الأحد 24 نوفمبر 2024 الموافق لـ 22 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

جسد أول وعوده الانتخابية بدستور حداثي: الرئيـس تبـون يضـع أسـس بنـاء الجـزائر الجـديدة

  استطاع رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، كسب معركة الدستور، وتجسيد أولى تعهداته الانتخابية برغم الظروف التي لم تكن مواتية بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، و أزمة كورونا التي أخلطت الأوراق و زحزحت أجندة الرئيس، حيث أبعدت الأولويات التي كانت موضوعة على الطاولة، وفرضت أولويات جديدة تحت ضغط  الجائحة، وانتظر الرئيس إلى غاية نوفمبر الماضي لعرض الدستور على الشعب.
افتتح الرئيس تبون عهدته الرئاسية ببداية تجسيد وعوده في الإصلاح السياسي الذي كان من أكبر الالتزامات التي وعد بها الشعب خلال الحملة الانتخابية، فعمد مباشرة يوم الثامن يناير الماضي إلى استقبال الخبير في القانون الدستوري، أحمد لعرابة، وكلفه بترؤس اللجنة الخاصة بمشروع التعديل الدستوري، وهي اللجنة التي نصبت رسميا يوم 14 من نفس الشهر وباشرت مهامها. وبعد شهور وتأجيل متكرر بسبب الظروف التي فرضتها جائحة كورونا نظم الاستفتاء على مشروع التعديل الدستوري في الفاتح نوفمبر الماضي.
و حصل مشروع الدستور الجديد في الجزائر على موافقة شعبية، وبغض النظر عن السجال السياسي والإعلامي الذي أثير بشأن نسبة المشاركة في الاستفتاء على الدستور، إلا أن الرهان بالنسبة للجزائريين والبلاد، هو الخروج من تركة النظام السابق والدخول في مرحلة جديدة بعنوان «الجزائر الجديدة» حيث يعد الدستور المحطة المفصلية التي ستسمح بالتخلص سريعاً من ميراث العهد السابق، ويدخل ضمن «التطهر» من ميراثه، عبر التخلص من البرلمان في انتخابات قريبة، للحصول على برلمان جديد يتساوق مع المرحلة، تتبعها انتخابات لتجديد المجالس المحلية التي ستكرس مفهوم الديموقراطية التشاركية عبر إشراك منظمات المجتمع المدني بشكل اكبر في إدارة الشأن المحلي.
ويدخل في مكاسب الرئيس تبون السياسية أيضاً الإيفاء بنزاهة الاستفتاء، وهذه ستلعب دوراً مهماً في تغيير السلوك الانتخابي ومخرجات الاستحقاقات الانتخابية، خاصة وان النقاش حول الاستفتاء على الدستور لم يتجه كما كان الأمر مع أغلب الاستحقاقات السابقة، إلى مسألة التزوير والتلاعب بالنتائج والمخرجات، وانحصر حول المقاطعة وتفسيراتها. والقبول بالأرقام والبيانات كما هي في الواقع الانتخابي، وجرأة الإعلان عن نسبة مشاركة بـ23 في المائة دون خجل من هذا التواضع، نقطة مضيئة في هذا الاستفتاء.
وحرص الرئيس تبون منذ البداية على اقتراح دستور ينسجم مع متطلبات بناء الدولة العصرية، ويلبي مطالب الحراك الشعبي المبارك الأصيل. مع تأكيده مرارا على ضرورة أن يكون الدستور في صيغته الجديدة توافقيا على أوسع نطاق من خلال تمكين مختلف الأطياف الشعبية وصناع الرأي العام من مناقشته طيلة أكثر من أربعة أشهر بالرغم من القيود التي فرضتها الأزمة الصحية، وذلك استجابة لرغبة الأغلبية في التغيير والتوجه نحو الجزائر الجديدة، وينطلق الرئيس من قناعة أن التغيير الجذري الذي طالب به الحراك المبارك يأتي عن طريق الدستور وليس بقرارات في مكاتب مغلقة.
