يسدل الستار اليوم عن الحملة الانتخابية الخاصة بالاستفتاء على مشروع تعديل الدستور المقرر يوم الفاتح نوفمبر الداخل بعد 22 يوما من المرافعات أمام المواطنين من أجل التصويت بقوة لصالح المشروع.
تحت شعار "نوفمبر 1954: التحرير... نوفمبر 2020: التغيير".
جرت الحملة الاستفتائية التي انطلقت يوم 7 أكتوبر الجاري ودامت 22 يوما، في إطار ضوابط وقواعد حددتها السلطة الوطنية للانتخابات من خلال قرارين مؤرخين في 28 سبتمبر الماضي و3 أكتوبر الجاري، لتبدأ بعد منتصف ليلة اليوم الأربعاء، فترة الصمت الانتخابي التي تدوم إلى غاية يوم الاقتراع في الفاتح من نوفمبر المقبل.
ويمنع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، في مادته 174 "أيا كان، مهما كانت الوسيلة وبأي شكل كان، أن يقوم بالحملة خارج الفترة المنصوص عليها في المادة 173 من هذا القانون العضوي"، كما تمنع المادة 181 من ذات القانون "نشر وبث سبر الآراء واستطلاع نوايا الناخبين في التصويت .. قبل (72) ساعة على المستوى الوطني وخمسة أيام بالنسبة للجالية المقيمة بالخارج من تاريخ الاقتراع".
وقد تولى تنشيط الحملة عبر كل ربوع الوطن، كل من الطاقم الحكومي، وفي مقدمته الوزير الأول عبد العزيز جراد، الذي نشط، أمس الثلاثاء لقاء بالجزائر العاصمة، كما كانت له مداخلة تلفزيونية عبر قنوات التلفزيون الجزائري، إلى جانب مداخلات وتجمعات شعبية نشطها عدد من الوزراء، ومستشاري رئيس الجمهورية.
والملاحظ أن الحملة الاستفتائية الحالية -وعلى خلاف الحملات الانتخابية السابقة- كان العنوان الأبرز فيها المجتمع المدني بمختلف فعالياته وأطيافه، بينما كان نشاط الأحزاب السياسية محتشما إلى حد كبير، عكس ما كان يحدث في السابق.
فقد لعبت فعاليات المجتمع المدني على تعددها دورا محوريا في الحملة الانتخابية الخاصة بمشروع التعديل الدستوري المطروح، خاصة وقد تزامن ذلك مع التشجيع الذي يلقاه المجتمع المدني من طرف السلطات العمومية في هذه المرحلة، والتأكيد على أنه سيكون المرافق لمؤسسات الدولة في المرحلة المقبلة.
وعلى هذا المنوال فقد نشطت تكتلات المجتمع المدني التي ظهرت في الأسابيع الأخيرة على غرار تكتل "المسار الجديد" الذي يضم حوالي 100 جمعية ومنظمة، وتكتل " المجتمع المدني"، والمنتدى الوطني للمجتمع المدني والشباب"، وأيضا " المنتدى الوطني للتغيير" فضلا عن جمعيات ومنظمات وطنية ومحلية أخرى، العشرات من التجمعات واللقاءات في إطار الحملة الاستفتائية لصالح مشروع التعديل الدستوري في مختلف أرجاء القطر الوطني.
ويقول منسق السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات على مستوى ولاية ورقلة الأستاذ عبد الوهاب بن جلول أن حصة الأسد في التجمعات الخاصة بحملة تعديل الدستور كانت من نصيب المجتمع المدني في الولاية التي ينسق العمل بها، و أضاف في تصريح "للنصر" أمس أن فعاليات المجتمع المدني نشطت أكثر من 11 تجمعا لصالح مشروع تعديل الدستور منذ انطلاق الحملة، وقد نشطت أمس فقط ثلاثة تجمعات، أما الأحزاب السياسية فإنها بالمقابل لم تنشط سوى ثلاثة تجمعات، وبعضها اكتفى بلقاءات تحسيسية على مستوى مقراته بالولاية على غرار جزب جبهة التحرير الوطني.
ويخلص محدثنا إلى أنه يمكن القول بأن الحملة الانتخابية هذه هي حملة المجتمع المدني بامتياز، فقد لعب دورا كبيرا في الترويج لمشروع تعديل الدستور أكثر من أي جهات أخرى، و ذلك واضح للجميع، أما المكلف بالإعلام بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات علي دراع فقد رفض أمس الأول تقديم تقييم أولي للحملة الانتخابية وقال إن كل المعطيات و الإحصائيات المتعلقة بهذه الحملة ستقدم في وقت لاحق.و فضلا عن التجمعات الشعبية الكبرى التي عقدتها فعاليات المجتمع المدني في العديد من الولايات فقد لعبت الجمعيات والمنظمات أيضا دورا بارزا في حملات التحسيس الجوارية، إذ قام شبان ينتمون لهذه الفعاليات بحملات في أوساط المجتمع لشرح بنود تعديل الدستور وأهمية التصويت لصالح والمشاركة في الاقتراع الأحد القادم.
بمقابل الدور البارز الذي لعبه المجتمع المدني في الحملة لصالح التعديل الدستوري المطروح بدا دور الأحزاب السياسية أقل حضورا، وعلى خلاف الحملات الانتخابية السابقة فإن عدد الأحزاب السياسية التي شاركت في الحملة كان قليلا، مقارنة بعدد الأحزاب المعتمدة، واقتصر الأمر في هذا الخصوص على حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، حزب تاج ، حركة البناء الوطني، حركة الإصلاح الوطني، جبهة الجزائر الجديدة، حزب صوت الشعب، حزب الحرية والعدالة، حزب الفجر الجديد، وأحزاب أخرى تعد على الأصابع، بينما غابت أحزاب أخرى سواء من المعارضة أو غيرها تماما عن المشهد ولم يظهر لها أثر يذكر.
ولم تنشط هذه الأخيرة تجمعات جماهيرية كبرى عدا ربما الحزب العتيد والتجمع الوطني الديمقراطي من خلال تجمعات جهوية، واكتفى البعض منها بلقاءات جوارية، ربما بسبب الظروف الصحية التي فرضها تفشي جائحة كورونا و طبقا للتراخيص التي حصلت عليها من قبل السلطات العمومية، ولكن أيضا لعدم قدرة بعض الأحزاب على تنظيم تجمعات كبيرة وعدم قدرتها على التجنيد.
ويمكن القول إن الحملة الانتخابية لصالح التعديل الدستوري كانت بمثابة الاختبار الأول لمدى قدرة المجتمع المدني على التعبئة والتجنيد وكسب ثقة المواطن و تأطير المجتمع وهو الذي يحظى بمكانة معتبرة في الدستور الجديد وفي استراتيجية السلطات العمومية مستقبلا.
إلياس- ب / وأج