الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

نـافذة على الشعـر الفنلندي المعاصر

تساؤلات في الفلسفة، الحب والحياة

نماذج من أشعار "بـانتي هـولابا" و "بـافو هـافيكو"

نفتح في هذا العدد من كراس الثقافة نافذة  على الأدب الفنلندي المعاصر  ممثلا   في شاعرين من أكبر الشعراء، الترجمة والتقديم للكاتب والصحفي الجزائري حمزة عماروش الذي سبق وأن اقتفى آثار محمد ديب في فنلندا  كما قدم للكراس لمحات أدبية من أقاليم الثلج .
يعد الأدب الفنلندي حديث النشأة إذا ما قارناه بالآداب الأوروبية الأخرى، لكون هذا البلد ظل تحت حماية السويد منذ القرن الثالث عشر. وقد كان النبلاء حينئذ كلهم سويديون كما كانت اللغة السويدية هي اللغة الرسمية.  في العام 1809 شنت روسيا بقيادة ألكسندر الأول حربا ضد السويد وحررت فنلندا فأصبحت دوقية تابعة للإمبراطورية الروسية. وخلال تلك الفترة بدأ الحديث عن ميلاد الهوية الوطنية وتجلى ذلك في الثقافة المكتوبة. لا نجد أساسا أدبا بارزا في فنلندا قبل القرن التاسع عشر، وقد استمر الوضع كذلك إلى غاية نشر الملحمة الشعرية ‹›الكاليفالا›› سنة1835، حيث تمت ترجمتها إلى العديد من لغات العالم. ومنه فالأدب الفنلندي هو حديث النشأة، غير أن جذوره تمتد في الواقع إلى أمد بعيد في آن واحد.  وعموما نجد في هذا الأدب بعض الكتاب البارزين مثل لينروت صاحب الكاليفالا والكونتيليتار، كما نجد أيضا ميكا والتاري، أرتو باسيلينا، إضافة إلى أرمادة هامة من الشعراء الذين ذاع صيتهم داخل البلد وخارجه.وقد أثر الإحتلال السويدي والروسي لفنلندا على كتاب تلك الفترة فكتب أغلبهم باللغة السويدية، وأصبح تعدد اللسان عائقا فيما بعد لدارسي الأدب الفنلندي الكلاسيكي، وذلك لغياب أنطولوجيات دقيقة تؤرخ لأولئك الكتاب باستثناء أنطولوجية "أصوات من فنلندا››، و التي صدرت في فنلندا وترجمت سنة 1947. ومما جاء في مقدمتها أنها موجهة للفنلديين الذين يودون تقديم هدية لأصدقائهم الأنجلوفونيين.كان الأدب الفنلندي الكلاسيكي إذن حاضرا عن طريق الأدب الشفوي، الفلكلور والشعر الشعبي. وإلى جانب الطبيعة، كانت الرومانسية موضوعا يطغى على الأدب، مما جعله  أدبا أصليا محضا. ويعد القرن الواحد والعشرين العصر الذهبي للأدب الفنلندي، وذلك لما عرفه الشعر من حركة تجديد واسعة وكذا لما حمله من موضوعات معاصرة إلى جانب المواضيع الكلاسيكية الثورية. وخلال تلك الفترة ارتفع خطاب التحرر أكثر وامتد إلى الأدب، ولعل أبرزه خطاب  المساواة بين الرجل والمرأة. وتجدر الإشارة في هذا الصدد أن فنلندا هي أول بلد في العالم يعطي حق التصويت للمرأة.ومن الكتاب الفنلنديين الذين تركوا بصماتهم في الأدب المعاصر نذكر بانتي هالوبا، آينو سايسا و بافو هافيكو الذي حاز سنة 1984 على جائزة نوستادت للأدب، وغيرهم من الشعراء والكتاب المعاصرين. وللذكر فإن الكاتب الجزائري الراحل محمد ديب سبق وأن ترجم بعضا من الشعر الفنلندي إلى اللغة الفرنسية، وكان ذلك رفقة الكاتبة والمترجمة الفنلندية ناتاليا باشماكوف في الثمانينات من القرن الماضي. وفي هذا العدد سيجد القارئ باقة من الشعر الفنلندي للكاتبين بانتي هالوبا وبافو هافيكو ،وقد كانا من الأصدقاء المقربين لمحمد ديب. بعض من هذه المختارات الشعرية ترجمه ديب إلى الفرنسية، وسبق وأن نشر بالمجلة الأدبية "أوروبا›› في ثمانينات القرن الماضي.

إعداد وترجمة: حمزة عماروش

 

بانتي هالوبا

ولد في 11 أوت 1927 بإيليكيمينكي في شمال فنلندا.  نشر حوالي خمسة عشر ديوانا شعريا وستة روايات، إضافة إلى العديد من المقالات والقصص القصيرة. كان وزيرا للثقافة بفنلندا لمدة لم تتجاوز ستة أشهر سنة 1972. ترجم هالوبا الكثير من الأدب الفرنكوفوني إلى اللغة الفنلندية، حيث ترجم لمحمد ديب، شارل بودلير، بيار ريفيردي، جون ماري جوستاف لوكليزيو، كلود سيمون، سامويل بيكيت وغيرهم. عرف بشاعريته المتجددة  كشاعر رومانسي كتب للحب، للحياة وللحرية، وترك بصماته بين قامات الشعر الفنلندي. تحصل  سنتي 1951 و1981 على الجائزة الأدبية للدولة، وعلى جائزة أكبر نادي للكتاب الفنلندي سنة 1984. وفي العام 1998 تحصل على "جائزة فنلنديا››،  وهي أكبر جائزة أدبية مرموقة في   فنلندا
لا يزال بانتي هالوبا يقيم حاليا في فنلندا. فرغم إنقطاعه عن النشاطات الأدبية إلّا أنه لا يزال يتواصل مع قرائه عن طريق صفحته الرسمية على النات.

