تـبــون يـرســـم خــارطـة طـريــق الحـكـــومــة وأولـويـــاتــهــــا
سطر اجتماع مجلس الوزراء المنعقد أول أمس برئاسة، عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية خارطة طريق الحكومة الجديدة خلال المرحلة المقبلة على جميع الأصعدة، قصد الاستجابة للمتطلبات المستعجلة للمواطنين و تلبية احتياجاتهم والعمل بالموازاة من أجل تقويم الوضع العام للبلاد وبناء منظومة سياسية جديدة تضمن الاستقرار.
ولم يفوت رئيس الجمهورية بمناسبة انعقاد أول اجتماع لمجلس الوزراء بالطاقم الحكومي الجديد الفرصة لإسداء تعليمات وتوصيات لكل عضو من الحكومة من أجل تجسيد النقاط والالتزامات الواردة في برنامجه الانتخابي، والتي قطع على نفسه وعدا أمام المواطنين بتجسيدها فور انتخابه رئيسا للجمهورية.
وقد قدم مجلس الوزراء خارطة طريق متكاملة للمرحلة القادمة في سبيل بناء جمهورية جديدة يتطلع إليها الجميع، مبرزا كافة العناصر ذات الطابع الاستعجالي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدبلوماسية والرياضية.
ففي المجال السياسي يأتي اطلاق حوار وطني شامل مع كل القوى والفعاليات المجتمعية من أولوية الأولويات في هذه المرحلة، وانتهاج أسلوب التشاور والسماع لانشغالات المواطنين، بالشكل الذي يؤدي إلى الوصول إلى توافق وطني في اقرب وقت ممكن، وقد تجاوبت العديد من الأحزاب السياسية والقوى الأخرى بايجابية مع مبادرة الحوار التي أعلن عنها رئيس الجمهورية.
وفي ذات الشق دائما شدد عبد المجيد تبون على أن من أولويات المرحلة بناء جزائر جديدة كما يطمح إليها المواطنون انطلاقا من مراجعة عميقة للدستور، وقانون الانتخابات وقوانين عضوية أخرى مرتبطة بالحياة السياسية، وأيضا العمل من أجل فصل المال عن السياسة واخلقة الحياة السياسية ومحاربة الرداءة، والتركيز على استقلالية العدالة وتكريس الديمقراطية التشاركية للوصول إلى دولة الحق والقانون، وبالتالي إعادة هيبة الدولة وقفة المواطن فيها.
وتولي الحكومة الجديدة أهمية بالغة للجانب الاقتصادي، وفي هذا الشأن تبدو مهمة الحكومة الجديدة واضحة أيضا من حيث العمل على بناء نموذج اقتصادي متجدد يقوم على الخروج تدريجيا من التبعية للمحروقات ومتحرر من البيروقراطية ويستقطب الاستثمارات الداخلية والخارجية بإصلاحات ضريبية لخلق الثورة وامتصاص البطالة.
إلى جانب ذلك تطوير الطاقات المتجددة و إعادة بعث القطاع الزراعي لضمان الأمن الغذائي للجزائريين وبعث قطاع السياحة وغيره.
ونفس الشيء بالنسبة للجانب الاجتماعي حيث أوصى مجلس الوزراء بالتخفيف على المواطن، والارتقاء بقدرته الشرائية، والحفاظ على الطبقة المتوسطة وضمان التكفل الصحي الجيد لكل مواطن.
ولم يغفل البرنامج الاستعجالي الذي درسته الحكومة في أول اجتماع لمجلس الوزراء القطاعات الأخرى على غرار الدبلوماسية، والإعلام والثقافة وربط الجامعة بالجانب الاقتصادي للبلاد، وإعطاء الاهتمام اللازم لأفراد الجالية الوطنية في الخارج، مع التركيز على التحديات الأمنية التي تواجه البلاد بسبب الظروف الإقليمية السائدة في منطقتنا.
وفي هذا الإطار أكد رئيس الجمهورية بأن الجزائر لا ولن تحيد عن واجب التضامن وحسن الجوار الذي دأبت عليه منذ عقود، وهي ترفض انطلاقا من مبادئ سياستها الخارجية أي تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية مهما كانت الظروف ولن تتدخل في شؤون الغير، وملتزمة بالحفاظ على الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وستبقى تدافع عن القضايا العادلة وفي مقدمتها قضية الشعبين الفلسطيني والصحراوي.
وبعد أن بيّن مجلس الوزراء الأولويات التي على كل عضو في الطاقم الحكومي الجديد أن يعمل على تجسديها في المستقبل القريب كل حسب قطاعه، باتت حكومة السيد عبد العزيز جراد اليوم في مواجهة الواقع المعاش بشكل مباشر دون وسيط.
وفي الحقيقة فإن مهمة الحكومة اليوم تتلخص في تغيير صورة واقع يعيش عليه الفرد الجزائري منذ سنوات، وقد ازداد في التأزم في الشهور الأخيرة بفعل تداعيات الأزمة السياسية التي دخلت فيها البلاد منذ بداية العام المنصرم، و تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعيشها منذ سنة 2014.
و الظاهر أن كل الأولويات التي سبق ذكرها تبدو على نفس الخط وذات نفس الأهمية، ولا يمكن في هذا الصدد فصل الواحدة منها عن الأخرى، لأنها مرتبطة ببعض، حيث من شأن الجانب السياسي مثلا أن يؤدي إلى استقرار مؤسساتي يؤثر بشكل ايجابي بعد ذلك على الجانب الاقتصادي والاجتماعي والعكس صحيح.
ومن هذا المنطلق فإن حكومة عبد العزيز جراد أمام رهانات عديدة يأتي في مقدمتها كسب ثقة المواطن في هذه المرحلة وبخاصة بعد تداعيات الأحداث السياسية التي تعرفها البلاد منذ فبراير من العام الماضي، وثاني هذه التحديات التخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها، وكسب ثقة المجتمع السياسي بالتوجه نحو إصلاحات حقيقية في هذا المجال تردي في النهاية إلى تغيير منظومة الحكم وتطويرها بما يستجيب للمطالب المشروعة التي رفعها الحراك الشعبي في هذا المجال.
ولم يبق على الحكومة اليوم سوى استغلال ما هو متاح لها من ظروف و آليات، واستعداد من لدن الشركاء الآخرين لتطبيق البرنامج الذي صادق عليه مجلس الوزراء أول أمس الأحد.
إلياس -ب