تتزايد التوقعات بردّ إيراني وشيك على الهجوم الصهيوني الذي دمّر مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، وتحسبا لذلك طلبت عدة دول من رعاياها عدم السفر إلى المنطقة، وسط تأكيدات أمريكية بأن تهديدات إيران «حقيقية»، وتوقع مسؤولان أميركيان هجوماً «كبيراً» بطائرات مسيّرة وعشرات الصواريخ ضد أهداف عسكرية صهيونية، وقال المسؤولان، إنه سيكون من الصعب التصدي لهجوم بهذا الحجم.
يتأهب العالم لاحتمالات انزلاق منطقة الشرق الأوسط إلى معركة موازية لحرب غزة، على خلفية التوتر بين إيران والكيان الصهيوني، ورجّحت مصادر دبلوماسية غربية أن تنفّذ طهران وعدها بالانتقام، بمسيّرات وصواريخ ضد أهداف صهيونية، رغم كثافة الضغط الدبلوماسي الدولي لتجنب «حرب شاملة ومفتوحة»، و أشارت المصادر ذاتها، أن أكثر من 12 دولة، في مقدمتها دول إقليمية ودول غربية، تواصلت مع الجانب الإيراني لبحث «سبل خفض».
وقال البيت الأبيض بأن التهديدات الإيرانية بالرد «حقيقية»، وتوقع الرئيس الأميركي الجمعة أن تضرب طهران قريباً، وقال جو بايدن «لا أريد الخوض في معلومات سرية لكني أتوقع (أن تحصل الضربة) عاجلا وليس آجلا». ولكنه دعا طهران إلى الامتناع عن ذلك. وأعلنت واشنطن ارسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة «لدعم جهود الردع الإقليمي وتعزيز حماية القوّات الأميركية».
وأكدت مصادر إيرانية، أن طهران رفضت طلب أطراف وسيطة، خلال الأيام الأخيرة، بضبط النفس وعدم الرد على الهجوم الصهيوني على قنصليتها في دمشق في الأول من أفريل الجاري. وقالت المصادر إن الجانب الإيراني أبلغ هذه الأطراف بـ»أنه سيرد لمعاقبة الاحتلال الصهيوني». وأضافت المصادر أنه رغم اتخاذ قرار الرد إلا أن الحكومة الإيرانية لا تسعى إلى تصعيد الموقف في المنطقة بما يؤدي إلى حرب إقليمية.
وأكد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، في كلمة له بمناسبة عيد الفطر صباح الأربعاء، أنّ دولة الاحتلال يجب أن تعاقب وستعاقب لمهاجمتها القنصلية الإيرانية في سورية، مضيفاً أن الهجوم الذي نفذته يُعتبر هجوماً على أرض إيران وفقاً للأعراف الدبلوماسية.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن الحرس الثوري الإيراني تواصل الأسبوع الفارط مع المرشد الإيراني علي خامنئي، وطرح عليه خيارات عدة لضرب المصالح الصهيونية، من بينها شنّ هجوم مباشر بصواريخ متطوّرة متوسطة المدى، وفق مستشار للحرس الثوري. ونشرت حسابات مقرّبة من الحرس الثوري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في الساعات الأخيرة، مقاطع فيديو تظهر محاكاة لهجمات صاروخية على مطار حيفا والمنشآت النووية في ديمونة.
طهران تحضر للرد بمسيرات وصواريخ كروز
ونقلت شبكة «سي بي إس» عن مسؤولَين أميركيَّين أنه من المتوقع أن تشنّ إيران هجوماً «كبيراً» على الاحتلال الاسرائيلي قد تستخدم فيه أكثر من 100 طائرة مسيّرة وعشرات الصواريخ ضد أهداف عسكرية صهيونية وفي جميع أنحاء المنطقة. ونقلت الشبكة عن مصدرين مطلعين على معلومات استخبارية قولهما، أمس، إن الولايات المتحدة رصدت تحركات عسكرية إيرانية في أراضيها، بما في ذلك طائرات من دون طيار وصواريخ كروز، ما يشير إلى أنها ربما تستعد لمهاجمة أهداف صهيونية من داخل أراضيها. وأشار المصدران إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كانت إيران تستعد لتوجيه الضربات من أراضيها جزءاً من هجوم أولي، أو ما إذا كانت تحاول ردع الاحتلال أو الولايات المتحدة عن توجيه ضربة على أراضيها. وذكر أحد المصدرين أن الولايات المتحدة رصدت قيام إيران بتجهيز ما يصل إلى 100 صاروخ كروز.
