مساهل : الأطـــراف الليبية قدمـــت تنازلات للتـــوصل إلى حكومـــة وحدة وطنيـــة
أكد المشاركون في الجولة الثالثة من الحوار الليبي بالجزائر، بأن حل النزاع لن يكون خارج إطار الحوار السياسي، وجدّدوا رفضهم لاستخدام القوة لتحقيق أهداف سياسية. كما أكدوا إدانتهم للهجمات الإرهابية التي وقعت أخيرًا في كثير من المدن، وأعربوا عن قلقهم من سيطرة تنظيم «داعش» على بعض المناطق. وطالبوا بفتح ممرات أمنة لإيصال المساعدات الإنسانية قبل رمضان.
اختتمت أول أمس بالجزائر، أشغال الاجتماع الثالث لقادة ورؤساء الأحزاب و النشطاء الليبيين تحت رعاية الأمم المتحدة وبحضور وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل. وتوج هذا الاجتماع ببيان يتمثل في نداء المشاركين للعودة إلى السلم و المصالحة في ليبيا، وذلك من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأكد عبد القادر مساهل وزير للشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية «أن اجتماع الجزائر سيسجل في التاريخ، والحوار كان مفتوحًا وكل طرف عبر عن رأيه حول طريقة الخروج من الأزمة». وتابع مساهل «أن حكومة الوفاق الوطني في ليبيا ستكون لها صلاحيات لمعالجة الأزمة والقضايا المطروحة»، وأشار إلى أن البيان الختامي تطرق إلى خطورة استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية.
وأوضح مساهل خلال ندوة صحفية عقدها عقب اختتام الأشغال، بأن المشاركين «وضعوا مصلحة ليبيا فوق كل اعتبار» مضيفا أن «استعدادهم لتقديم تنازلات من أجل عودة سريعة للسلم و الاستقرار إلى ليبيا يشرفهم». وأضاف مساهل أن الجزائر ترافق الليبيين منذ تدهور الظروف الأمنية، كاشفًا عن زيارة وفد رفيع المستوى من مصراتة الأسبوع الماضي إلى الجزائر، قبل قدوم وفد آخر من طرابلس في سياق الجهود لتقريب وجهات النظر.
وبخصوص أشغال الجولة الثالثة، أشار الوزير أن رؤساء الأحزاب السياسية و النشطاء الليبيين الحاضرين في اجتماع الجزائر أكدوا «الطابع الاستعجالي» لتشكيل حكومة وحدة وطنية تتمتع بصلاحيات واسعة من أجل استتباب السلم و مكافحة الجماعات الإرهابية، مضيفا أن المشاركين حذروا من الجماعات الإرهابية التي تسجل توسعا في ليبيا و تفاقم في الهجرة السرية مدعمة بالوضع الاقتصادي والأمني الصعب الذي يمر به هذا البلد».
برناردينو ليون: تم إحراز تقدم كبير
من جهته، قال برناردينو ليون ممثل الأمين العام للأمم المتحدة «أن المفاوضات لم ولن تكون سهلة لكنه تم إحراز تقدم كبير خاصة بالتأكيد على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية» دون تقديم تفاصيل حول هذا التقدم.
وأوضح ليون أن «الوضع الأمني في ليبيا حساس في ظل توسع داعش»، قائلًا «قد وجهنا نداءً حول ضرورة توقيع اتفاق سياسي لتجاوز الأزمة». وحسب المسؤول الأممي «فإنه ستكون هناك ورقة أخرى أو مسودة للاتفاق السياسي في الأيام القادمة بعد تعديل الورقة الحالية بناءً على ما تم تقديمه من مقترحات».
وفي رده على سؤال حول مدى تأثير تعدد مسارات الحوار على التوصل إلى حل سياسي، أكد ليون أن جميع الأفواج أو المسارات تضطلع بأولوية ومهمة، وأن الأحزاب السياسية تمثل الشعب. وبخصوص دور الجزائر، أشار إلى تمكنها من عقد عدة اتصالات مباشرة مع أطراف ليبية وقامت بدور مهم، في إشارة إلى الاتصالات التي أجرتها مع الأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي وجماعة الإخوان، وكذا استقبالها عدة شخصيات من طرابلس.
وأكد ليون أن الإعلان الذي توج هذه الجولة الثالثة من الحوار»يعتبر نداء كبيرا «نظرا» لوضوحه و للشرعية التي يكتسيها و هو يستجيب لطموحات المجتمع الليبي». و أضاف أن «هذا التصريح يدعو إلى المسؤولية و إلى إبرام اتفاق من اجل تشكيل حكومة ليبية للاتحاد الوطني».
