أمر مساء أمس قاضي التحقيق بالغرفة الأولى لدى محكمة سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة بإيداع كل من المدير العام لوفاق سطيف فهد حلفاية ووكيل اللاعبين المعتمد من طرف الفاف نسيم سعداوي الحبس الاحتياطي بسبب قضية التسجيل الصوتي المسرّب لمكالمة بين الطرفين، مع متابعة سعداوي بجنحة التشهير والمساس بحرمة الأشخاص، مع وضع متهمين أخرين تحت الرقابة القضائية.
أمر الايداع جاء بعد جلسة سماع دامت قرابة 10 ساعات، أحال فيها وكيل الجمهورية الملف على قاضي الغرفة الأولى، وذلك بعد الاستماع إلى أقوال 8 أشخاص من بينهم رؤساء والممثلين القانونيين لأربعة أندية من الرابطة المحترفة الأولى، والذين تم استدعاؤهم من طرف هيئة المحكمة كشهود، سيما وأن التحقيق القضائي وسّع دائرة التحريات، بالحاق رئيسي جمعية عين مليلة شداد بن صيد ونظيره لاتحاد بلعباس قدور بن عياد بقائمة الأطراف التي لها صلة بهذه القضية، بعدما كانت لجنة الانضباط على مستوى الرابطة قد أعفت هذا الثنائي من التحقيقات التي قامت بها، والتي مست الشق الرياضي.
جلسة الأمس هي الأولى على مستوى الجهات القضائية منذ طفو هذا الملف على السطح، وجاءت بعد الشكوى التي تقدمت بها وزارة الشباب والرياضة ضد مجهول، مع تأسس الوصاية كطرف مدني في القضية، وقد حضر أمام قاضي التحقيق كل من الطرفين المباشرين، المدير العام لوفاق سطيف فهد حلفاية، ووكيل الأعمال المعتمد لدى الفاف نسيم سعدواي، باعتبارهما طرفي المكالمة الهاتفية التي كانت محل التسجل والنشر على نطاق واسع، كما حضر أيضا رئيس اتحاد بسكرة عبد الله بن عيسى، وكذا نظيره لجمعية عين مليلة شداد بن صيد، بينما أقدم رئيس أهلي البرج أنيس بن حمادي على تكليف محاميه لينوب عنه في جلسة السماع، وبرر غيابه الشخصي بوعكة صحية مفاجئة تعرض لها، حيث قدم المحامي شهادة طبية لهيئة المحكمة، في الوقت الذي أسند فيه رئيس اتحاد بلعباس قدور بن عياد محامي النادي لتمثيل الفريق، بعد استدعاء رئيس النادي كشاهد.
ورود اسم بن صيد في المكالمة جرّه إلى العدالة
وخصصت الفترة الصباحية للإستماع إلى أقوال الشهود، حيث تبيّن بأن استدعاء رئيس جمعية عين مليلة بن صيد كان على خلفية ورود اسمه في التسجيل الكامل للمكالمة «المشبوهة» بين حلفاية وسعداوي، وهو التسجيل الذي كان فيه المدير العام لوفاق سطيف قد تحدث عن علاقة وطيدة تربطة برئيس «لاصام»، واعتبر هذه العلاقة منطلقا لمخطط تسهيل مهمة الوفاق بعين مليلة، في المقابلة المقررة في الجولة 28 من البطولة، سيما وأن حلفاية كان في ذات المكالمة قد ذهب إلى حد الجزم بنجاح فريقه في الفوز بكل اللقاءات المتبقية من الموسم الجاري، وحساباته في الكواليس مبنية بالأساس على تتويج «النسر الأسود» بلقب البطولة.
