فريدة سلال تروي سيرتها في كتابها الجديد - نوماد -
قدمت أمس ، الكاتبة فريدة سلال، بقسنطينة كتابها الجديد «نوماد»، مؤكدة بأنها سردت من خلاله قصة حياتها مع زوجها و عائلتها و المحيطين بها ، و علاقتها الوطيدة بالصحراء التي علمتها الكثير من الخبايا و القيم ، التي لم تتعلمها في المدارس و الجامعات و المكتبات الكبرى.
اللقاء الذي نظمته و احتضنته مكتبة «ميديا بلوس» بوسط المدينة، انطلق بوصلات غنائية تارقية ، مرصعة بالزغاريد و الكثير من الحب و الحنين و التحدي، من تقديم فرقة تابعة لجمعية «أنقذوا الإمزاد « التي أسستها الكاتبة في سنة 2003 ، ثم تلته جلسة بيع بالتوقيع لمؤلفها الجديد «نوماد» الذي يتكون من 300 صفحة و 29 فصلا، و أشارت إلى أنها سردت من خلاله فصولا هامة من حياتها و علاقتها بزوجها، الوزير الأول السابق عبد المالك سلال، التي أكدت بأنها علاقة يسودها الحب و الاحترام و التفاهم و الكثير من المرح و خفة الدم ، كما أنه يشجعها على الكتابة و الإبداع و تجسيد مشاريعها الثقافية الهادفة لإبراز التراث اللامادي الذي تزخر به بلادنا و الحفاظ عليه.
السيدة سلال المولودة بنت بوزيد ، أعربت من جهة أخرى عن أسفها لأنها لم تكتب «نوماد» باللغة العربية، بل بالفرنسية، و لم تتم ترجمته بعد، و أكدت بأنها تدين للصحراء بالكثير، فهي مصدر إلهامها و هي التي منحتها الرغبة و الطاقة للكتابة بشغف و اعتبرتها مدرسة للإبداع العميق ، تعلمت منها بمساعدة أهلها الطيبين، الكثير من القيم و الأشعار و خبايا التراث و التاريخ و الدروس في الحياة.
و ذكرت الدكتورة سلال عدة أحداث و حوادث، دفعتها لكتابة «نوماد» بعد مؤلفاتها السابقة «فارس» ، « آسوف»و «إمزاد» التي استوحت معظمها من عمق الصحراء، و من بينها أنها تاهت في قلب الصحراء بين الكثبان الرملية و بقيت وحيدة ، منعزلة عن العالم طيلة يومين كاملين، و شاء القدر أن تهب زوبعة رملية قوية هزتها من الأعماق ، و جعلتها تشعر باقتراب النهاية، لكنها نجت في نهاية المطاف، و حملت معها نواة قصة جميلة و مثيرة و شيقة، كتبتها من رحم المعاناة و الشغف.
أنا رحالة متيمة بالصحراء
و بخصوص عنوان الكتاب «نوماد»، أو رحالة ، قالت الكاتبة بأن حياتها كانت عبارة عن تنقلات و رحلات مستمرة، إلى مختلف المناطق بشرق و غرب و شمال و جنوب البلاد، ناهيك عن أسفارها الكثيرة إلى الخارج، لكنها انجذبت أكثر إلى منطقة تمنراست بصحرائها الشاسعة، حيث «وجدت الأشياء الصغيرة التي تصنع الأشياء الكبيرة» ، على حد تعبيرها، مشيرة إلى أنها قصدتها لأول مرة بحكم عملها كمهندسة في الاتصالات السلكية و اللاسلكية و لم تكن متحمسة لذلك، لكن والدتها التي أفردت لها مساحة معتبرة في كتابها ، قالت لها «اذهبي هناك ستجدين الجنة»، فذهبت، حيث «ينصت الرجال إلى الصمت و يتلقون رسائله «، و يحفظون أشعار الحب و المقاومة منذ عهد الاستعمار الفرنسي و يطوعون آلة الإمزاد لكل مشاعرهم و انكساراتهم و آمالهم و آلامهم و يهيمون غناء .. هناك ذاقت طعم الحياة الحقيقية و خاضت مغامرات عديدة.
و ذكرت المتحدثة بأنها مهندسة و كانت أستاذة جامعية عملت كمستشارة و خبيرة دولية في إعادة تأهيل المؤسسات داخل و خارج الوطن و حصلت على شهادة دكتوراه في الفيزياء، ما جعل الكثيرين يتساءلون كيف أصبحت كاتبة؟! و ترد عليهم بأنه بمثابة»حادث سير» بالصدفة، لكنها تعتبر نفسها مثقفة و لا علاقة لها بالسياسة، و ترفض خوض هذا المجال، رغم أنها زوجة وزير أول سابق.
كما أعربت عن تأثرها لأنها تعرضت مؤخرا للكثير من الإشاعات و الانتقادات التي زادتها تصميما على مواصلة مسارها كمثقفة و مبدعة، تعشق وطنها و تحمل قضية الذود عن كنوز التراث اللامادي الذي تزخر به الصحراء الكبرى، من خلال جمعية «أنقذوا الإمزاد» التي أسستها في 2003 بتمنراست، و تمكنت في سنة 2004 من إنشاء دار الإمزاد على مساحة 10آلاف هكتار التي تجمع شمل الفنانين و تحافظ على إبداعاتهم من القرصنة و الزوال بالتدوين و التسجيل و تستقبل المهتمين بالتراث و التقاليد، كما تضم فصولا لتعليم طابع الإمزاد ، الذي يحمل اسم الآلة الموسيقية التراثية العريقة التي تعزف بها ألحانه مع تخصيص ورشات لتصليح هذا النوع من الآلات الدائرية الوحيدة الوتر المزينة بحروف تيفيناغ و أشكال تراثية.
و يبقى أهم مشروع بالنسبة للدكتورة في الفيزياء و رئيسة جمعية «إنقذوا الأمزاد» هو إنشاء مؤسسة عالمية للإمزاد ، و تجسيد مجموعة من الأبحاث في هذا المجال.
إلهام.ط