بعد ركود استمر عدة سنوات، عادت المطاحن التقليدية بقالمة إلى النشاط بقوة، للتخفيف من أزمة السميد التي يعاني منها السكان منذ الإعلان عن إجراءات مواجهة الوباء المتفشي في البلاد.
و أمام اشتداد الأزمة و تزايد المخاوف من التجمعات و طوابير شاحنات السميد، بدأ الناس يتوجهون إلى المطاحن التقليدية القديمة المنتشرة عبر مختلف مناطق الولاية، لطحن القمح أو شراء الدقيق، بعيدا عن مخاطر التجمعات التي تعرفها مواقع توزيع السميد منذ عدة أيام.
و تواجه المطاحن التقليدية بقالمة، ضغطا كبيرا منذ عدة أيام، بعد أن أصبحت الملاذ الوحيد لسكان القرى و الأرياف و حتى المدن، لمواجهة الندرة التي تعرفها مادة السميد، بسبب ارتفاع الطلب و الاستهلاك بشكل غير مسبوق، حيث أصبح الناس يتخوفون من الخبز، رغم تطمينات أصحاب المخابز الذين اندهشوا من عزوف غير مسبوق يهددهم بخسائر كبيرة و كساد في تجارة الخبز التي تراجعت بشكل كبير عبر مناطق الولاية.
و قال، محمد معمري، صاحب مطحنة تقليدية ببلدية بوحمدان للنصر، أمس الثلاثاء، بأن إقبال الزبائن قد تضاعف مرتين تقريبا خلال العشرة أيام الأخيرة، مضيفا بأن مطحنته الصغيرة الواقعة بمحاذاة الطريق الولائي 27 الرابط بين حمام دباغ و بوحمدان، أصبحت تستقبل عشرات المواطنين الذين يخزنون القمح و الشعير، كمؤن بمنازلهم لوقت الحاجة.
و يعتقد محمد، بأن المطاحن التقليدية الصغيرة، قادرة على المساهمة في التخفيف من الأزمة و مواجهة الوضع الصعب الذي تمر به المنطقة هذه الأيام، بسبب وباء كورونا، مؤكدا على أن الكثير من سكان المجتمع الريفي و الزراعي، قد تخلوا عن تقاليد تخزين مختلف أنواع الحبوب لوقت الحاجة و خاصة القمح الذي ينتج بقوة كل صيف، لكنه يباع كله لمخازن القمح الحكومية و لم يعد الناس يتركون كميات كافية لتأمين الغذاء عند وقوع طوارئ كالتي نعيشها هذه الأيام.
و تتواجد بقالمة عشرات المطاحن التقليدية و خاصة بالأقاليم المنتجة للقمح، أين يعتمد الناس على طحين القمح و الشعير، لكنهم تراجعوا عن هذا التقليد العريق في السنوات الأخيرة و أصبح الكثير منهم يعتمد على السميد و الخبز.
و أصبحت المطاحن التقليدية بقالمة مجهزة بمعدات لتنقية الشوائب الموجودة في القمح و تصفية الدقيق تماما مثل المطاحن العملاقة المتطورة، مما سهل من مهمة العائلات التي تعتمد على القمح كغذاء رئيسي و أصبح القمح المملوء بالشوائب، يعود إلى المنزل دقيقا نقيا لا يختلف عن السميد، مما شجع على استهلاكه بقوة و عادت إليه الكثير من العائلات في هذه الأيام العصيبة التي يمر بها آلاف السكان الذين يواجهون صعوبات كبيرة لتأمين الغذاء لأيام الحجر الصحي الطويلة.
فريد.غ