مدراء أنهيت مهامهم لإيداعهم الأموال في بنك الخليفة
واصلت أول أمس محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء البليدة سماع الشهود من مدراء المؤسسات العمومية الذين أودعوا الأموال في بنك الخليفة، بحيث مباشرة بعد إعلان القاضي عن افتتاح الجلسة قام بمناداة أسماء الشهود المنتظر سماعهم في هذه الجلسة، لكن وكالعادة ضمت قائمة الشهود لهذه الجلسة حوالي 60 شاهدا، لم يحضر منهم سوى17شاهدا فقط، والبقية اضطر القاضي وفق ما تنص عليه إجراءات المحاكمة بتلاوة محاضر سماعهم أمام قاضي التحقيق، وكل هؤلاء الشهود الذين تغيبوا هم من مدراء مؤسسات عمومية أودعوا الأموال في بنك الخليفة، كما أن كل الشهادات كانت تصب حول طريقة إيداع الأموال في هذا البنك، والمبلغ المودع، ومعرفة إذا ما كان قد استرجع أم لم يسترجع، وبذلك فعدم حضور هؤلاء أمام محكمة الجنايات لسماع شهاداتهم لم يؤثر على مجريات المحاكمة، وحتى أغلب الشهود الذين حضروا من مدراء المؤسسات العمومية هم من ولايات الوسط، و عدد قليل منهم قدموا من ولايات بعيدة، وبذلك فالمسافة الطويلة تكون ربما أحد الأسباب التي جعلت هؤلاء المدراء لا يتنقلون إلى مجلس قضاء البليدة لتقديم شهاداتهم، أما المدراء الذين حضروا فقد تركزت أسئلة محكمة الجنايات الموجهة لهم حول ما إذا كان قرار إيداع الأموال اتخذ من طرف مجلس الإدارة أم بقرار فردي من المدير، إلى جانب المبالغ المودعة، وأسئلة أخرى حول ما إذا كانت المؤسسات استرجعت هذه المبالغ وتابعت الملف مع المصفي، في حين ما لوحظ من خلال شهادات أمس بأن إيداع الأموال في بنك الخليفة تحولت إلى تجربة مرة بالنسبة لبعض المدراء، ونقطة سوداء في مسارهم المهني، وبعض المدراء أنهيت مهامهم بسبب إيداعهم الأموال في بنك الخليفة، وفي الوقت ذاته كان مدراء قد نزلوا أمام هيئة محكمة الجنايات لتقديم شهاداتهم يوم الأربعاء الماضي، وأشاروا إلى أن عدم إيداع الأموال في بنك الخليفة في تلك الفترة تحول إلى مثابة علامة من علامات سوء التسيير.
وأشار في هذا الإطار مدير مؤسسة توزيع مواد البناء بالشلف سابقا يوسف رباحي بأنه أقيل من منصبه من طرف الهولدينغ بعد إيداع أموال المؤسسة في بنك الخليفة، وقال بأنه استفسر عن أسباب الإقالة وقيل له بأنها جاءت من جهات عليا والسبب هو إيداع الأموال في بنك الخليفة رغم أنه لم يحصل على امتيازات خاصة، وكان قد أودع 1.5 مليار سنتيم بوكالة الشلف لبنك الخليفة بنسبة فائدة 7.5بالمائة، في حين أن المبلغ ضاع و بفوائده، وقال أمام هيئة المحكمة بأنه أخطأ لما ذهب إلى بنك الخليفة، مضيفا بأنه لن يتعامل مرة أخرى مع أي بنك خاص، ونفس الشيئ قاله المدير الجهوي لتربية الدواجن ببجاية سابقا جبار يايسي الذي قال أمام هيئة المحكمة بأنه تمت معاقبته بسبب إيداع أموال المؤسسة في بنك الخليفة، وأنهيت مهامه رغم انه لم يخالف القانون ولم يتلق أية امتيازات شخصية، وأضاف بأن بنك الخليفة ضيع مسارهم المهني ، وأشار إلى أن مؤسسته كان لديها فائض مالي ب800 مليار سنتيم، وكانت أموال المؤسسة مودعة في بنك البدر وبعد تخفيض نسبة الفوائد إلى 03بالمائة، بحثوا عن بنك آخر ووجدوا الخليفة الذي قدم لهم نسبة فائدة ب9.25 بالمائة، ولهذا أودعوا هذا المبلغ بقرار من مجلس إدارة المؤسسة، وأضاف بأنهم اطمأنوا لبنك الخليفة بعد أن تم تحويل نسبة الفائدة المحصلة من المبلغ الأول المودع إلى حساب الشركة وقدر هذا المبلغ ب مليار سنتيم47 مليار سنتيم، وهذا ما شجعهم على إيداع مبالغ أخرى لكن في الأخير ضاعت هذه الأموال و تمت معاقبته على أمر ليس له دخل فيه، وقال بأن هذا البنك كان معتمدا من طرف الدولة وبذلك فهذا كاف لإيداع الأموال فيه بكل ثقة، وفي نفس الإطار أوضح مدير سابق لوحدة ديوان الترقية والتسيير العقاري بالدار البيضاء بالعاصمة بومدين معمر بأن مهامه قد أنهيت بعد إيداع مبلغ 116 مليار سنتيم في بنك الخليفة، وبقي لفترة عامين بدون عمل قبل أن يتم تعيننه في منصب آخر، رغم أنه لم يخالف القانون على حد تعبيره وأودع الأموال على أساس نسبة الفائدة العالية في هذا البنك التي لم تكن موجودة في تلك الفترة لدى البنوك العمومية.