ــ 1 ــ
ينبعث منك عطر
حين يزاوج ورقة بيضاء
يكفي لكتابة شعر لن يموت
بلى، لن يموت٠٠٠
حين يزاوج ورقة بيضاء
أثر الأصابع
في الفراغ(1991)
الخبز اليومي والحب
هما أوكسجين الحياة. هما الشمس٠
الحب/ نشوة في يومه الأول
آلام في يومه الثاني
ووحدة في اليوم الثالث
حينما يرمق المغرم بنظرات المارة
نظرات تنهش الفؤاد
حينئذ ردد ما يلي:
حين تهب نسمة الغرام
كل شيء يسير
ما يفتأ العرق مالحا
ستظل الدموع منهمرة
وستشتد لهفة الجسد كل يوم
 حينئذ سيفقد قيمته، كما نشوته
 ... حيث لا متعة بعد
عن قرب(1997)
أريد أن أكون إلى جانبك
لم أجد أشجارا، لا عالما ولا مسافات
حينما تترنح أجنحة العصفور في السما
فوق تلك المدينة
ذات الجدران الخرسانية
سأكون منكسرا قبل أن أفقد تلك الأوهام
في هذا اليوم...
أنا متيقن أن خلاياك تسترق السمع
حين أتمتم
  حين أتحدث...
 (حديث الأطلال)

 

بـافو هافيكو

ولد في 25 جانفي 1931 بمدينة هلسنكي بفنلندا. يعد من الكتاب الفنلندين المعاصرين الذين برزوا داخل الوطن وخارجه. نشر أول ديوان له سنة 1951، لينشر بعدها عشرات الكتب منها العديد من دوواين الشعر  التي ترجمت إلى أكثر من 12 لغة.
  إلى جانب الكتابة، كان هافيكو ناشرا ورجل أعمال ناجحا في ميدان تجارة الخشب. تحصل سنة 1984 على الجائزة الأدبية المرموقة نوستادت التي كان في لجنة تحكيمها الكاتب الجزائري الراحل مولود معمري. تقلد وسام الدكتوراة الفخرية من جامعة هلسنكي إلاّ أنه لم يستغل هذا الوسام لأي غرض. في سنة 1975، أسس منشورات دار الفنون التي أصبحت فاعلا مميزا في نشر الثقافة والتربية في فنلندا.
توفي هافيكو في السادس من أكتوبر سنة 2008، وشاء القدر أن يكون ذلك يوما فقط بعد تتويجه بجائزة إتحاد الكتاب الفنلنديين.

الأوديسة
أيتها الأوديسة
في منزلي، قد مضت عشر سنين والبحر لا يزال أسود، داكنا
لقد ضللت طريقي إلى البحر، إنها قصة إنسان آخر
امتد بصري مرارا إلى السماء
 فوجدت  السماء حاسدة
 كما نحن أيضا حاسدون...
 بلى...
وجدت كل شيء  حاسدا
ليس الحسد على الأرض فحسب
بل في السما أيضا
إنه إسراء الأفكار إليها
  تلك أفكارنا الجاحدة، الحاسدة...
*****

 في البحر
كان هنالك أحد الملاحين،
قد أبحر على متن رحله ملعونة، سوف لن تنتهي أبدا
 يبدو أنها آخر رحلة له...
حين أبحر ذات يوم
كنا نحسده على رحلته تلك
  كانت تلفه النشوة في السفينة
طوال عقد من الزمن...
   يا له من قدر مشؤوم
 حينما احتضن  الساحل جثته
ذات يوم لعين...
 في غياهب الذكرى
كان البحر ملكا له، السماء أيضا
 كل ذاك لم يعد يعني شيئا، حين بكيناه...
الضيوف مدعوون، أرحب بهم جميعا،في بيتي
 أنا الأوديسة...
ــ 1 ــ
 إنه يبحث عن ذاته
يبحث عن المرأة
عن الإله، عن القبيلة، عن الشيخوخة
عن المعبد...
ذاك كل ما يبحث عنه
 غير ذلك، لم يعد يرضيه شيء
التوأمان، نصف رجل، القدر
ذاك برهان لكل امرئ
أنه خلق قبل ميلاده...
ــ 2 ـ
كل امرئ خلق كذلك
يسكن تلك الجزر غير المأهولة
من غير زمن
مثل طائر يحفر الأرض
 يتغير جنسه في صمت
في هدوء
من جيل لآخر...
ــ 3 ــ
 لا يمكنك أن تسلب  المرء ماله
أرضه، حصانه، منزله
 زورقه...
لا يمكنك ذلك
 دون أن تحدد له مصيرا...
سيزول كل ذلك الملك
 لأنه مسلوب...
وستبقى وريثا وحيدا
    لكنك من غير إرث...

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com