أكد الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي بأن كثيرا من المؤشرات تنبئ بتحسن في الوضع الاقتصادي في الفترات المقبلة، وقال إنه أعد استشارات لفائدة شركات كبرى ترغب في الدخول إلى الجزائر بغرض الاستثمار.
وأوضح عبد المالك سراي في رده على سؤال "للنصر" بخصوص طبيعة النمط الاستهلاكي الذي ينبغي أن تنتهجه الأسر لمواجهة الظرف الاقتصادي الصعب، إن المعطيات المتوفرة لديه تنبئ بتحسن في الوضعية الاقتصادية للبلاد خلال الفترات القادمة، وأن العديد من الشركات الأجنبية المعروفة ذات قدرات تكنولوجية عالية تود الدخول إلى الجزائر للاستثمار، وأنه تكفل شخصيا بإعداد دراسات لفائدة هذه الشركات حول فرص الاستثمار التي يمكن استغلالها.
وأكد الخبير الاقتصادي بأن الجزائر تزخر بقدرات وموارد طبيعية لم تستغل بعد، فقط نسبة 15 بالمائة منها يتم استغلالها في المجال الصناعي، والباقي ما تزال عبارة عن ثروات نائمة، معتقدا بأن القادم أفضل بدليل حرص عديد الشركات الأجنبية ذات القدرات التكنولوجية والعلمية على ربط اتصالات مع قطاعات وزارية للاستثمار في الجزائر.
ويرى عبد المالك سراي بأن جائحة كورونا أثرت كثيرا على النمط الاستهلاكي للأسر، بدفعها إلى إعادة ترتيب الأولويات، وتقليل المصاريف، قائلا إنه وقف مؤخرا على ظاهرة جد إيجابية من الناحية الاقتصادية، تتمثل في عودة الاعتبار إلى القطع النقدية الصغيرة، بعد أن اختفت بصورة شبه تامة عن المشهد الاقتصادي، وهو ما يعرف لدى المختصين بالأسلوب السويسري الذي يعطي مكانة لهذه القطع النقدية، بعد أن كان المواطن يتعامل بالأوراق النقدية في أغلب المعاملات التجارية.
وتوحي هذه الظاهرة وفق المصدر بحرص الأفراد على ترشيد النفقات، باقتناء ما يلزم لتغطية الحاجيات اليومية دون إسراف، قائلا إنه قام برفع مقترح إلى البنوك لتدعيم السوق بالقطع النقدية الصغيرة، بعد أن زاد الطلب عليها في الأشهر الأخيرة، لأن ذلك سيشجع على محاربة ظاهرة التبذير التي استشرت لدى الكثير من الأسر، سواء ما تعلق بالإسراف في اقتناء المواد الغذائية أو في استهلاك الطاقة، إذ تشير الدراسات بأن نسبة 35 بالمائة من المياه والكهرباء تذهب هباء منثورا.
ويرى المتحدث بأن الأزمة الصحية التي سببها فيروس كورونا قدمت لنا درسا في مختلف مناحي الحياة لا سيما الجانب الاقتصادي، وأدت إلى تغيير النموذج الاستهلاكي للجزائريين، من خلال العزوف عن التبذير، وأعطى المصدر على سبيل المثال استهلاك بعض المواد الغذائية بطريقة غير عقلانية على غرار السكر والبن.
ويؤكد عبد المالك سراي بأن الظرف الاقتصادي الحساس الناجم عن الأزمة الصحية يمكن تجاوزه بترشيد النفقات، وبتشجيع روح التكافل والتضامن الاجتماعي بين الأفراد، والتحفيز على العمل الخيري، وهو ما أشار إليه أيضا الخبير الاقتصادي فريد بن يحيى، الذي قال في تصريح "للنصر" إن نشر الثقافة التضامنية عبر دعم الجمعيات الخيرية، فضلا عن العمل التضامني الذي تقوم به مؤسسات الدولة، إضافة إلى مساهمة المزكين في رفع الغبن عن الأسر المعوزة، من شأنه التخفيف من وطأة الوضع الاقتصادي على الفئات الهشة.
ويضيف من جهته الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول بأن التكافل يعتبر وسيلة فعالة للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، وأن التآزر بين أفراد العائلة الواحدة من خلال السكن الجماعي، يساعد على تحمل مشاق الحياة، عبر تقاسم المصاريف اليومية والمشاركة الجماعية في تسديد فواتير الكهرباء والماء التي تسهلك جزءا هاما من الميزانية الشهرية، وهي الفرص التي لا يمنحها السكن الفردي الذي أضحت تتجه إليه جل الأسر.
ويعتقد المحلل الاقتصادي بأن السكنات الفردية على قدر ما تساهم في القضاء على أزمة السكن، وتحقق للأسر حلمها في الحصول على سكن لائق يضمن لها الحياة الكريمة، إلا أنها من الناحية الاقتصادية تؤدي إلى إثقال كاهل الأسرة الواحدة في تسديد تكاليف استهلاك الطاقة وغيرها من المستلزمات اليومية.
وبشأن ضمان القدرة الشرائية للأفراد، يرى عبد الرحمان مبتول بأن ذلك مرهون بتحقيق التوازن ما بين معدل النمو السنوي والزيادة في عدد السكان، إلى جانب توفير ما لا يقل عن 400 ألف منصب شغل كل عام، لامتصاص البطالة، والعمل على رفع العقبات البيروقراطية أمام المستثمرين.
لطيفة بلحاج