تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلية سياسة ضم الأراضي الفلسطينية، حيث كشفت عن مشروع استيطاني ضخم يشمل بناء 9 آلاف وحدة سكنية جديدة، في محافظة /قلنديا/ بالرغم من تصنيف المنطقة "أرض فلسطينية" ضمن ما يعرف ب "صفقة القرن"، وذلك في تحد جديد لقرارات الشرعية الدولية التي تعتبر الاستيطان الإسرائيلي إجراء "غير شرعي" فقد كشفت حكومة الاحتلال أمس الثلاثاء، عن خطة لإقامة حي استيطاني ضخم على أراضي مطار القدس الدولي (قلنديا) شمالي القدس المحتلة، رغم أن الخطة الأمريكية المزعومة للسلام و المعروفة بـ"صفقة القرن"، صنفت هذه المنطقة على أنها "منطقة سياحية للفلسطينيين".
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) اليوم الأربعاء، أن وزارة الإسكان بحكومة الاحتلال باشرت الإعداد للمشروع منذ عشرة أيام، مشيرة إلى أنه سيقام على أراضي مطار (قلنديا) وصولا لجدار الفصل العنصري، بحيث يفصل الجدار بين الحي الاستيطاني الجديد والمناطق الفلسطينية في محيط القدس المحتلة مثل كفر عقب.
وسيقام المشروع على نحو 1200 دونم ليشمل ما بين 6 آلاف إلى 9 آلاف وحدة سكنية استيطانية، بالإضافة إلى مراكز تجارية بمساحة 300 ألف متر مربع، فيما ستخصص مساحة 45 ألف متر مربع كمناطق تشغيل وفندق وخزانات مياه وغيرها من المنشآت.
وبحسب ما أعلن في بنود "صفقة القرن" التي رفضها الفلسطينيون و المجتمع الدولي بصفة عامة باعتبار أنها "لا تلبي أدنى الحقوق المشروعة للفلسطينيين"، فإن هذه المنطقة كانت ستخصص لإنشاء مشاريع سياحية بعد قيام الدولة الفلسطينية، لتشمل فنادق ومتاجر بهدف "دعم سياحة المسلمين للقدس وللأماكن المقدسة".
ووفق المخطط سيعاد توزيع الملكية في المنطقة قبل إصدار التراخيص و دون موافقة أصحاب الأراضي.
وفي نوفمبر من العام الماضي، كشفت تقارير صحافية أن ما يسمى ب"وزارة الاستيطان" الإسرائيلية تعمل على إعادة إحياء مخطط استيطاني على أراضي مطار القدس الدولي (قلنديا) المهجور، لتوسيع مستوطنة "عطرت" شمال مدينة القدس المحتلة.
ولفتت التقارير حينها إلى أن الحي الاستيطاني يشمل 11 ألف وحدة سكنية تمتد على نحو 600 دونم من المطار المهجور ومصنع الصناعات الجوية حتى حاجز قلنديا، علما أن حزب العمل –آنذاك- صادر هذه الأراضي في مطلع السبعينيات.
وتتضمن الخطة حفر نفق تحت حي كفر عقب من أجل ربط الحي الجديد بتجمع المستوطنات الشرقي.
و كشفت مصادر إعلامية أن هذا المخطط الاستيطاني الضخم "وضع قبل عدة سنوات، وتم تجميده في أكثر من مناسبة بسبب الضغوط السياسية الدولية الرافضة للاستيطان في الأراضي المحتلة عام 1967، وخصوصا المعارضة التي أبدتها الإدارة الأميركية السابقة برئاسة باراك أوباما في حينه" التي عارضت التوسع الاستيطاني بالقدس.