وأبرز أن كل «الأطراف السياسية الليبية التي شاركت في هذه الجولة الثالثة للحوار تمثل 95 بالمائة من المجتمع الليبي» مشيرا إلى أن «جميع المشاركين في لقاء الجزائر ينتمون إلى الأحزاب السياسية التي ميزت الساحة السياسية الليبية خلال السنوات الثلاث الماضية».
و أشار ليون إلى أن «ليبيا ليس لديها الوقت لتضيعه بسبب تدهور الوضع الاقتصادي و تقدم المجموعة التي تطلق على نفسها اسم «الدولة الإسلامية» (داعش) و الأزمة الإنسانية السائدة في مختلف مناطق البلد»، معتبرا أن «الوقت حان لإبرام اتفاق متوازن و عادل و عقلاني». و اعتبر الممثل الأممي أن «التوصل إلى اتفاق نهائي مرتبط بثلاثة مبادئ أساسية و هي التوازن بين الهيئات و الإجماع و الطابع الشمولي».
دعوة لفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات قبل رمضان
ودعا قادة أحزاب وشخصيات ليبية أول أمس بالجزائر، إلى فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية للمواطنين الذين يعانون بفعل الأزمة الأمنية في البلاد خاصة مع حلول شهر رمضان المبارك. وجاء في البيان الختامي الذي توج جولة الحوار، إن «المشاركين في هذا الاجتماع يستشعرون الوضع الإنساني الصعب الذي يعانيه أبناء شعبهم في الداخل والخارج من جراء استمرار النزاع، وطالبوا جميع الجهات بالسماح بفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية، خاصة مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك».
كما أعرب المجتمعون عن إدراكهم التام لخطورة الأوضاع والتحديات التي تواجهها ليبيا وأدانوا بقوة الهجمات الإرهابية التي وقعت مؤخرًا في عدد من المناطق والمدن الليبية، وأعربوا عن قلقهم إزاء زيادة وتيرة الأعمال الإرهابية وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على بعض المناطق الليبية وخطرها المحدق على استقرار وأمن البلاد وعلى ضرورة الوقوف صفًا واحدًا في مجابهة هذا الخطر».
وأكد المشاركون «رفضهم القاطع لاستخدام القوة بغية تحقيق أهداف سياسية وأقروا بالحاجة الملحة لجعل استخدام القوة حكرا على الدولة لإحلال الاستقرار والأمن.
ضرورة وضع حدّ فوري للنزاع في ليبيا
وحث المشاركون «الأطراف المعنية الرئيسية في الحوار السياسي الليبي على تحقيق تطلعات الشعب الليبي بوضع حد فوري للنزاع في ليبيا من خلال شراكة سياسية حقيقية وحكم شفاف والتزام بمحاربة الفساد»، داعين جميع الأطراف لإبداء المرونة وتقديم التنازلات اللازمة لتحقيق «اتفاق سياسي يكون شاملا ومتوازنا وتوافقيا» و»الإسراع في تشكيل حكومة وفاق وطني». تولي مسؤولياتها بسرعة لمعالجة التحديات الصعبة العديدة التي تواجه ليبيا في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية.
كما ناشد المشاركون «جميع الأطراف الممثلة في الحوار السياسي الليبي بالانخراط في مناقشات مباشرة وجها لوجه»، داعين إلى «مساءلة الذين يعرقلون العملية السياسية من أفراد وجماعات تماشيا مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة». كما أكدوا كذلك على «الملكية الليبية للعملية السياسية وعلى ضرورة التوصل إلى حل ليبي مبني على حوار الليبيين فيما بينهم دون أي تدخل خارجي».
و فيما يتعلق بتفشي ظاهرة الهجرة غير الشرعية في الآونة الأخيرة، أعرب المشاركون «عن قلقهم البالغ بشأن التحدي الذي تشكله هذه الظاهرة لليبيا ولمحيطها وعن تضافر الجهود بين ليبيا وجيرانها للتصدي لهذه الظاهرة كما أعربوا عن قناعتهم بأن أفضل السبل للتصدي لهذه الظاهرة هو في الاتفاق سريعا على تشكيل حكومة التوافق الوطني التي يجب أن تقود هذه الجهود بالتعاون مع المجتمع الدولي مع الاحترام الصارم لسيادة ليبيا ووحدتها ولمبادئ القانون الدولي ذات الصلة».
أنيس نواري