«ضاية أم غلاس».. محمية وطنية رهينة مشروع محطة ضخ مياه الصرف
ينتظر أن تحتضن المحمية الطبيعية ضاية أم غيلاس المتواجدة بمنطقة وادي تيلات بوهران، فعاليات منافسات التجديف خلال اولمبياد البحر الأبيض المتوسط المقرر أن تنظم في المدينة سنة 2021، فالمحمية التي تتربع على مساحة3 هكتارات، تعتبر واحدة من أجمل المسطحات المائية في الغرب الجزائري، و تتميز بمقومات جمالية و سياحية كبيرة، يتوقع أن تستثمر بنجاعة قبيل الدخول الاجتماعي القادم، وذلك بعد أن يعاد بعث مشروع تحويل البحيرة إلى مسطح مائي خاص بالتجديف تحضيرا للموعد الرياضي المتوسطي.
اليوم تستقطب البحيرة الواقعة شرق وهران، هواة الصيد وكذا هواة رياضة التجديف خلال كل صائفة، ولكن بشكل محتشم بعد أن غابت عنها لسنوات طويلة كل النشاطات بما في ذلك خرجات الاستجمام العائلية، فبعد عودة الاستقرار والأمن للمنطقة وإنقضاء سنوات العشرية السوداء، شكلت مختلف مصادر التلوث أخطر تهديد للتنوع البيئي والطبيعي في البحيرة المشهورة بموقعها الاستراتيجي الممتاز، فهي تتوسط ولايات وهران وسيدي بلعباس ومعسكر، وقد كان المواطنون قديما و تحديدا قبل الأزمة الأمنية التي عصفت بالبلاد، يتوافدون إليها للصيد وذلك لكونها موطنا طبيعيا لأصناف نادرة من الأسماء، التي تتنوع ألوانها وأحجامها بين الصغيرة وحتى كبيرة الحجم تتعدى أحيانا 1 متر، كما أن المكان كان في السابق قبلة لسكان القرى المجاورة للاستجمام بمحيط البحيرة الرطب و نسيمها المنعش صيفا، خصوصا وأن بلديات و قرى شرق وهران، بعيدة عن البحر و يعد الذهاب إليه بالنسبة لسكانها بمثابة رحلة تتطلب إمكانيات مادية أولها وسيلة نقل خاصة.
لكن صورة المكان المثالية لم تبق على حالها فمع مرور الوقت بدأت يد الإنسان بالعبث فيه، كما أثرت المجاري ومياه الأودية الملوثة و قنوات الصرف الصحي سلبا على نقاء وصفاء البحيرة التي غادرتها معظم الطيور المهاجرة مثلما انقرضت منها الأسماك بعدما طالها الإهمال لسنوات، قبل أن تقرر سلطات الولاية العودة للاهتمام بهذه المحمية الطبيعية بعدما اختيرت وهران لاحتضان منافسات التجديف خلال الألعاب الاولمبية القادمة، حيث بدأ العمل على تحويل مسار مجاري وادي تليلات و وقف ضخ مياه قنوات الصرف الصحي في البحيرة، مع أن هذه المشاريع لا تزال متأخرة ولم تنجح لحد الآن في تحرير المكان و إعادته إلى سابق عهده، وهو واقع كشفت عنه الخرجات المتتالية للسلطات المحلية خلال السنوات الأخيرة، إذ اتضح خلالها أن الحل الأمثل هو إنجاز محطة لضخ المياه المستعملة بالقرب من المحمية حتى تمتص مصادر التلوث، وهو المشروع الذي لا يزال يراوح مكانه فيما تواجه البحيرة خطر كارثة طبيعية و بيئية حقيقة.
و بالرغم من أن المنطقة مصنفة كمحمية وطنية ضمن مسار رامسار الدولي، إلا أن ذلك لم يمنع أعداء البيئة من تلويثها بالقاذورات التي يرمونها دون أي شعور بالمسؤولية، سواء كانوا متجولين أو سكان القرى القريبة.
لكن مؤخرا وتحديدا منذ بداية الصيف، عادت المساعي لإعادة الإعتبار للبحيرة وهذا بعد إخضاع جزء منها لعمليات تهيئة وتنظيف سمحت لهواة الصيد بالعودة لممارسة هوايتهم، كما ستسمح مستقبلا لهواة التجديف باستغلال البحيرة أيضا، مع أن الأجزاء الأخرى من المحمية لا تزال مكبا للنفيات و مياه الصرف، في انتظار تجسيد مشروع محطة الضخ، وهو الهدف الذي تحرص لجنة الصحة والبيئة للمجلس الشعبي الولائي على الإسراع في تجسيده، حيث قرر المجلس مؤخرا تخصيص غلاف مالي من أجل تعجيل وتيرة انجاز المشروع و تحضير البحيرة لتدرج ضمن الفضاءات التي تقام بها الألعاب المتوسطية بعد أربع سنوات من الآن، إذ تتوقع اللجنة أن تكون ضاية أم غيلاس فضاء لمنافسات رياضة التجديف، خوصا بعد عودة هواة الصيد إلى البحيرة. من جهتهم، يذكر سكان القرى القريبة من المحمية الذين حدثناهم، أن نوعية الأسماك الموجودة في البحيرة نادرة ولا توجد حتى في البحر، كما أن الصيد في المحمية كان يعتبر من تقاليد شباب المنطقة عبر السنوات حتى قبل الإستقلال، واليوم عادوا ليجعلوا منها فضاء للاستجمام وممارسة هواية الصيد رغم أن التلوث أفقدها تنوعها البيئي، إذ اختفت بعض الطيور المهاجرة وبعض الأسماك التي أحجامها تصل لحوالي 2 متر طولا خلال السنوات التي تلت الاستقلال، لتبقى بذلك محمية «ضاية أم غلاس» رهينة مشروع محطة الضخ التي ينتظر أن تعيد الحياة إليها.
هوارية ب