الدوداش..لعبة إلكترونية تجمع ما فرقته الهواتف الذكية
تدخل البيوت دون استئذان، و لا تفرق بين مدرسة، مكان عمل، أو شارع، و تحظى برواج و إقبال قياسي بين الشباب، المراهقين و حتى كبار السن، لدرجة الإدمان عليها ، إنها لعبة الدوداش التي مكنت الهواتف الذكية ، من جمع الأشخاص بعد أن فرقتهم لوقت طويل.
الدوداش، السيسلاز أو السيكلا، أسماء كثيرة، للعبة إلكترونية واحدة، تمكنت من استقطاب الملايين و جمعهم حولها لساعات طويلة، اخترقت المجتمع الجزائري ، فبات يلعبها الصغير، قبل الكبير، و يجتمع حولها الأصدقاء يوميا، كأفيون مسيطر على العقول، ليتمكن الهاتف الذكي لأول مرة من كسر الوحدة التي خلقها في المجتمع، بسبب الانشغال الفردي و النشاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، و يجمع الأفراد حوله لأجل لعب الدوداش.
أفيون جديد
أضحت لعبة السيسلاز بديلا فعليا للعبة الدومينو الأكثر شعبية التي ظلت لعقود طويلة المفضلة لدى من تستهويهم الألعاب الجماعية، حيث تمكنت من دخول كافة الأماكن، فنجدها في مختلف المؤسسات التربوية، خاصة في الطورين المتوسط و الثانوي، أين يؤكد بعض الطلبة بأنهم يجتمعون في أوقات الراحة، أو عند غياب الأساتذة، للعبها في شكل مجموعات، كما يحرصون على لعب دورة أو دورتين خارج أسوار المؤسسات، معتبرين هذه اللعبة مسلية و تساهم في تنشيط الفكر من خلال التركيز في البحث عن حلول تكون مربحة في النهاية.
بالمؤسسات الاقتصادية أيضا، وجدت الدوداش منفذا لها، و أضحت لعبة مفضلة لدى العمال في أوقات الفراغ، أو خلال فترة الإستراحة بين منتصف النهار و الواحدة زوالا، أين يشكلون جماعات تلقي بكل تركيزها على اللعب بجدية كبيرة، إلى أن أضحت تقليدا يوميا ، حسبما أكده لنا الكثير من العمال ببعض المصانع و المؤسسات الكبرى.
حظر اللعبة الأكثر شعبية بالمقاهي
و تعتبر الأماكن العمومية و المقاهي أيضا من أهم الأماكن التي تغزوها اللعبة اليوم، أين يتحول أحد الهواتف الذكية إلى سلطان يتربع على طاولات المقاهي، و يتداول أربعة أصدقاء على اللعب و هم يرتشفون فناجين القهوة أو كؤوس الشاي التي يبقى عددها لدى الكثيرين، مرتبطا بالوقت الذي تستغرقه اللعبة، حيث يقول حمزة أحد مدمني اللعبة، بأنه يلتقي يوميا بعد يوم شاق من العمل بمقهى الحي الذي يقيم به، برفاقه و يلعبون الدوداش لساعات طويلة حسب الدورات التي يتم لعبها و التي قد تصل إلى 3 أو 4 دورات خلال الأمسية الواحدة.
اللعبة و إن كانت الأكثر شعبية على مستوى المقاهي، إلا أن أصحاب المقاهي يعتبرونها ضيفا غير مرغوب فيه ، و لجأ بعضهم لمنعها من خلال تعليق لافتات كتب عليها “ممنوع لعبة الدوداش”.
صليح، صاحب مقهى، أوضح بأنه قرر حظر ممارستها لما تخلفه التجمعات الناتجة عن اللعبة من فوضى بالمقهى، كما أنها ترغم من يلعبها على المكوث طويلا هناك، و هذا يعني أنه يحتل مكانا تجاريا لوقت طويل ، فيما لا يرتشف إلا فنجانا واحدا من القهوة أو الشاي، و كثيرا ما يتم التناوب عليه بين الفريق اللاعب، ما اعتبره أمرا غير مربح، بل على العكس من ذلك ، كما أكد.
في حين قال أحمد، مسير مقهى آخر، بأن اللعبة لا تزعجه، بل العكس ، لأنها تستقطب الكثير من الشباب و جلبت زبائن جدد أصبحوا يفضلون هذا المقهى، لعدم تعرضهم للطرد أو المضايقات من المالك، معتبرا بأن الأمر لا يضر بأي جهة ، ما دام الدوداش مجرد لعبة مسلية،كما أكد.
و تعتبر لعبة السيسلاز الإلكترونية لعبة مجلس استراتيجية، تجمع بين لاعبين اثنين إلى أربعة، و تمارس على نطاق واسع عبر مختلف أنحاء العالم، و ليس بالجزائر فحسب، و تشبه ، كما يقول عشاقها ، لعبة الدومينو أو النرد، كما أن هدفها بسيط، حيث أن لكل لاعب سباق الرموز الأربعة التي تتضمنها إلى أن يموت أحدها أو يموت النرد الذي يرمى بين اللاعبين.
إ.زياري