كانت دواوين الترقية والتسيير العقاري من أكبر زبائن بنك الخليفة، حيث أن أغلب الدواوين على مستوى ولايات الوطن بما فيها الوحدات أودعت أموالها في هذا البنك، وتقدر أموال الدواوين بمئات الملايير التي ضاعت ولم تسترجع ، وكانت محكمة الجنايات قد تابعت عدد من المدراء العامين وأحيلوا على المحاكمة بعد ثبوت استفادتهم من امتيازات شخصية، منها عمولات مالية، وبطاقة سفر مجاني، إلى جانب بطاقات طلاسو، وبطاقة ماستر كارت، في حين أجمع كل المدراء الذين تم سماعهم أمام محكمة الجنايات بأنهم لم يتلقوا تعليمات من الوصاية أو جهات عليا لإيداع الأموال في بنك الخليفة، وأكدوا على أن نسبة الفائدة العالية التي كان يقدمها بنك الخليفة هي التي جعلتهم يتوجهون إليه إلى جانب حملات الإشهار الواسعة التي كان يعرفها هذا البنك، كما أكدوا بأن الوزارة الوصية كانت على علم بقرارات الإيداع في الخليفة، بحيث كانوا يرسلون تقارير شهرية إلى الوزارة وتتضمن هذه التقارير معلومات تتعلق بإيداع الأموال في البنوك، وكانت هيئة المحكمة انتقدت مدراء دواوين الترقية في قضية اتخاذ القرار بصفة فردية ولم يمرر على مجالس الإدارة، وأشار كل المدراء في هذه النقطة إلى أن مجالس الإدارة كانت مجمدة في الفترة مابين 1999و2000، وراسلوا الوصاية من أجل تجديدها إلا أنهم لم يتلقوا إجابات، ولهذا كان اتخاذ قرار إيداع الأموال في بنك الخليفة بصفة فردية من طرف المدراء، لكن ممثل النيابة بمحكمة الجنايات محمد زرق الراس انتقد المدراء عندما برروا قرار الإيداع بالبحث عن الفائدة العالية، وأشار إلى أن دواوين الترقية العقارية، كان من المفترض أن توجه هذه الأموال إلى مزيد من الاستثمارات، وبناء السكنات، لا أن تجمد في بنك الخليفة بحثا عن الفائدة خاصة وأن عدد من الدواوين أودعت مبالغ كبيرة في بنك الخليفة، كما أشار إلى أن كل الدواوين عبر كافة ولايات الوطن لم تشير في تقاريرها التي ترسلها إلى وزارة السكن إلى قرار إيداع الأموال في بنك الخليفة باستثناء ديوان الترقية والتسيير العقاري لولاية المدية، أما باقي الدواوين فلم تظهر في تقاريرهم الشهرية التي ترسل إلى الوصاية معلومات عن إيداع الأموال في هذا البنك.
استمعت أول أمس محكمة الجنايات للمدير العام لشركة توزيع المياه بالجزائر بومدين معمر سابقا، والذي شغل قبل ذلك منصب مدير ديوان الترقية والتسيير العقاري بالدار البيضاء بالعاصمة، واستمعت المحكمة لشهادته فيما يتعلق بإيداع شركة توزيع المياه مبلغ 57 مليار سنتيم في بنك الخليفة، وأشار المدير السابق إلى أنه شغل هذا المنصب في الفترة ما بين 2000و2005 والمبلغ المذكور أودع في فترة المدير السابق، وسأله القاضي حول ما إذا كان قدم قام بإجراءات لاسترجاع هذا المبلغ من بنك الخليفة ، أشار المدير إلى أنه كلف المحاسب المالي بالشركة للقيام بإجراءات استرجاعه، في حين لم يقم بذلك وتفاجأ القاضي لعدم إيداع مسؤولي هذه الشركة حتى للملف لدى المصفي للمطالبة باسترجاع المبلغ، وقال المدير بأن المصفي لم يتصل بهم، رغم أن المؤسسة هي التي مطالب منها التقدم من المصفي للمطالبة بالمبلغ ولم تسترجع الشركة حتى مبلغ 6بالمائة من المبلغ الإجمالي الذي حدده المصفي لكل المؤسسات المودعة في بنك الخليفة، وانتقد القاضي في هذه النقطة المدير السابق لشركة توزيع المياه وقال له لو تعلق الأمر بتأخر الراتب الشهري لأقيمت الدنيا، لكن عندما تعلق الأمر بأموال عمومية تعود للمؤسسة لم يتحرك أحدا ولو لإيداع الملف لدى المصفي لاسترجاعه، والمبلغ لا يقدر بعدد من الدينارات بل 57 مليار سنتيم وهو مبلغ لا يستهان به.
