فيلا رومانية بلوحات فسيفساء ضخمة تتوسط بنايات حي الموزينة بقسنطينة
تقوم منذ أيام بعثة مختلطة من المركز الوطني لعلم الآثار ومديرية الثقافة وديوان تسيير الممتلكات الثقافية، بإتمام عملية تحديد أبعاد فيلا رومانية بلوحات فسيفساء ضخمة، اكتُشفت خلال السنوات الماضية داخل ورشة بنايات سكنية بحي الموزينة ببلدية الخروب بقسنطينة.
وأفاد مصدر مسؤول من مديرية الثقافة لولاية قسنطينة، بأن اكتشاف الموقع يعود إلى ما بين سنتي 2009 و2010، خلال عملية حفر قنوات صرف بأرضية تابعة لترقية عقارية على مستوى حي الموزينة في بلدية الخروب، ليجد العمال آثار فسيفساء في الأرضية ما جعل الأشغال تتوقف، فيما شكلت وزارة الثقافة بعد ذلك بعثة أثرية قامت بحفرية إنقاذية للأجزاء المتدهورة، تلتها حفريتان أخريان خلال السنوات الماضية، في حين أرسلت البعثة الأخيرة، التي تضم مختصين من قسنطينة والجزائر العاصمة، من أجل تحديد أبعاد الموقع بدقة، حتى تتمكن الترقية العقارية من مواصلة بناء بقية السكنات دون المساس بالآثار.
وأشار نفس المصدر إلى أن خبراء المركز الوطني لعلم الآثار قدروا بأن المكان عبارة عن فيلا تعود إلى الحقبة الرومانية، كما نبه بأنه تم العثور خلال الحفريات على نقود أثرية وبقايا خزفية وفخارية، موضحا بأن الفسيفساء موجودة في ثلاث لوحات، منها واحدة كبيرة، بينما تضررت أجزاء من اللوحتين الأخريين خلال أشغال البناء. وقد جمعت اللُقى الأثرية التي عُثر عليها وحُفظت على مستوى متحف سيرتا، في حين تقوم مديرية الثقافة حاليا بإعداد ملف بتصنيف المنزل، كما ذكر نفس المصدر بأنه تم تسجيل مقترح لدمج الموقع في الحي السكني، مع إمكانية تحويل محيط الفيلا الرومانية إلى حديقة، ليبقى مفتوحا للزوار. وزرنا موقع المنزل المذكور على مستوى حي الموزينة، حيث لم نتمكن من العثور على المكان بسهولة، لكون غالبية من التقينا بهم يجهلون وجوده، في حين لاحظنا بالمكان أن آثار المنزل محاطة بأكوام كبيرة من الأتربة، لكن بعد تجاوزها تقابل الزائر مجموعة من الحجارة التي مازالت منظمة في شكل مربعات تشكل سورا قصيرا، ربما يكون آخر ما تبقى من جدران المنزل العالية، وتتوسطها ثلاث لوحات فسيفساء مغطاة بقطع قماشية كبيرة تستعمل في ورشات البناء. ويوجد بإحدى زوايا الموقع بعض الحجارة المكدسة وبينها جزء من عمود روماني قديم أسطواني الشكل. أما في الجهة اليسرى من المكان فقد لاحظنا خمسة أحواض حجرية صغيرة بإحدى جوانبها ثقب، فيما يلاحظ بأن الأرضية القريبة منها مفروشة بمجموعة من الحجارة الصغيرة وكأنها كانت مثبتة للمشي فوقها، مثل أرضيات الطرقات. وسألنا أحد البنائين العاملين بمشروع إنجاز مسكن بالقرب من الموقع عنها، فأكد لنا بأن مجموعة من النساء والرجال يأتون إلى الموقع كل صباح من أجل القيام بحفريات طيلة الأيام الماضية، لكنه أوضح لنا بأنه يجهل طبيعة الموقع، في حين وجدنا بالمكان كيسا بلاستيكيا مغلقا وبداخله مجموعة من بقايا الفخار، ربما تكون جرة تمكن الباحثون من تجميع أجزائها، لكننا لاحظنا وجود قطع فخارية أخرى مبعثرة في الأتربة المحيطة بالمكان بالإضافة إلى حجارة أخرى على شكل مكعبات. وقد تمكنا من مشاهدة جزء صغير من أحد أركان الفسيفساء التي تزين الأرضية، حيث يظهر فيها خط عريض باللون الأبيض وبقعة مربعة باللون الأحمر. وأشار مصدر آخر مطلع على الموقع إلى أن الفسيفساء المذكورة مزينة بورود و أشكال هندسية مختلفة، فيما يوجد شكل صليب منقوش على إحدى الصخور، و هو دلالة على أن الفيلا تعود إلى المرحلة الرومانية النصرانية. و تأتي العملية الجارية، بعد حوالي أسبوعين من اكتشاف آثار حجارة تعود إلى الفترة الرومانية داخل ورشة إنجاز ألفي مسكن بصيغة “عدل 2” بالموقع المسمى البشاكرة بوادي حميمم، حيث أفاد المسؤول عن الورشة بأن مصالح مديرية الثقافة قامت بزيارة المكان، بعد أن تم وقف الأشغال بالجزء المعني، فضلا عن منطقة محيطة بها تم تحديدها بشكل احترازي في حال وجود آثار أخرى بها، فيما أكد لنا بأنها اكتشفت خلال عمليات الحفر الخاصة بالدراسة، أين انتبه القائمون على الورشة إلى وجود حجارة مكعبة الشكل و حجارة أخرى صغيرة موزعة بشكل منظم، لكننا لاحظنا وجود بقايا أجزاء فخارية أيضا.
سامي حباطي /تصوير: الشريف قليب