وكشف رئيس جمعية عين مليلة بن صيد بأن علاقته بحلفاية ليست وليدة نشاط كرة القدم، بل تعود إلى العمل التجاري، بتواجد الرجلين في مجال سوق السيارات، مفندا أن يكون المدير العام للوفاق السطايفي قد تحدث معه بخصوص «سيناريو» مسبق لمباراة الإياب التي ستجمع الفريقين بعين مليلة، وطلب تسهيل مهمة الوفاق في الظفر بالنقاط الثلاث، ولو أن بن صيد أوضح أيضا بأن نتيجة لقاء الذهاب بسطيف كانت منطقية، لأن الانهزام برباعية كان قد فاجأ المتتبعين، لكننا ـ كما قال ـ « كنا خارج الإطار في تلك الأمسية، وتشكيلتنا ظهرت منهارة من جميع الجوانب، فتلقينا 3 أهداف في شوط واحد، دون أن تكون هناك أي «شبهة» حول النتيجة المسجلة».
أموال تحويل ساعد أقحمت رئيس اتحاد بلعباس كطرف
على صعيد آخر فقد كان استدعاء رئيس اتحاد بلعباس قدور بن عياد بناء ما جاء في التسجيل من كلام لحلفاية، ربط فيه المباراة المقررة لوفاق سطيف ببلعباس في اطار الجولة 25 باشكالية المبلغ المالي الذي مازال عالقا بين الفريقين، لأن الوفاق لم يتحصل بعد على قيمة تحويل المدافع المحوري أنس ساعد، والمقدر بـ 500 مليون سنتيم، وهو أمر اعتبره حلفاية كافيا ـ كما جاء في التسجيل ـ لتسهيل مهمة فريقه ببلعباس نظير التنازل عن هذه القيمة المالية، لكن محامي فريق «المكرة» فند في جلسة السماع أمس هذا الطرح، ونفى أن يكون مسيرو وفاق سطيف قد تحدثوا مع نظرائهم لإتحاد بلعباس بشأن لقاء الإياب بين الفريقين.
من جهة أخرى فقد تمسك رئيس اتحاد بسكرة عبد الله بن عيسى بالأقوال التي كان قد أدلى بها أمام لجنة الانضباط والطاعة التابعة للرابطة المحترفة، وأكد بأنه تلقى اتصالا هاتفيا من أحد الأشخاص عرض عليه فكرة التنازل عن نقاط مباراة الجولة 21 ببسكرة لوفاق سطيف، ونفى أن يكون فريقه قد سهل مهمة «السطايفية» في الفوز المحقق، بينما فند محامي أهلي البرج، والذي ناب عن الرئيس أنيس بن حمادي، كل الاتهامات التي تحدثت عن إقدام مسيري الأهلي على ابتزاز حلفاية وتهديده بنشر التسجيل الصوتي.
التحريات القضائية ألحقت شخصين بقائمة المشتبه فيهم
إلى ذلك كشفت التحريات التي قامت بها الضبطية القضائية منذ شروعها في التحقيق في هذه القضية عن وجود طرفين كمشتبه فيهما، أحدهما مشتبه في قيامه بعملية نشر التسجيل الصوتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وآخر توبع في قضية الاتصال الهاتفي برئيس اتحاد بسكرة وعرض عليه مخطط التنازل عن النقاط للوفاق السطايفي، وهما الطرفان اللذان سجلا تواجدهما أمس بالمحكمة على ذمة التحقيق، وقد تقرر وضعهما تحت الرقابة القضائية، بعدالاستماع إلى كل مشتبه فيه رفقة كل من المتهمين الرئيسيين فهد حلفاية ونسيم سعداوي، ولو أن المناجير حاول تبرئة ذمته من التهم المنسوبة إليه، وأرجع سبب قيامه بتسجيل المكالمة إلى السعي لتبرئة ذمته من الشبهات التي طالته بخصوص الضلوع في ترتيب نتائج المباريات، ممع محاولة تجاهله قانون منع تسجيل المكالمات الهاتفية دون الحصول على ترخيص من الجهات المختصة.
ص/ فرطــاس