الأحد 24 نوفمبر 2024 الموافق لـ 22 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

زوج «مخلوع» يكسر جدار الصمت و يدعو لتقييد المادة 54 من قانون الأسرة


الخلع سلاح دمار شامل بيد زوجات أنانيات و الأبناء يدفعون كل الفواتير
يدعو زوج خلعته زوجته و صمم على أن ينقل معاناته إلى القراء، كأول جزائري يكسر جدار الصّمت لاستخلاص العبر، إلى عدم إخضاع اختيار الطرف الآخر لمحك العاطفة فقط، و العودة إلى تعاليم الدين و عادات و تقاليد الأجداد في هذا المجال،  لأنها، حسبه، تقود إلى الاختيار الأمثل و وضع أسس متينة لحياة زوجية مستقرة، كما يدعو المشرع إلى تقييد اللجوء إلى الخلع، الذي تفشى بمجتمعنا بشكل مرعب و أصبح سلاح دمار شامل بيد الزوجات يستعملنه في لحظات غضب و أنانية ، مع الحرص على إجراء تحقيق اجتماعي معمق، قبل الموافقة على أية دعوى من هذا النوع، و ذلك لحماية البيوت من شبح الخراب و الأبناء من اليتم و التشرد و الضياع .  
التقينا بمهدي .ب ، 52 عاما ، بناء على موعد مسبق في عيادة طبيب، و أعرب لنا عن رغبته في تكسير جدار الصمت و سرد قصته مع الزواج و الخلع، لتكون عبرة لمن يعتبر من الشباب، لكي لا ينساقوا، كما قال، خلف وميض العواطف عند اختيار شريكة الحياة، بدل التفكير العقلاني،  مشيرا بأصابع الاتهام إلى المادة 54 (أمر رقم 05 ـ 02 مؤرخ في 27 فيفري 2005) من قانون الأسرة الجزائري المعدل، المتعلقة بالخلع، و التي جاء فيها «يجوز للزوجة دون موافقة الزوج أن تخالع نفسها بمقابل مالي . إذا لم يتفق الزوجان على المقابل المالي للخلع، يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم».
لا أزال تحت الصدمة و أبنائي وجعي الأكبر
لاحظنا بأن محدثنا يحفظ المادة عن ظهر قلب، لأنه اكتوى، كما قال، من نارها، و لا يزال يعاني من عواقبها هو وثلاثة أبناء تتراوح أعمارهم بين  22 و 12عاما، مؤكدا بأن أسرته ليست الوحيدة التي انهارت بضربة قاضية من رحم هذه المادة الموجعة، فهناك آلاف الأسر كأسرته و مئات الأبناء كأبنائه، و أشار إلى أن كل وسائل الإعلام التي دقت ناقوس الخطر في ما يتعلق بظاهرة الخلع، و من بينها النصر قبل أشهر، دون أن تنقل معاناة الرجال «المخلوعين»، لأنهم يرفضون الحديث عن التجربة المؤلمة التي يصنفونها في خانة الطابوهات، لأنها تجعلهم يشعرون بالخجل و العار و الإحباط لدرجة الاكتئاب، و حتى الانهيار العصبي أحيانا.
و أضاف مهدي بأنه فكر كثيرا قبل أن يتخذ قرار فتح قلبه، لعل الصخرة الثقيلة التي يشعر بأنها تجثم فوق صدره و تخنق أنفاسه تزول و تتلاشى، و عاد بذاكرته إلى سنوات طويلة من حياته ، قائلا «أنتمي إلى أسرة بسيطة متعددة الأفراد ، و كنا نقيم معا في منزل كبير بحي شعبي في قسنطينة، و كانت تزور ابنة أختي في المنزل من حين لآخر، فتاة جميلة أخبرتني بأنها زميلتها في الدراسة و تربطهما صداقة وطيدة، و تعرفت لاحقا على شقيق الفتاة و أفراد من عائلتها ، ثم نشأت بيننا قصة حب تطورت بمرور السنوات ، و علمت منها بأنها تعاني من مشاكل و ضغوط لا تنتهي مع أفراد أسرتها، فوالدها استقال من مسؤولياته ، و والدتها منهمكة في العمل  و تبذل قصارى جهدها من أجل إعالة أبنائها. و عندما عرضت على الفتاة الزواج، و شرحت لها بأنني مجرد عامل بسيط بعقد مؤقت، و مستواي التعليمي متوسط و لدي غرفة واحدة في المنزل العائلي ، وافقت بسرعة، و كان شرطها الوحيد أن أسمح لها بمتابعة دراستها الجامعية. لم أتردد في قبول شرطها و مباركته ، و بعد شهور معدودة من الخطوبة ، نظمت أخواتي حفل زفاف بسيط ببيتنا و تزوجنا و كنا نرفل في السعادة و نحن ندخل قفص الزوجية بمعنى الكلمة، لأنني لم أكن أستطيع أن أوفر لها سوى غرفة صغيرة بمنزل أهلي «.
