بباقي الأشهر، فتوقيت العمل يبقي نفسه، كما أن المقاهي والمطاعم مفتوحة على مدار اليوم. شخصيا عودتي إلى المنزل في المساء، هي التي تجلعني أستعيد ذكريات الشهر الفضيل، وكذلك خلال السهرة، حين ألتقي ببعض الأصدقاء في المقهى، حيث نتبادل التحية بعبارة «صح فطورك».
ساهمت في تأهل المنتخب الأولمبي إلى الألعاب الإفريقية بزيمبابوي
أغلب الجزائريين يتنقلون كل أحد إلى سوق «بارباس» لمعايشة أجواء «البلاد»، لوجود محلات لصنع زلابية بوفاريك، ونسوة تحضر «الكسرة» وتبيعها.
• ماذا عن الأجواء داخل العائلة والأطباق التي تشتهونها؟
حلاوة رمضان ليست في الأطباق، وإنما في الجو العام. وافتقاد الفرد لما كان يعيشه في الجزائر، يجعل صيامه دون طعم، ولو أن الأجواء في المنازل مختلفة، إذ نتمسك بالعادات، وشخصيا فإن الشربة حاضرة يوميا على المائدة، كما أن تدشين الصوم بطبق «المرقة الحلوة» عادة لا نتخلي عنها، على أمل أن يكون الشهر حلوا حلاوة الطبق، دون نسيان البوراك والزلابية التونسية.
• بالنسبة لكم ما هي الأشياء التي تفتقدونها؟
هذه السنة العاشرة التي أصوم فيها رمضان بفرنسا، بسبب ارتباط الأولاد بالدراسة، لذا فإنني جد متشوق لمعايشة أجوائه وسط الأهل ، لأن الكثير من العادات لا يمكنني التخلي عنها، خاصة التسوق مساء، و التنقل للبحث عن زلابية وادي الزناتي وعين مخلوف، وشراء الحليب والفواكه قبيل الآذان، بالإضافة إلى «لمة الأحباب» بعد الإفطار مباشرة في المقاهي، والسهر حتى الفجر.
هذه الأشياء التي نفتقدها في الغربة.
أناصر باريس سان جيرمان منذ كان دحلب قائدا له
• هناك مشكل ظل يعترض اللاعبين المسلمين في رمضان بفرنسا؟
هذا الإشكال لم يعد مطروحا، لأن مسؤولي الأندية أصبحوا يأخذون موعد الصيام بعين الاعتبار في الاستقدام، على غرار موعد «الكان»، وذلك بتحضير البدائل، والندوة الأخيرة التي نظمتها إحدى الإذاعات، جعلت مدربين يؤكدون على أن عقود اللاعبين المسلمين تتضمن بندا يلتزمون فيه بعدم الصيام يوم المباراة الرسمية فقط، مع احترام الشعائر الدينية في التدريبات، عكس ما كان يحدث في السابق لياسين بزاز ورفيق صايفي، و الكثير من اللاعبين المسلمين الأفارقة.
• رأيك الشخصي بخصوص اللعب في رمضان؟
شخصيا كنت لا أحب اللعب خلال شهر الصيام، لأن ريتم الحياة اليومية يتغير تماما، لأنني كنت من هواة السهر إلى غاية الفجر، ثم النوم إلى حين موعد الحصص التدريبية، ثم التسوق والتجوال إلى غاية الإفطار، وهي الذكريات التي تبقى راسخة بذهني، رغم أننا كنا نلعب المباريات الرسمية على الساعة الواحدة زوالا خلال رمضان، لكن ذلك لم يكن له تأثير علينا، فالجاهزية النفسية للتعامل مع معطيات هذا الشهر، تجعل اللاعب يساير الريتم الجديد ليومياته.
