تتجه الأنظار صوب العاصمة الألمانية برلين، حيث ستعقد يوم الأربعاء، النسخة الثانية من مؤتمر برلين الذي رسم الخطوط العريضة للعملية السياسية في ليبيا، والتي سيناقش من خلالها اللاعبون الرئيسيون في الملف الليبي، قضايا ملحة، أبرزها إجراء الانتخابات في موعدها، وإخراج القوات الأجنبية من البلاد، فضلا عن توحيد المؤسسة العسكرية.
وسيشهد مؤتمر "برلين 2"، الذي سيعقد على مستوى وزراء خارجية الدول الرئيسية المعنية بالملف الليبي، لأول مرة مشاركة السلطة التنفيذية الجديدة، ممثلة في المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي و حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وستقود السيدة روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية، وفد الأمم المتحدة إلى المؤتمر، وذلك نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
أربعة محاور حددتها الأمم المتحدة وألمانيا للمؤتمر، في مسعى لحسم موقف المجتمع الدولي من الملفات، لا سيما في هذه المرحلة الفارقة من خارطة الحل الأمني والسياسي، قبل أشهر قليلة على موعد الاستحقاق الانتخابي.
ويتعلق المحور الأول، بدعم الخطوات السياسية المتخذة في ليبيا والاستعدادات الخاصة بإجراء الانتخابات المقبلة.
أما المحور الثاني فمرتبط بـ "سحب القوات الأجنبية والمرتزقة"، استناداً إلى بنود قرار وقف إطلاق النار، بينما المحور الثالث فيتعلق بتوحيد المؤسسة العسكرية ومناقشة خطوات تشكيل "قوات أمنية ليبية موحدة"، وأخيراً التأكيد على الدعم الدولي لليبيا من أجل عملية السلام والاستقرار الداخلي.
وتشكل مسألة سحب القوات الأجنبية من ليبيا ملفا مركزيا في المؤتمر، إذ تغذي قوى خارجية بشكل واسع النزاع في البلاد كما تضع عقبات أمام تنفيذ تفاهمات الأطراف الليبية على درب تسوية الأزمة.
وفي حوار مع صحيفة "دي فيلت" الألمانية قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أمس "إذا أردنا أن يتمتع الليبيون بحق تقرير المصير يجب أن ترحل القوات الأجنبية".
في ظل مخاوف إقليمية ودولية من تغلغل الجماعات الإرهابية من جديد، لا سيما بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف مؤخرا بوابة أمنية في مدينة سبها، من المرجح أن يحتل أمن الجنوب الليبي، حيزاً مهماً من المؤتمر، نظراً لارتباطه بمصير خريطة الطريق للحل السياسي، ومنها توحيد المؤسسة العسكرية وتنظيم الانتخابات واستتباب الأمن والاستقرار، فضلاً عن ملف الهجرة غير الشرعية.
وسيناقش المؤتمر، وفق مصادر إعلامية، سبل تقديم الدعم الأمني والعسكري في الجنوب الليبي للقضاء على الميليشيات وملاحقة المتورطين في نقل وتوفير الملاذ للعصابات الإجرامية هناك.
وبعد الهجوم الارهابي، أكد المجلس الرئاسي الذي يتولى مهمة القائد الأعلى للجيش الليبي، "ضرورة وضع خطة أمنية وطنية موحدة لمواجهة الإرهاب، وتوحيد كتائب حماية الحدود ومنحهم كافة الإمكانيات اللوجستية".
وستجسد الحكومة الانتقالية في ليبيا حضورها في المؤتمر بإطلاق مبادرة "استقرار ليبيا"، والتي ستكون، حسب وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، "بمثابة أجندة ورؤية ليبية وآلية للضغط على المجتمع الدولي ليكون لديه اهتمام جدي بدعم الاستقرار في ليبيا".
وقبل إنعقاد المؤتمر، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عقد اجتماعين في تونس وسويسرا لملتقى الحوار الليبي، لوضع مقترحات لإجراء انتخابات ديسمبر، موضحة أن الاجتماع المزمع عقده في الفترة من 28 يونيو الجاري إلى 1 يوليو، يعد فرصة لوضع مقترحات من شأنها تيسير إجراء الانتخابات المقبلة، لا سيما فيما يتعلق بالقاعدة الدستورية اللازمة للانتخابات.
وستستبق البعثة الأممية، لقاء سويسرا، بعقد اجتماع للجنة الاستشارية المنبثقة عن الملتقى في الفترة من 24 إلى 26 يونيو الجاري في تونس، في لقاء تحضيري "للمساعدة في تيسير مناقشات الجلسة العامة للملتقى، من خلال إعداد آليات عملية من شأنها الدفع بالمناقشات قدماً وبناء التوافق بما في ذلك عملية صنع القرار".
ويأتي اجتماع سويسرا، بعد شهر من الاجتماع الافتراضي لملتقى الحوار الليبي، والذي كشف عن مواقف متباينة بين أعضائه حول عدة قضايا.
وفي الوقت الذي يستعد فيه المجتمع الدولي للاجتماع في برلين، تحققت أحد أهم بنود الاتفاق السياسي وأحد أهم أهداف المجلس الرئاسي التي سعى لإنجازها عبر سلسة من الاجتماعات المضنية، والمتمثلة في فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق ليبيا وغربها المغلق منذ عامين.
للتذكير فإن مؤتمر برلين الأول الذي انعقد بمشاركة 12 دولة من بينها الجزائر و 4 منظمات دولية وإقليمية - كان قد حدد في بيانه الختامي ثلاث مسارات لحل الأزمة الليبية (أمنية، اقتصادية وسياسية تقود لانتخابات تشريعية ورئاسية)، وتمت من خلاله الدعوة إلى تعزيز الهدنة، والعمل بشكل بناء في إطار اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، لتحقيق وقف اطلاق النار، ووقف الهجمات على منشآت النفط وتشكيل قوات عسكرية ليبية موحدة، وحظر توريد السلاح إلى ليبيا.
وأج