اعتبر الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة ميلة البروفيسور مصباح حراق، أن النظام البنكي الجزائري يعاني من العديد من التشوهات والسلبيات ، وقال إن لدينا هياكل فقط ولا نملك منظومة مصرفية حديثة، مؤكدا على ضرورة إعادة النظر في العديد من الأمور، على غرار التسريع في تحديث وسائل الدفع الإلكتروني، كما أبرز أهمية وجود منظومة قائمة على الشفافية في منح قروض الاستثمار وذلك وفق الجدوى الاقتصادية و الشفافية، كما أشار إلى أهمية أن ينفتح النظام المصرفي في الجزائر على القطاع الخاص .
النصر : ما هي في رأيكم، عيوب وسلبيات النظام البنكي في الجزائر؟
مصباح حراق: النظام البنكي الجزائري يعاني من العديد من التشوهات والسلبيات، لعل أهمها هو أن الخدمات التي يقدمها هي خدمات كلاسيكية لا ترقى إلى المنتجات الحديثة التي تقدمها البنوك الحديثة، ناهيك على أن النظام البنكي لا زال تسيطر عليه البنوك العمومية . فنحن الآن في اقتصاد السوق من المفروض أن النظام البنكي لا يبقى بنفس الآلية التي كانت موجودة في الماضي، حيث أن 95 بالمئة من المنظومة البنكية هي عبارة عن بنوك عمومية وهذا لا يخدم الاقتصاد الوطني تماما، ومن بين الأمور التي يعاني منها النظام البنكي، أنه لم يتمكن من تحديث وسائل الدفع الإلكتروني ، فيجب إحداث ثورة في هذا الجانب ، وعلى هذا الأساس، أنا لا أرى أن هذا التخلف متعلق بالنظام البنكي فقط ، أرى أن القضية أوسع من هذا وهي أن الإدارة الاقتصادية ككل ، البنوك ، إدارة الجمارك ، إدارة الضرائب ، مؤسسات التأمين ، البورصة ، وكل المؤسسات المالية من المفروض أن يعاد النظر في آليات عملها و عصرنتها وفق ما هو معمول به في الدول المتطورة، والبنوك في الجزائر يجب أن تحدث فيها شبه ثورة حقيقية ، باعتبار أن لدينا هياكل فقط ولا نملك منظومة مصرفية حديثة، سواء من حيث تحديث وسائل الدفع ومن حيث الشفافية في منح القروض ، فهناك الكثير من النقاط التي يجب أن يعاد فيها النظر جملة وتفصيلا .
النصر : ما هي الإصلاحات الواجب إدخالها على النظام البنكي، وما هي الأولويات سيما مع انطلاق عمل تفتيشي على مستوى البنوك بشأن ملف منح القروض ؟
مصباح حراق: انطلاق عمل تفتيشي يشمل مختلف البنوك العمومية للوقوف على الاختلالات التي مست عملية منح القروض، نقطة مهمة جدا ويجب إعطاؤها الأولوية لضرورة وجود منظومة قائمة على الشفافية في منح القروض ، فمنح قروض الاستثمار يجب أن يكون وفق الجدوى الاقتصادية ووفق الشفافية ، وتوجد لدينا في الجزائر هيئة مركزية المخاطر الموجودة على مستوى البنك المركزي والتي لا تقوم بدورها كما ينبغي فيما يخص مراقبة القروض التي تمنحها المؤسسات البنكية لصالح المتعاملين الاقتصاديين ، من المفروض أن تفعل هذه الهيئة الرقابية على مستوى البنك المركزي، بحيث تكون لها سنويا معطيات حول القروض التي تمنحها البنوك التجارية لصالح المتعاملين الاقتصاديين، من جانب آخر فإن النظام المصرفي في الجزائر يجب أن ينفتح على القطاع الخاص .
النصر : ما هي في رأيكم، التدابير الضرورية لدعم انطلاقة اقتصادية قوية، خصوصا بعد الركود الذي خلفته جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني؟
مصباح حراق:هناك مجموعة من الأولويات يجب أن تأخذ بدون تردد وبسرعة ، ولا ننسى أن الاقتصاد الوطني كان شبه راكد ويعاني من أزمة قبل جائحة كورونا، سواء كان ذلك على المستوى الجزئي ، المؤسسة الاقتصادية ، وهو ما يتجلى من خلال ضعف ورتابة المؤسسة الاقتصادية أو المستوى الكلي وهو ما نلحظه من خلال ضعف الاستثمار ومحدودية التمويل العمومي ، حيث أن ميزانية الدولة شهدت مستويات مرتفعة من العجز، إذن يجب الشروع في مجموعة من الإصلاحات مثلا ، أن نذهب إلى تحرير مناخ الاستثمار، فمنذ 25 سنة تقريبا ونحن نقول نفس المصطلحات والآليات وهي تحسين مناخ الاستثمار ، إلا أنه لا شيء تغير ولا شيء تحقق في هذا المجال، ويجب أيضا أن ننطلق كذلك في رقمنة القطاعات الاقتصادية ، غير معقول أننا في 2021 ، الإدارات الاقتصادية ما زالت كلاسيكية ، فيجب رقمنة نظام الضرائب ، رقمنة إدارة الجمارك ، ورقمنة مؤسسات التأمين وتحديث الجهاز البنكي ، إذن رقمنة المؤسسات والإدارات الاقتصادية كذلك ضرورة لابد منها، ويجب الذهاب فعلا إلى التوجه المقاولاتي وأن نعطي مناخ ملائم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأن نذهب كذلك إلى ترقية أدوات التمويل ، فإذا كنا نؤمن فعلا بمناخ اقتصادي قائم على اقتصاد السوق، فلا مناص من تحرير وتطوير أدوات ووسائل التمويل، خاصة من خلال تحفيز البورصة، لأنه لا يمكن تصور إنعاش اقتصادي ورؤية اقتصادية جديدة ومناخ جديد للاستثمار ووسائل التمويل كلاسيكية عندنا ، فيجب أن تعمل السلطات العمومية في أقرب وقت ممكن على تعبئة كل وسائل الادخار والاستثمار وذلك من خلال تفعيل وبعث سوق للأوراق المالية في الجزائر.
مراد - ح