برر الوزير الأول السابق أحمد أويحيى المتابع في قضية تركيب السيارات والتمويل الخفي للحملة الانتخابية استعمال المحاباة في منح الاعتمادات لمصانع تركيب السيارات، التجاوزات التي ارتكبها بأنه كان يسعى لتشجيع الاستثمار، في حين طالب المتهم الرئيس الثاني في القضية عبد المالك سلال بضرورة إحضار الرئيس السابق كشاهد في القضية.
ونفى أويحيى لدى مثوله أمام رئيس جلسة الاستئناف بمجلس قضاء العاصمة في قضية تركيب السيارات والتمويل الخفي للحملة الانتخابية الموجهة إليه من قبل رئيس الجلسة، محاولا استعطافه، رافضا الإقرار بأنه حرم مستثمرين من الاعتمادات مقابل منحها لآخرين، مما كبدهم خسار فادحة، على غرار مجمع «عشايبو» و»سيفيتال»، بالتأكيد على أنه منحها لمتعاملين كانوا ينشطون في الميدان منذ سنوات.
وبرر المتهم اعتماد مجموعة 5+5 رغم تلقي وزارة الصناعة كمّا هاما من طلبات الاعتماد فاقت 800، بأنه كان يحاول تنظيم مجال تركيب السيارات لذلك تم ضبط قائمة المستثمرين المعروفين دون أن يقدم على منحهم امتيازات على حساب آخرين، بدعوى استحالة تحول قطاع تركيب السيارات إلى ما هو عليه الوضع بالنسبة للملابن والمطاحن بفتح أكثر من 50 مؤسسة.
وحاول المتهم في قضية تركيب السيارات، أن يعطي بعدا آخر لما أضحى يعرف بفضيحة القرن، حينما قال لرئيس الجلسة بأن سياسة تركيب السيارات تمت مهاجمتها من قبل أطراف من خارج البلاد، خشية من نجاح هذا النشاط، وحافظ أويحيى على نفس أسلوبه في الحديث ساعيا لاستعمال كافة الحجج لدفع التهم عنه، رغم مواجهته من قبل القاضي بالحجة والبرهان النصوص القانونية، وكذا بالقرارات التي أمضى عليها هو شخصيا دون أي سند قانوني.
وبشأن اتهامه باستنزاف المال العام، قال المتهم إنه كان يقوم بتطبيق سياسة الحكومة، وحول التصريح الكاذب بالممتلكات، وكيفية حصوله على مبلغ 30 مليار سنتيم، قال إنه جمعه خلال سنوات، وأن الشركة التي يحوزها أبناؤه استحدثت في إطار أنساج، كان قد أعلم بها الرئيس السابق شفهيا كما نفى حيازة زوجته على أي مؤسسة.
وفي رده على كيفية إلغاء الشريك الأجنبي الذي ينص عليه القانون، ومنع الاعتمادات دون فتر شروط، مما كبد الخزينة خسارة بحوالي 77 مليار دج بسبب جملة التجاوزات التي شابت ملف تركيب السيارات، رد المتهم بأن الشريك الأجنبي ليس شرطا، وانه قام بإصدار مرسوم في أفريل 2017 ينص على صياغة دفتر شروط باقتراح من وزير الصناعة.
كما تطرق القاضي أيضا إلى المراسلة التي أصدرها المتهم لتوسيع قائمة المستثمرين في مجال التركيب، إلى 40 متعاملا، دون إصدار مرسوم تنفيذي ينص على ذلك، وكان رد المتهم بعدم كفاية الوقت الذي يتطلبه إصدار المرسوم، بسبب مشاكل كانت تواجهها بعض المصانع.
وقال المتهم بخصوص تحويل الأمانة التقنية للمجلس الوطني للاستثمار إلى مقر الحكومة، إن القرار اتخذ من قبل نفس المجلس، في حين رد عليه القاضي بأن الغرض من ذلك كان التحكم في مصدر القرار واحتكار تسيير ملف تركيب السيارات، لا سيما في ظل عدم تنصيب لجنة للطعن، وهو نفس ما ذهب إليه النائب العام في ظل نفي تام للمتهم للأفعال المنسوبة إليه.
