جرت الانتخابات التشريعية بولاية قسنطينة أمس، في أجواء منظمة عموما طبعها فرض احترام البروتوكول الصحي وانخراط لافت للشباب، رغم تسجيل مآخذ تنظيمية و خروقات من قبل ممثلي بعض القوائم خلال هذه الاستحقاقات التي تميزت هذه المرة بعدد غير مسبوق من قوائم الترشح قدر بـ 52 قائمة، معظمها للأحرار، فيما حافظت البلديات الريفية والشمالية على نسب المشاركة المرتفعة نسبيا، ولم تمنع درجات الحرارة الشديدة، العديد من المواطنين من التوجه لمراكز الاقتراع.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية بولاية قسنطينة، 2.69 بالمئة على الساعة العاشرة صباحا، لترتفع إلى 7.63 بالمئة على الثانية زوالا ثم إلى 11.40 بالمئة في حدود الخامسة مساء ووصلت عند غلق العملية إلى نسبة 19.65 بالمائة ، لتتصدر حامة بوزيان البلديات من حيث نسبة المشاركة، تليها عين سمارة، ثم بلدية قسنطينة. ولم تسجل إخطارات نهارا، باستثناء تلقي بعض الاستفسارات من المشرفين على مراكز الاقتراع وكتل القوائم وحتى المواطنين، من أجل تلقي توضيحات حول جوانب من العملية، بحسب ما أكده المكلف بالاتصال بالمندوبية الولائية للسلطة الوطنية للانتخابات، عبد العالي لرقط، للنصر.
وجرت العملية وسط فرض لبروتوكول الوقاية من فيروس «كوفيد 19»، لكن الالتزام به تفاوت من مركز لآخر، فيما وزعت السلطات المحلية أكثر من 200 ألف كمامة طبية واقية عبر مختلف مراكز الاقتراع، إضافة إلى أزيد من 650 قنينة من المعقم الكحولي، أما الهيئة الناخبة التي تضم 607877 ناخبا وناخبة، فتوزعت على 215 مركزا للتصويت يضم 1512 مكتب اقتراع.
ناخبون لم يجدوا أسماءهم بمراكز الاقتراع
وببلدية قسنطينة التي تضم أهم وعاء انتخابي بمجموع 272 ألفا و 37 مسجلا، عرفت المراكز وتيرة إقبال معهودة في مختلف الاستحقاقات مع فوارق بسيطة من مكتب إلى آخر، فيما لم يجد ناخبون أسماءهم بالمكاتب التي اعتادوا التصويت فيها، قبل أن يتم توجيههم إلى المراكز الجديدة مثلما حدث في مكتب بوغابة رقية، أين التقينا بمواطنين ينتظرون دورهم للدخول، وذلك بسبب طول مدة الاقتراع التي تتطلب جمع 58 استمارة، والتطبيق الصارم للبروتوكول الصحي.
وبمركز زيغد إسماعيل في حي بوالصوف، المخصص للرجال، بلغت نسبة التصويت إلى غاية العاشرة صباحا، 3.4 بالمئة بمجموع 188 ناخبا، فيما تواجد 27 مراقبا لممثلي الأحزاب والقوائم الحرة، منهم من كان داخل المكاتب بينما كان الآخرون في الرواق، حيث قال لنا مراقب تابع لقائمة حرة إنه لم يسجل أية اختلالات تذكر.
ولاحظنا بهذا المركز، احترام البروتوكول الصحي، حيث كان المشرفون على العملية يرتدون الكمامات في وجود معقمات، وذلك وسط حضور لافت للشيوخ والشباب، فيما قال كهل التقينا به بينما كان يقف في طابور قرب مكتب الاقتراع «الانتخاب واجب على الشعب الجزائري، تعودت على الإدلاء بصوتي في الانتخابات واليوم جئت لأصوت على أحد المترشحين الأحرار».
وببلدية الخروب المعروفة بوعائها الانتخابي الهام و المقدر بـ 129122 ناخبا، كان الإقبال قياسيا في بعض المراكز وضعيفا و متوسطا في مراكز أخرى، حيث سجلت متوسطة عبد الحميد قربوعة، وحدها خلال الصبيحة، نسبة 20 بالمائة بمجموع ألف ناخب من أصل 5 آلاف مسجل.
«فيسبوك» يقلب الموازين
وحسب بعض من تحدثنا إليهم من الناخبين الشباب، فإن موقع «فيسبوك» لعب دورا كبيرا في تحفيزهم على الاقتراع، فالتداول المكثف لموضوع الانتخابات عزز رغبتهم في المشاركة، كما أثرت الحملات الالكترونية للمترشحين على خياراتهم وكسرت الصورة النمطية التي يحتفظون بها في أذهانهم عن فكرة الانتخابات عموما، من جهة ثانية، قالت سيدات قابلناهن بمركز الاقتراع صاولي بشير، بأنهن انقطعن عن الانتخاب لمدة، لكن شعار التغيير وتجدد الوجوه هذه السنة، دفعهن لسحب بطاقاتهن من جديد و الخروج للإدلاء بأصواتهن، وفي ما يخص طريقة اختيار المرشحين أخبرننا، بأن هناك من اختيروا عن طريق اللافتات المعلقة وهناك من اقترحوا عليهن من قبل أفراد العائلة و المعارف.