قال عضو التجمع الديمقراطي الفلسطيني، عمر عساف، أن الجميع يعلم بأن بنود ما يسمى ب "صفقة القرن" و هي خطة أمريكية تزعم تحقيق السلام بين الجانبين الفلسطيني و الإسرائيلي كشف عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 28 يناير المنصرم، "بدأ تطبيقها قبل حتى أن يتم الإعلان عنها وأن الإجراءات المتعلقة بالقدس المحتلة بحسب الصفقة بدأ العمل عليها منذ سنتين تقريبا عندما تم نقل السفارة الأميركية إلى القدس أو التنصل من المسؤولية تجاه وكالة غوث و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين وغيرها من الإجراءات...".
وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أن " الفلسطينيين يعيشون مرحلة جديدة الآن يحاول فيها الاحتلال تحويل كل شبر من الأراضي الفلسطينية إلى بؤر استيطان وهذا جوهر الصراع مع العدو".
ومن جهته اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أن خطة /صفقة القرن/ "ليست خطة أو تفاهم بين الولايات المتحدة و سلطات الاحتلال الإسرائيلي للسلام وإنما هو مشروع ضم الأراضي والاستيطان يفرض بالقوة والإملاءات"، و دعا بالمناسبة دولا أوروبية وشركات أمريكية وتايلاندية إلى "الانسحاب الفوري من العمل في مستوطنات إسرائيلية غير شرعية"، وفقا للقانون الدولي.
وسلم عريقات أمس الثلاثاء قناصل دول بريطانيا وفرنسا وهولندا في فلسطين لدى لقائهم كل على حدة في مدينة رام الله بالضفة الغربية رسائل خطية لوزراء خارجية هذه الدول "تدعوهم لسحب شركاتهم العاملة في المستوطنات الإسرائيلية"، كما بعث رسائل لوزراء خارجية لوكسمبورغ وتايلاند في نفس الشأن إضافة إلى ست شركات أمريكية "تقوم بانتهاك فاضح للقانون الدولي بالعمل في المستوطنات الإسرائيلية في دولة فلسطين المحتلة".
وطالب عريقات الدول والشركات "بوقف هذه الانتهاكات الفاضحة للقانون الدولي و وجوب الالتزام بها"، مشيرا إلى أن الشركات التي لن تنسحب ستكون عرضة للمساءلة القانونية في المحاكم الدولية والوطنية.
ويأتي ذلك أيام بعد إصدار المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة تقريرا يكشف قائمة ما مجموعه 112 شركة أو كيانا تجاريا "تقوم بأنشطة تتعلق بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وخلال لقائه سفير تركيا في فلسطين أحمد ديمرير، أوضح عريقات أن الولايات المتحدة و سلطات الاحتلال الإسرائيلي "تعلنان صراحة معارضتهما للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومواثيق لاهاي لعام 1949 وميثاق لاهاي لعام 1907 وميثاق روما لعام 1998" التي تعتبر المستوطنات غير شرعية و تدعو إسرائيل إلى تفكيكها.
وحث المسؤول الفلسطيني على ضرورة الإسراع بعقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات للسلام على أساس القانون الدولي والشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وبما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد استقلال دولة فلسطين على حدود 1967.
وذكرت مصادر إسرائيلية ترصد الاستيطان في القدس المحتلة، أنه "كلما اقترب موعد الانتخابات، يدفع نتنياهو بمزيد من الخطوات غير المسؤولة. إن بناء حي ضخم خلف الخط الأخضر هو محاولة لفرض حقائق ثابتة على الأرض".
بدورها ذكرت منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية، غير الحكومية، أن "نتنياهو يسعى لتوجيه ضربة قاضية لفرص حل الدولتين لشعبين"، وأكدت أن الحي الذي يخطط لبناء الوحدات الاستيطانية عليه "سيقطع التواصل العمراني الممتد ما بين رام الله ولقدس الشرقية ويهدف لمنع إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس".
يذكر أن الاستيطان يعد إحدى العقبات التي أدت إلى توقف مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية منذ عام 2014 برعاية الولايات المتحدة.
واج