زيارات و تدخلات أفراد عائلة زوجتي أشعلت أول فتيل خلافاتنا
توقف المتحدث فجأة عن الكلام، و طلعت من أعماقه تنهيدة ألم و تابع» قضينا الثلاث سنوات الأولى من زواجنا في هناء و استقرار، أنجبنا خلالها ابننا البكر، ثم اندلعت الصراعات و المشاكل ، من جهة بين زوجتي و زوجات إخوتي، لأننا كنا نقيم بنفس المنزل، و من جهة أخرى بيني و بينها بسبب زيارات إخوتها و أخواتها  المتكررة و مكوثهم لأيام و أسابيع معنا في نفس الغرفة، علما بأنني قلت لها قبل الزواج بأنني لا أملك سوى غرفة واحدة في منزل والدي الذي يقيم فيه إخوتي المتزوجين و أبنائهم. و كنت أتساءل هل تزوجتها هي أم عائلتها بأكملها؟ و كنت أشعر بالانزعاج و الحرج و أخبرها بذلك، لكنها لم تحرك ساكنا».
و تابع بنبرة حزن وحسرة « عندما تخرجت من الجامعة ، بحثت لها عن عمل في سلك التعليم، في البداية كان مؤقتا، ثم حصلت على منصب قار، و عندئذ تضاعفت زيارات و تدخلات أمها و أخواتها و إخوتها في حياتنا ، و كنت أشم رائحة الغيرة و التحريض على الانفصال من كلامهم ، من أجل الاستحواذ على راتبها، لأن وضعهم المادي كان سيئا جدا، و كنت أتظاهر باللامبالاة أحيانا، و أخرى أنصحها بكل حب و حنان أن تتجنب الأقاويل و الإشاعات التي قد تهدد حياتنا الزوجية، لكنني أدركت في نهاية المطاف أنني أحارب عائلة كاملة من أجل  حماية زوجتي و أبنائي فقد أصبح لدينا ثلاثة أبناء، و لأنها كانت تعمل  و تعود متعبة في المساء، كنت أساعدها في تربية الأبناء و أشغال البيت لعلها تفهم بأنني أحبها و أحب أبنائي و تتمسك بنا أكثر من أي شيء آخر، و لوضع حد لمشاكلها مع زوجات إخوتي، استأجرت بيتا صغيرا و انتقلنا إليه لعلنا نجد الراحة و الهدوء».
زوجتي طعنتني بسكين
اغرورقت عينا مهدي بالدموع و طأطأ رأسه مطولا ، ثم أردف» هيهات أن نجد الهدوء و كأن حياتي معها سلسلة عواصف و زوابع متتابعة، أصبحت زوجتي عصبية جدا تصرخ دون سبب و تهملني و تهمل أبناءنا، و تقضي وقتها مع أفراد أسرتها أو جارة شابة حذرني منها جيراني لأنها، حسبهم، ذات سمعة سيئة، و كنت ألاحظ بأن زوجتي أصبحت كثيرة الكلام في هاتفها النقال، و تحمله دوما معها، و كلما أسألها عن السبب، ترد بانفعال بأنها تتواصل مع صديقاتها و قريباتها، و شاء القدر أن يصاب ابننا البكر بمرض خطير، و كدت أنهار من الخوف عليه في رحلة العلاج الصعبة، و بعد أن تجاوز مرحلة الخطر،  عادت مجددا العواصف إلى منزلنا و معها إدمان زوجتي على مكالمات مجهولة .عدت ذات يوم مبكرا إلى البيت، و عندما هممت بفتح الباب ، سمعت زوجتي تعبر عن حبها و شوقها لشخص كانت تدعوه «حبيبي»، جن جنوني و فتحت الباب بسرعة و عندما حاولت انتزاع الهاتف من يدها حطمته، و رفعت يدي لأصفعها ، فطعنتني بسكين في صدري..».