• نعرج الآن على مسيرتكم الكروية. ما سر كثـرة تنقلك بين الفرق؟
كنت أريد النجاح في تسيير مشواري الكروي، من خلال البحث عن المال، فالنجاح في وقتنا كان مقترن بعلاوة الإمضاء. تنقلت بين عدة أندية، منها ترجي قالمة، هلال شلغوم العيد، إتحاد عنابة، شباب قسنطينة، وفاق سطيف، إتحاد البليدة، أهلي البرج، وحتى مشعل حاسي مسعود كلاعب ومدرب في نهاية مشواري، ولم تكن لي مشاكل مع الفرق التي لعبت لها، ولو أن هناك شيء مهم لا بد من توضيحه، وهو أن السعي وراء جمع الأموال كلاعب، جاء كنتيجة حتمية لقرار المدرب عبد الحميد زوبا مع المنتخب الأولمبي، والذي أجبرني على تغيير طموحاتي، وعدم النظر إلى المنتخب الأول كهدف، حيث كنت أساسيا مع الأولمبيين على مدار سنتين، وساهمت في تحقيق التأهل إلى دورة الألعاب الإفريقية بزيمبابوي 1996، وحافظت على مكانتي تحت إشراف الثنائي سريدي وكالام، ثم مع مصطفى هدان، وشاركت في التربص الأخير، لكن انسحاب هدان دفع بالفاف إلى الاستنجاد بزوبا، الذي ضبط القائمة النهائية، دون أن يتعرف على بعض اللاعبين، فكنت أول الضحايا، حيث حرمني من المشاركة في هذه التظاهرة، وأدرج الأخوين زواني رضا وبلال وحسان غولة، في قرار أثار حفيظة بعض الزملاء.
لا استغني عن الشربة و البوراك طيلة شهر الصيام
•وما هي أغلى الذكريات التي يحتفظ بها بلعيطر؟
رغم أنني لعبت طويلا في الوطني الأول، إلا أن أحلى الذكريات عشتها مع ترجي قالمة خلال الموسم 1996 / 1997 تحت إشراف مواسة، وكنا نمتلك أقوى فريق في الوطني الثاني، بوجود غازي، عليم، كيفاجي، عبد النوري، زياية، وقد ضاع منا الصعود بسبب قلة الأموال، لكن عدم الاحتفاظ بذلك التعداد تسبب في انهيار الترجي كلية منذ ذلك الموسم، إضافة إلى الصعود إلى الوطني الممتاز مع شباب قسنطينة، دون نسيان الصعود أيضا مع إتحاد البليدة.
• الأكيد أن هناك ذكريات سيئة؟
إجحاف المدرب زوبا في حقي يبقى أسوأ ذكرى، وسقوط ترجي قالمة من الوطني الأول سنة 1993، في أول موسم لي مع الأكابر، عندما أدرجني بلعريبي ضمن التعداد وعمري 18 سنة، حيث لعبت الكثير من المباريات، دون نسيان موسم سقوط شباب قسنطينة، والذي تعرضت فيه للعديد من الإصابات، حيث تخبط الفريق في دوامة من المشاكل الداخلية.
رمضان في الغربة دون نكهة
• ما سر إنهاء مشوارك في حاسي مسعود؟
تلك محطة استثنائية، لأن انتقال الرئيس زرقون من بني ثور إلى حاسي مسعود، جعله يجمع ترسانة من اللاعبين أصحاب الخبرة، ساكر، ذياب ومهلل من أجل لعب ورقة الصعود، وقد قضينا أوقاتا رائعة في «الحاسي»، واكتشفت هناك بعض الشبان المتألقين، أمثال الشاب حمزة سعيداني من قسنطينة، الذي كان يمتلك مؤهلات فردية عالية، لكنه تعرض للحقرة في ولايته، لأنه كان يستحق مكانة إما في «الموك» أو الخروب.
• ألم تندم على عدم الاحتراف؟
الاحتراف لم يكن سهلا في وقتنا، في غياب «المناجيرا» ووسائل التواصل، ولكل مرحلة معطياتها. لا يجب التحسر والندم، لأن الجيل الذي قبلنا أمثال عجيسة، زرقان، قطاي، مخناش وقريلي، خرج من عالم الكرة بأياد فارغة، مقارنة بما هو متوفر حاليا، لكن معرفة الرجال كانت أهم كنز اكتسبناه في العشريات السابقة.