و يضع لدستور الجديد أسسا لتحقيق تغيير جذري في أسلوب الحكم من أجل التحضير لبناء «جزائر جديدة عمادها السيادة الوطنية، والتجسيد الحقيقي للعدالة الاجتماعية، تطبيقاً لمبادئ بيان أول نوفمبر، وإرساء أدوات بناء مؤسسات الدولة التي تضررت وهذا يستجيب لمتطلبات الحراك الشعبي والنظرة الجديدة لمستقبل البلاد. كما يؤسس الدستور لمراحل سياسية أخرى تحقق التغيير المنشود في جميع المجالات، بما فيها تلك التي تخص الأحزاب والجمعيات والانتخابات وغيرها من المجالات الأخرى التي هي بحاجة لرسكلة وتجديد.
فعلى المستوى القانوني، فإن الدستور جاء بإضافة هامة في مجال تحقيق التوازن بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية، بحكم أن هذه الأخيرة كانت مستحوذة على أكبر قدر من السلطة. ففي مجال القضاء، مكن الدستور من تعزيز السلطة القضائية بعد استبدال المجلس الدستوري بالمحكمة الدستورية، وهو ما يقوي الرقابة القضائية، فضلا عن إعادة النظر في تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء. أما السلطة التشريعية، فيمكن أن نقول إنها استعادت هيبتها من خلال مضاعفة إمكانيات مساءلتها للحكومة أكثر مما هو عليه الأمر الآن، ما يعزز دورها الرقابي الذي تدعم أيضا بالأدوات الخاصة بالتحقيق والاستعلام.
من جهتها، عرفت السلطة التنفيذية بعض التعديلات التي تحدث توازنا بين غيرها من السلطات، حيث تم تحديد السلطات الواسعة لرئيس الجمهورية وتكيفها وطبيعة النظام شبه الرئاسي بعدما كانت واسعة للغاية، فضلا عن إعادة الاعتبار للحكومة من خلال العودة لمنصب رئيس الحكومة بدل الوزير الأول. وهو ما ينجر عنه استقلالية أكبر وصلاحيات أكثر للحكومة، مع التشديد على مسؤولية رئيس الحكومة أمام البرلمان.
وعلى مستوى الدفاع الوطني، تم تعزيز الدور الإقليمي للجيش الوطني الشعبي، من خلال تمكين مشاركته في إطار مهام الأمم المتحدة والتعاون الإقليمي، من أجل إفادة الغير بخبرته واحترافيته في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والإسهام في إحلال الأمن والسلام على المستوى الإقليمي.
وبالنسبة للرئيس تبون، فان تعديل الدستور، لم يكن هدفا في حد ذاته بل بمثابة المفتاح الذي يسمح بتفكيك تركة النظام السابق ويفتح الباب أمام تعديل ترسانة من القوانين، لا سيما قانوني الانتخابات والأحزاب، ويفتح الباب واسعاً ليسرع الرئيس بداية من العام الجديد في تنفيذ أبرز تعهداته السياسية التي أعلنها قبل فترة، ولا سيما اعتزامه إجراء انتخابات نيابية ومحلية مسبقة، كان قد تعهد بتنظيمها قبل نهاية السنة، لكنها ظلت عالقة بسبب الأوضاع الطارئة المتعلقة بوضعه الصحي والموجة الثانية لوباء كورونا. ويُرجح أن تتم إعادة برمجة هذه التعهدات في الثلث الأول من السنة المقبلة، لا سيما أن تبون ينوي بناء مشروعه السياسي على مؤسسة نيابية جديدة ذات تمثيل وشرعية شعبية، مقارنة بالبرلمان الحالي.
وكان تبون قد حاول استباق الوقت، بتكليفه في 19 سبتمبر (قبل الاستفتاء على الدستور) لفريق من الخبراء في القانون الدستوري، أغلبهم من اللجنة التي تولت صياغة مسودة الدستور، بصياغة مشروع قانون جديد للانتخابات، يتضمن تحديد مقاييس انتخابية جديدة تخص شروط وضوابط الترشح على ضوء التجارب السابقة، وإنهاء تدخل المال السياسي في الانتخابات، مما يتيح إنشاء مؤسسات منتخبة بشكل ديمقراطي وذات مصداقية تعبر عن الإرادة الشعبية، وتشجع الشباب على الولوج في العمل السياسي.
 ع سمير

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com