تراجع وتيرة الاستهلاك ونشاط المؤسسات بنسبة 80 بالمئة
كشفت عملية سبر آراء قامت بها مؤخرا المنظمة الوطنية لحماية المستهلكين عن تراجع المعاملات التجارية التي لها علاقة بالمجال الاستهلاكي بنسبة 80 بالمئة، بسبب الظروف السياسية غير المستقرة للبلاد، وتداعياتها السلبية على الجانب الاقتصادي.
وأكد رئيس المنظمة مصطفى زبدي، أمس، في فوروم يومية المجاهد انحصار المعاملات التجارية على مستوى المؤسسات التي توفر المواد الاستهلاكية بنسبة بلغت 80 بالمئة، جراء انخفاض وتيرة الاستهلاك عند الأفراد، وفق نتائج عملية سبر آراء شملت 8500 مشارك، ومس هذا تراجع اقتناء المواد الاستهلاكية من متعاملي الأدوية أيضا، لكن بنسبة ضئيلة، وأدى هذا الوضع غير المستقر إلى توقف وحدات إنتاجية مؤقتا، وإحالة عمالها على البطالة، لأن المخزون المتوفر لديها يكفي لتلبية الطلب إلى غاية عودة الأمور إلى نصابها، وانتعاش النشاط الاقتصادي.
وشملت حالة الركود أيضا المجال السياحي، بفعل تراجع السفريات نحو الخارج والداخل، ويعود هذا الوضع وفق مصطفى زبدي إلى سببين رئيسيين، يتعلق الأول بالوضع السياسي الراهن الذي أضحى يبعث على الخوف والقلق، مما دفع بالأسر إلى تقليص الاستهلاك واللجوء إلى الادخار، في حين يعود السبب الثاني إلى تدني القدرة الشرائية، مما أصبح يهدد الاقتصاد الوطني والخزينة العمومية، وعلى وفرة المنتوجات، دون أن يستبعد المصدر إمكانية إحالة عمال على البطالة، بسبب توقف الإنتاج في حال استمر الوضع.
ودعا مصطفى زبدي الطبقة السياسية للإسراع في إيجاد حل لضمان الاستقرار السياسي للبلاد، وهو ما دعا إليه أيضا رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين حاج طاهر بولنوار الذي شاركه في تنشيط الفورم، الذي اقترح بدوره على الأحزاب السياسية المبادرة بحلول توافقية لطمأنة الشعب والمتعاملين الاقتصاديين الوطنيين والأجانب، لتحريك العجلة الاقتصادية وتنشيط وتيرة الاستهلاك في الإطار المعقول، لتجنب الكارثة.
كما اقترح مراجعة سياسة الدعم الاجتماعي وهوامش ربح المواد ذات الاستهلاك الواسع والخدمات، التي زادت تكاليفها مؤخرا بشكل ملحوظ، بسبب عدم احترام التسعيرات المحددة، داعيا الصناعيين إلى التنسيق مع منظمته لتشخيص الوضع، مؤكدا أن كثيرا منهم رفضوا التعاون لأسباب غير معلنة.
كما قدم رئيس جمعية التجار والحرفيين حاج طاهر بولنوار أرقاما مقلقة تؤكد بدورها انحصار نشاط أسواق الجملة بنسبة تتراوح ما بين 30 و40 بالمئة، بسبب تراجع الاستهلاك، مطمئنا في ذات الوقت بوفرة المخزون الذي يكفي إلى غاية نهاية السنة لتلبية الحاجيات، لكنه أكد ضبابية الصورة بالنسبة لسنة 2020، بسبب تأخر عديد المتعاملين في القيام بالإجراءات لاستيراد المواد غير المنتجة محليا، لأن الوضع السياسي غير مستقر أثر أيضا على المتعاملين الاقتصاديين، الذين أضحوا يترددون في إخراج الأموال لاستقدام المنتوجات التي لا تصنع محليا.
وكشف بولنوار عن توقف 300 مؤسسة تنشط في مجال البناء خلال الأشهر الأخيرة، مع سحب أزيد من 50 ألف سجل تجاري، بسبب تراجع نشاط المناولة بعد إحالة رجال أعمال على السجن، ويفرض هذا الوضع حسب المتحدث، ضرورة مراجعة قانون الصفقات العمومية، حتى لا يستحوذ متعامل واحد على نسبة هامة من المشاريع، ثم يحيل عددا منها لشركات المناولة لتنفيذها، وهو الوضع الذي عاشته البلاد خلال السنوات الأخيرة، قائلا إن تنظيمه سيضغط على الحكومة لتحقيق هذا المطلب الهام.
ودعا بولنوار بدوره إلى الاتفاق على حل بين الأحزاب السياسية، حتى لا يطول أمد الأزمة السياسية، لطمأنة المستثمرين الأجانب، الذين رحبوا كثيرا بمراجعة قاعدة 49/ 51، مؤكدا بأن تحديد تاريخ الانتخابات الرئاسية الذي سيكون يوم 12 ديسمبر المقبل، كان له صدى إيجابيا لدى مستثمرين أجانب، فقد لجأ بعضهم إلى تعجيل قدومه إلى الجزائر بحثا عن فرص لإقامة مشاريع جديدة، من بينهم مستثمرين إيطاليين تواصلوا مع تنظيمه.
واعتبر مصطفى زبدي في ذات السياق، بأن أفضل حل هو الذهاب إلى تنظيم انتخابات رئاسية في القريب العاجل، باعتبارها الحل الوحيد للخروج من الأزمة، مع ضرورة القيام بجملة من الإصلاحات لإحداث القطيعة مع الممارسات السابقة، لأن ما نعيشه اليوم هو تراكمات للسياسات السابقة. لطيفة بلحاج