اشتقت للتسوق والبحث عن زلابية وادي الزناتي و عين مخلوف
• هل يتابع بلعيطر البطولة الوطنية حاليا؟
أكيد،،، لكن ما يحز في نفسي تراجع المستوى. فالأموال متوفرة لكن رؤساء الأندية هم سبب المشاكل، لافتقارهم لثقافة التسيير، ناهيك عن التدخل في الصلاحيات، كما تنازل الكثير من المدربين عن مبادئهم، بدليل كثرة تنقلاتهم، فضلا عن فوضى البرمجة، التي تبقى من السلبيات التي تطرقت لها حتى الصحافة الفرنسية، وفترة الراحة ذكرتني بالموسم الذي لعبنا فيه بطولة بفوجين من 8 فرق، وهذا لا يتماشى والمكانة التي بلغها المنتخب، لأن النجاح يكون بتقديم 4 إلى 5 لاعبين للمنتخب في نهاية كل موسم.
• وما سبب هجرة مزدوجي الجنسية نحو البطولة الوطنية؟
هذه الظاهرة نتاج تجربة الاحتراف، لأن هناك أمور قانونية أصبحت تضمن للاعب حقوقه، رغم ان اللاعبين الذي قدموا من فرنسا كانوا كلهم هواة، وهناك من نجح أمثال لموشية وزرداب، وهدفهم الأول تسيير المشوار الشخصي، لأن اللعب في الأقسام السفلى في فرنسا يكون أمام 5 آلاف متفرج، أما بالجزائر، فاللقاءات تلعب أمام مدرجات مكتظة.
إشكالية صيام اللاعبين المسلمين لم تعد مطروحة في فرنسا
• ما رأيك في المنتخب الوطني الحالي؟
يجب أن نتحسر على هذا الجيل الذهبي. أهدرنا فرصة التتويج بكأس أمم إفريقيا في الدورتين الأخيرتين، على غرار ما حصل مع جيل الثمانينات، بسبب غياب الاستقرار على مستوى العارضة الفنية، لأن المشكل ليس في اللاعبين، بل في سياسة الفاف، ومعايير اختيار المدربين، وكذا السياسة المنتهجة، والتي يجب أن تكون على المديين المتوسط والطويل، وما حصل مع راييفاتس يبقى نقطة سوداء مست بسمعة الكرة الجزائرية، فمن الضروري الاستثمار في هذا الجيل وضمان الاستقرار، وتفادي التمييز بين المحليين والمحترفين.
*علمنا أنك من مناصري «البي. آس. جي» هل لنا أن نعرف السبب؟
منذ الصغر كان شقيقي الطبيب يضع في الغرفة صورة كبيرة لهذا الفريق مع مصطفى دحلب، ما جعلني أتعلق به، وعند قدومي إلى فرنسا استمر ارتباطي به، سيما بعد جلب بعض النجوم أمثال إبراهيموفيتش، سيلفا، دي ماريا... كما أناصر ريال مدريد، وأعشق زيدان منذ كان لاعبا.
أعشق الريال و زيدان و قضيت ليلة سوداء بسبب زلزال البارصا
• وكيف كان رد فعلكم بعد زلزال برشلونة؟
تلك ليلة سوداء، لأنني كنت قد بادرت إلى نشر تعليقات ساخرة بعد رباعية الذهاب، لكن السداسية لم تكن متوقعة، رغم ما أحاط بها من أسباب، وقد أجبرت على عدم تصفح «الفايسبوك» لمدة 3 أيام، لأن آلاف الأصدقاء قصفوني بالثقيل، خاصة أفراد عائلتي بالفجوج. شخصيا لم أصدق إلى حد الآن ذلك «السيناريو» الدراماتيكي، رغم أن تتويج الريال باللقب الأوروبي خفف من آثار تلك الصدمة.
ص / ف