سلال يطالب بإحضار الرئيس السابق كشاهد في القضية
وفور مثول المتهم الرئيسي الثاني في القضية، والوزير الأول السابق عبد المالك سلال، ساد الضجيج داخل قاعة الجلسات رغم حرص أعوان الأمن على ضبط النظام، بسبب أسلوب حديث المتهم ومحاولة الظهور في شخصية الإنسان الساذج الذي تم التلاعب به، في حين أنه كان يسهر على تطبيق القانون، بل ذهب المتهم إلى حد مطالبة القاضية بجر كافة رؤساء الحكومة السابقين الذين سيروا ملف تركيب السيارات، كما طالب بإحضار الرئيس السبق كشاهد في القضية.
ولما سأله القاضي عن سبب سكوته عن التجاوزات والخروقات التي كانت تحدث خاصة من قبل وزير الصناعة الفار من العدالة عبد السلام بوشوارب، قال سلال إنه كان مغلوبا على أمره، لذلك اكتفى بالعمل على محاولة تسيير شؤون البلاد رغم الفوضى التي كانت سائدة، مضيفا بأن كل مسؤول كان يحاول فضح الفساد كان يزج به إلى السجن.
كما حاول المتهم إلصاق كافة التهم المنسوبة إليه لوزير الصناعة السابق الفار من العدالة عبد السلام بوشوارب، محاولا إقناع القاضي بأن القرار في تسيير هذا النشاط لم يكن يوما بيده، وبأسلوبه المعتاد في الحديث الذي أثار موجة من الضحك داخل القاعة، قال المتهم في ذات القضية إنه لم يكن حتى يمارس صلاحياته في تعيين الوزراء، بسبب سطو الوزير الفار من العدالة على هذه المهمة.
وبحسب ذات المتهم فإن كافة السلطات كانت مركزة لدى الرئيس في عهد النظام السابق، وذلك في رده على القاضي الذي سأله عن سبب عدم قيامه بإصدار مرسوم يحد من تجاوزات وزير الصناعة، كشف خلال حديثه عن الظروف الكارثية التي كانت تسير في إطارها شؤون البلاد، أمام رئيس مقعد لم يكن قادرا على ممارسة مهامه الدستورية، بدليل أنه عين عن طريق الهاتف في الوزارة الأولى، ولم تمنح له فرصة اختيار الطاقم الحكومي.
النائب العام يرفض إحالة ملفي المتهمين عبد المالك سلال وأحمد أويحيى إلى المحكمة العليا
رفض النائب العام لمجلس قضاء العاصمة أمس دفوعا شكلية تقدم بها محامو المتهمين في قضية تركيب السيارات التمويل الخفي للحملة الانتخابية لتحويل الملف إلى المحكمة العليا استنادا إلى المادة 177 من الدستور، وذلك لفائدة الوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، بحجة أن القانون يمنحهما حق الامتياز القضائي.
وبرر النائب العام القرار بعدم إمكانية اللجوء إلى المادة 177 من الدستور، في ظل وجود نصوص قانون سارية المفعول، مشيرا في هذا السياق إلى المادة 231 من الدستور، التي تنص على أنه يستمر سريان مفعول القوانين العادية التي حولها الدستور إلى قوانين عضوية، إلى أن تستبدل أو تعوض وفقا للإجراءات الدستورية.
كما حاول دفاع المتهمين إقناع هيئة الاستئناف بمجلس قضاء العاصمة تحويل الملف إلى المحكمة العليا، وإلغاء قرار ضم القضيتين أي تركيب السيارات والتمويل الخفي للحملة الانتخابية بدعوى عدم منطقية هذا الإجراء، والخشية من أن تهضم حقوق بعض المتهمين، وهو ما رفضه الناب العام بسبب وحدة الموضوع والأطراف، مؤكدا وجود ارتباط وثيق بين القضيتين.
لطيفة بلحاج