حرب نفسية وسياسية..
وقال المستشار العسكري للمرشد الإيراني، اللواء يحيى صفوي، في حفل تأبين لقتلى الهجوم على قنصلية إيران في دمشق إن «حربا نفسية وإعلامية وسياسية ضد الصهاينة وحماتهم أكثر رعبا من الحرب نفسها». وأضاف صفوي، وفق ما أوردت وكالة «إيسنا»، أن «الصهاينة يعيشون اليوم في رعب وذعر كاملين وحالة تأهب وأوقفوا العملية العسكرية في رفح ولا يعلمون ماذا ستفعل إيران». وتابع أن «الخلافات بين الساسة والعسكريين للكيان الصهيوني قد احتدمت وجميعهم يعلمون أن القنصلية بمثابة أرض بلد»، مشيرا إلى أن «ما سيحصل في فلسطين مستقبلا هو هزيمة الكيان الصهيوني وحماته الأميركيين».
وأكد مستشار خامنئي أن «انتصار جبهة المقاومة والشعب الفلسطيني بقيادة إيران أمر حتمي وسيتشكل شرق أوسط جديد بمحورية إيران وجبهة المقاومة على عكس مشروع وإرادة أميركا والاحتلال الاسرائيلي».
إغلاق سفارات وتغيير
رحلات جوية
وتحركت بعض الدول سريعاً تحسباً من ضربة وشيكة لإيران في المنطقة، حيث اتخذت دولا أوروبية وغربية تدابير سريعة شملت حركة الطيران، وحماية الطواقم الدبلوماسية. وقالت وكالة الأنباء الألمانية إن أفراد عائلات المبعوثين الدبلوماسيين العاملين بالسفارة الألمانية في طهران يعتزمون مغادرة إيران في ظل التهديد بالتصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل.وفي لاهاي، قالت وزارة الخارجية الهولندية، إنه «في ضوء هجوم انتقامي إيراني محتمل، سوف تغلق هولندا ممثلياتها الدبلوماسية في طهران وأربيل العراقية أمام الزوار، وقالت الخارجية الهولندية، إن «ما تقوم به من إجراءات يأتي رداً لزيادة التوترات»، ونصحت المواطنين الهولنديين، بإرجاء السفر غير الضروري لدولة الاحتلال ولمنطقة أربيل العراق.
كما نصحت وزارة الخارجية الفرنسية، المواطنين الفرنسيين بعدم السفر إلى دول المنطقة والأراضي الفلسطينية في ظل تهديدات طهران بالرد. وقالت وزارة الخارجية، في بيان على منصة إكس، إن أقارب الدبلوماسيين المقيمين في إيران سيعودون إلى فرنسا، وإنه أصبح من المحظور على موظفي الخدمة المدنية الفرنسيين القيام بأي مهام في إيران ولبنان وإسرائيل والأراضي الفلسطينية.
وبخصوص الرحلات الجوية، قالت شركة الخطوط الجوية النمساوية، وهي آخر شركة بغرب أوروبا لا تزال تسير رحلات إلى إيران، إنها ستعلق جميع رحلاتها من فيينا إلى طهران حتى 18 أفريل في ظل التوتر المتصاعد في المنطقة. وواصلت النمسا رحلاتها لإيران لفترة أطول من شركتها الأم لوفتهانزا الألمانية نظراً لقربها أكثر إلى طهران الذي يجعل إلغاء رحلات أمراً أكثر سهولة بالنسبة لها.واستهدفت غارة صهيونية، في الفاتح أفريل الحالي، القنصلية الإيرانية في دمشق، ما أدى إلى تدميرها بالكامل ومقتل 7 عسكريين إيرانيين، بينهم الجنرالان العميدان في الحرس الثوري الإيراني محمد رضا زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي، وهما من كبار المستشارين العسكريين الإيرانيين في سورية، فضلاً عن خمسة ضباط مرافقين لهما. وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، خلال فعالية «منبر القدس» في يوم القدس العالمي، إن «هذه الجريمة (قصف القنصلية الإيرانية) لن تبقى من دون رد».
ويبدو أن الكيان الصهيوني قام باستفزاز إيران بحثا عن حرب إقليمية يجر إليها حلفاءه، ويغطي بها عن جرائم غزة.
ع سمير