تعد بورصة الجزائر من الشركات العمومية القليلة التي التي أودعت أموالها في بنك الخليفة، واستطاعت استرجاعها وبذلك لم تكن من ضحايا هذا البنك، واستعمت هيئة محكمة الجنايات أول أمس للأمين العام السابق للجنة تنظيم البورصة ورئيس لجنة ومراقبة البورصة سابقا علي صادمي حول إيداعهما الأموال في بنك الخليفة، وتمكن الشركة من سحب المبالغ كاملة ولم تتضرر بذلك من بنك الخليفة، وأشار في هذا الإطار الأمين العام للجنة تنظيم البورصة إلى أن هذه الشركة أودعت 20 مليار سنتيم في بنك الخليفة على 07 مراحل بنسبة فائدة تقدر ب08 بالمائة، لكن تم سحب كل المبلغ وبالفوائد المحصلة، وفي نفس الإطار أوضح علي صادمي رئيس لجنة ومراقبة تنظيم البورصة إلى أنه بحكم مجال نشاط البورصة مع البنوك تمكنوا من التنبؤ بأزمة بنك الخليفة وسحبوا الأموال مبكرا، مشيرا إلى أن تجميد التجارة الخارجية لبنك الخليفة كان بمثابة إنذار بالنسبة لهم ولهذا سحبوا الأموال قبل وقوع الكارثة .
أوضح أول أمس مصفي شركة أنتينا الخبير زويخة عبد القادر بأن هذه الشركة التي اشتراها عبد المومن خليفة لم تكن تملك سوى طائرة واحدة تعود إلى سنة 1970 ، ولم يتمكن من بيعها ولهذا سمح بتفكيكها وتسليم تجهيزاتها وأعضائها المختلفة لجامعة سعد دحلب بالبليدة ليستفيد منها الطلبة في قسم علوم الطيران في الجانب التطبيقي، وأضاف بأن هذه الشركة تمت تصفيتها بشكل كامل، ولم يجد فيها سوى قاعدة جوية واحدة بحاسي مسعود قام ببيعها بملغ 8.2 مليار سنتيم، إلى جانب 20 سيارة وأثاث مكتبي ، و تقدم في هذا الإطار دفاع عبد المومن باستفسارات لمصفي شركة أنتينا حول ما إذا كان مخولا بتفكيك الطائرة وتسليم تجهيزاتها لجامعة البليدة، وبيع القاعدة الجوية بحاسي مسعود دون الإعلان عن مزايدة والاعتماد على خبير عقاري، وأوضح في هذا الإطار المصفي بأن الطائرة لم يتمكن من بيعها كونها قديمة ولهذا فضل أن يستفيد منها الطلبة، أما القاعدة الجوية فقد قام بإعلان مزايدة لبيعها ولم يتلق أي عرض ولهذا لجأ إلى تقويمها من طرف خبير عقاري، وفي سياق آخر استمعت المحكمة لنفس المصفي في قضية إيداعه مبلغ 3.5 مليار سنتيم من أموال مؤسسة صناعة الأقفال والخردوات التي كلف بتصفيتها، وبرر إيداع أموال هذه المؤسسة خلال التصفية في بنك الخليفة من أجل الحصول على فوائد عالية، والتي حددت ب08 بالمائة لمدة 06 أشهر، في حين القاضي رد عليه قائلا بأن المؤسسة خلال مرحلة التصفية لم تكن في حاجة للفوائد.
تقدم دفاع عبد المومن خليفة المحامي نصر الدين لزعر قبل رفع جلسة أول أمس من رئيس محكمة الجنايات القاضي عنتر منور بإحضار الخبير المحاسبي بشير بويجرة الذي كان قد أجرى أول خبرة محاسبية حول بنك الخليفة بتكليف من وكيل الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس، في حين وكيل الجمهورية لدى محكمة الشراقة استغنى عن هذه الخبرة وعين خبير محاسبي آخر، وكان هذا الخبير قد استدعي للمثول أمام المحكمة في جلسة أول أمس، في حين لم يحضر ، وقرأ القاضي محضر سماعه أمام قاضي التحقيق، وقال المحامي لزعر بأن التقرير الذي أعده هذا الخبير تضمن معلومات خطيرة ولهذا وجب سماعه أمام المحكمة، وكان رد القاضي بأنه سيستجيب لطلب الدفاع ويرسل استدعاء ثاني للخبير المذكور وإحضاره لسماع شهادته.