توجهت إلى المستشفى و تلقيت الإسعافات اللازمة،  و ادعيت بأنني سقطت فوق جسم حاد، و رفضت رفع شكوى ضد زوجتي من أجل أبنائنا، و عندما عدت إلى البيت، بدل أن تعتذر و تشرح طلبت مني أن أطلقها، أتدرون ماذا فعلت ؟ صفعتها و حملت ثيابي و عدت إلى غرفتي القديمة و جراح روحي و قلبي تنزف بسبب سكين الخيانة و الغدر ، أكثر من جرح سكين طعنتني به شريكة حياتي و أم أولادي و قلت لنفسي، الزمن كفيل بكل شيء.. و صبرت و احتسبت ربي، و كنت أزور أبنائي من حين لآخر و أقدم لهم ما تيسر من مصروف، و لم أكن أتحمل نظرات الحيرة و القلق و الخوف في عيونهم البريئة، لأنهم ضحايا اختياري الخاطئ لأمهم.
الاستدعاء الذي قلب حياتي رأسا على عقب
و في أحد الأيام ، بينما كنت بمقر المؤسسة التي أعمل بها، أحضر لي ساعي البريد استدعاء من محكمة شؤون الأسرة، و اكتشفت أن زوجتي رفعت دعوى خلع بعد أن حصلت على سكن وظيفي، أقسم بالله كدت أموت قهرا ليس من أجلي، بل من أجلي صغاري الأبرياء و آمالي التي تحولت إلى آلام مزمنة ، و عندما حان موعد الجلسة ، توجهنا إلى مكتب القاضية ، سألت زوجتي عن سبب رفعها للدعوى، فلفقت مجموعة من الأكاذيب و الادعاءات دون خجل أو وجل، و عندما حان دوري للكلام، لم تتركني زوجتي أتكلم و حاصرتني بالاتهامات، و عندما طلبت منا القاضية توقيع عريضة بحوزتها، لم أتردد في ذلك دون أن أقرأ و لو كلمة واحدة».
و استطرد مهدي قائلا» انتهت 15عاما من الحب و الزواج و الحياة المشتركة، و انهار كل شيء»ما عليهش»، لكن ماذا عن الأبناء؟ ابني البكر اضطر للتوقف عن الدراسة تحت وطأة الظروف القاسية، في حين يحاول أخوه و أخته تحدي نفس الظروف لمتابعة تعليمهما. أشعر أن سوطا يجلدني كل يوم و كل ساعة و كل ثانية عندما أفكر بمصير فلذات كبدي .. خاصة بعد زواج والدتهم من رجل غريب، لدرجة أنني لا أستطيع النوم ليلا و تجتاحني حالة من الرعب و الاختناق و أكاد أنهار و أغرق في بحر يأسي تحت وقع صدمة الخلع. أنا الآن أعالج عند طبيب متخصص في الأمراض العصبية يصف لي بانتظام مهدئات و حبوب منومة. أزور أبنائي في المواعيد التي حددتها المحكمة ، رغم أن طليقتي حاولت حرماني من هذه النعمة الوحيدة في حياتي، و اتهمتني بالاعتداء عليها بالشتم و القذف و رفعت دعوى بذلك، لكن العدل انتصر في نهاية المطاف و صدر حكم ببراءتي.
بالرغم من أن راتبي محدود ، أحرص على أن أقوم بواجب الإنفاق على أبنائي بانتظام و توفير كل احتياجاتهم، لكن هذا غير كاف، حلمي أن أحصل على سكن اجتماعي و يعودون للعيش معي وجددا و أعوضهم على الحرمان الطويل، لقد تقدمت بطلب و أودعت ملفا للحصول على سكن اجتماعي منذ سنوات و أنا في انتظار تحقيق حلمي.
أدعو اليوم المشرع الجزائري أن يرأف بالأسر و بالأطفال ضحايا الخلع ، و يعيد النظر في المادة 54 من قانون الأسرة و يحيط الخلع بقيود تحد من انتشاره، حتى لا تستسهله الزوجات، خاصة الموظفات المستقلات ماديا، في لحظات طيش و تهور أو أنانية، و كأنه موضة نسوية في مجتمعنا. كما أدعو الشباب إلى عدم التسرع في الزواج و العودة عند اختيار النصف الآخر إلى الشريعة و العادات و التقاليد».
إلهام طالب

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com