نظام الإطعام و نقص النشاط الثقافي يعمقان من المعاناة النفسية للطلبة
حذّر دكاترة من تزايد المشاكل النفسية لدى الطلبة الجامعيين، وذلك لعدم وجود وعي بحتمية المتابعة لدى أطباء مختصين في المجال، كما أوضحوا أن البيئة العامة في المؤسسات الجامعية لا تساعد على خلق ارتياح، وهو ما يزيد من حدة المعاناة والتي تصل في بعض الأحيان إلى محاولات الانتحار.
وأكد المختص في علم النفس العيادي ورئيس مخبر العلاج النفسي بجامعة منتوري بقسنطينة البروفيسور موسى هاروني خلال مداخلته في يوم تحسيسي حول شروط النظافة الصحية بالوسط الجامعي وانعكاساتها على حياة الطالب المنظم من طرف الإقامة الجامعية عين الباي 4 للذكور، أول أمس الثلاثاء، أن الواقع المعاش في الجامعة الجزائرية لا يخلق ارتياحا لدى الطلبة، بل بالعكس يزيد من معاناتهم النفسية، خاصة لدى فئة معينة من الطلبة الذين لم يستطيعوا التكيف مع البيئة الجديدة.
و تابع البروفيسور أن هناك الكثير من الطلبة المقيمين بالإحياء الجامعية منطوون على أنفسهم بشكل ملحوظ وذلك لعدم قدرتهم على العيش منفردين وبعيدا عن الأسرة، وهو ما يؤثر سلبا على تحصيلهم العلمي وتواجدهم داخل الأقسام، كما أنهم يحاولون في الكثير من الأوقات البقاء معزولين عن زملائهم، ومن بين المؤشرات التي تعكس عدم تأقلمهم في عالمهم الجديد ابتعادهم عن أجواء المطاعم ومختلف النشاطات التي تعرف تواجد باقي الطلبة، منتقدا في ذات السياق الواقع بالكثير من الإقامات الجامعية والتي أضحت بالتدهور الكبير الذي تعرفه ظرفا مشددا على المعاناة النفسية لبعض المقيمين.
كما أوضح ذات المتحدث أنه من خلال الحالات التي تقدمت من أجل العلاج على مستوى جامعة منتوري في السنوات الفارطة، توجد نسبة تفوق 80 في المئة من الطلبة يعانون من اضطرابات عصبية، تم التكفل بها كما أن هناك فئة من المرضى بين 1 إلى 2 في المئة كانت تحتاج إلى علاج عقلي، مضيفا، أنه لا يوجد وعي كبير لدى الطلبة من أجل التوجه لطلب العلاج لدى الطبيب النفسي، وأنهم لا زالوا يؤمنون ببعض المفاهيم الخاطئة والبدائية حول المرض النفسي وذلك على الرغم من المستوى العلمي الذي بلغوه.
وعن أهم المشاكل التي لاحظها الطبيب موسى هراوني من خلال المعاينات التي أجراها للطلبة المرضى، صرح أنها مختلفة ومتشعبة، وتأتي في مقدمتها المشاكل العاطفية، حيث أوضح أن الكثيرين يعانون من مشاكل نفسية وانطواء بعد فشل في علاقة عاطفية مع الجنس الآخر، كما تعتبر المشاكل العائلية من بين المشاكل الرئيسية التي تدفع الطلبة إلى المعاناة النفسية، فضلا عن الخوف أثناء الامتحانات، وبخصوص هذه النقطة أوضح البروفيسور أنه لاحظ أن أغلب الأساتذة يفتقرون لمنهجية بيداغوجية في التعامل مع طلبتهم قبل وأثناء الامتحانات، بحيث يميلون إلى أسلوب الترهيب مباشرة.
وحذر البروفيسور هاروني من عدم التوجه نحو المختصين النفسانيين من أجل العلاج وهو ما زاد من تفاقم الكثير من الحالات لتبلغ بعضها محاولات الانتحار، كما اعترف بوجود نقص في التكفل على مستوى الجامعات، حيث تبقى برأيه المجهودات الحالية غير كافية، كما طالب بمنح حرية أكبر للطلبة في خلق نوادي وجمعيات ذات الإطار الثقافي والرياضي باعتبارها الكفيلة بخلق ارتياح نفسي، وعدم خلق النوادي والجمعيات في المجال الديني فقط، مع حثه الطلبة على الانخراط أكثر في مثل هذه النشاطات، والاقتداء ببعض الجامعات العالمية التي تولي أهمية كبيرة بمثل هذه النشاطات.
بدوره انتقد الباحث والأستاذ بجامعة عبد الحميد مهري ربيع زعيمية نظام الإطعام في الوسط الجامعي الجزائري مقترحا البحث عن طرق أخرى لتسييره، وذلك بسبب ما يشكله من ضغط نفسي على الطلبة، بداية من طول مدة الانتظار والتي تأخذ في الكثير من الأحيان وقتا يبلغ ساعتين في كل وجبة، معتبرا أن الانتظار في طابور طويل قبل بلوغ الدور يخلق نوعا من الاحتقان لدى الفرد، ويزيد من متاعبه النفسية، كما أوضح أن القيمة الغذائية المتدنية للوجبات عكست صورة نمطية سيئة لدى الطلبة تجاه الوجبات المقدمة، إذ لم تفلح المجهودات المبذولة في تحسين الخدمات من تعديل اتجاهات الطلبة.
عبد الله.ب