وأكد عدد من مراقبي القوائم عدم تسجيل تجاوزات كبيرة أو محاولات لتوجيه الأصوات، مع ذلك فقد طرح مشكل انعدام الاستمارات الخاصة ببعض الأحزاب والقوائم على مستوى مكاتب اقتراع بمراكز الشايب الحفصي و صالح دراجي و مدرسة صاولي و المتقنة الجديدة وأحمد بوشبعة، وهي وضعية لم تسو إلا بعد مرور ساعتين من انطلاق العملية الانتخابية، كما سُجل تعيين أفراد من عائلات مترشحين كرؤساء مكاتب، إضافة إلى تعيين أكثر من رئيس واحد لذات المركز، ناهيك عن عدم تحديد هوية حاملي شارة مؤطر وتسجيل أخطاء في بعض محاضر الفرز فيما يتعلق بترتيب القوائم.
وبالمقاطعة الإدارية علي منجلي التي تضم عددا كبيرا من السكان، انتقد مراقبون عدم ترتيب القوائم حسب الأرقام على الطاولات الموجودة بمكاتب الاقتراع
كما التقينا بمراقبين يبحثون عن مكان عملهم بينما لا يحوز آخرون على شارات، وقد تم توفير المعقمات والكمامات بكامل المراكز التي زرناها، ومنها مركز بن عبد المالك بالحي المسمى “تندوف”، أين لم يجد ناخبون أسماءهم وانتظروا إلى غاية معالجة الإشكال و وضعهم في قوائم إضافية.
و لاحظنا خلال جولة بعدد من المراكز في علي منجلي، أن المكاتب المخصصة للرجال عرفت إقبالا كبيرا في الفترة الصباحية، بينما نافس الشباب، الكهول والشيوخ، حيث قال بعضهم في حديث إلينا أنهم يعتبرون المشاركة حقا و واجبا وقد انتخبوا الأشخاص القادرين على إيصال صوتهم وحل مشاكلهم.
تعدد الخيارات والقوائم يستقطب الناخبات
بلدية عين سمارة التي تسجل ضمن قوائمها 26 ألفا و 405 ناخب، موزعين على ستة مراكز، عرفت إقبالا لافتا خلال الصبيحة جعلها تحتل الصدارة ولائيا من حيث نسبة المشاركة التي ارتفعت من 4.32 بالمئة على العاشرة صباحا إلى 10.28 بالمئة في حدود الثانية زوالا، رغم المشاركة الضعيفة للعنصر النسوي، إذ أكد مدير مركز الانتخاب 5 جويلة، الخاص بهن، بأن إقبالهن يزيد في الفترة المسائية عادة.
وسجل أكبر عدد من الناخبين على مستوى مركزي الاقتراع لحمر عمر و إبراهيم بولوداني، أين بلغ عدد المنتخبين بمكتب الاقتراع رقم 1106 وحده، 90 ناخبا من أصل 347 مسجلا، وذلك منذ فتح المكتب إلى غاية الساعة الحادية عشرة، فيما ناهزت نسبة المشاركة الإجمالية بذات المركز 14.72 بالمائة.
وعرفت بقية المراكز بعين سمارة تفاوتا في إقبال المواطنين، مع مشاركة مميزة لعنصر الشباب، وقد أخبرنا بعض من تحدثنا إليهم بمركز الاقتراع رابح ميلاط، بأن فتح باب الترشح أمام الأحرار وتراجع الوجوه الحزبية المكرسة، أعاد ثقتهم في عملية الاقتراع وسمح لهم بتوسيع خياراتهم ودراستها من منطلق الكفاءة، خصوصا مع ترشح الكثير من الإطارات الجامعيين والإعلاميين والأطباء، كما عبرت عنه شابات التقيناهن بمركز أحمد بوسنة.
ورغم الأجواء الهادئة التي طبعت عملية الانتخاب في عين سمارة، إلا أن الموعد عرف تسجيل بعض المشاكل، فالعديد من مراقبي القوائم وبالأخص الأحرار لم يلتحقوا في البداية بالمراكز، بسبب عدم إعلامهم من قبل أحزابهم وقوائمهم، بنتائج القرعة التي أجريت عشية الانتخابات وأعادت ضبط أعداد المراقبين وحددت خارطة انتشارهم عبر المراكز والمكاتب، قبل أن تتدخل لجنة السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات لحل الإشكال.
وتعمد مترشحون توجيه آراء المواطنين من خلال الترويج لأنفسهم لقوائمهم بالقرب من مراكز الاقتراع والتجوال بسيارات تحمل لافتاتهم الانتخابية، ولم يحترم آخرون أماكن التعليق و وضعوا ملصقاتهم فوق ملصقات غيرهم، بالإضافة إلى تعليقها على جدران مراكز الاقتراع.
وببلدية حامة بوزيان التي تقدر الهيئة الناخبة بها بـ 47 ألفا و387 ناخبا، بلغت نسبة التصويت 2.98 بالمئة على الساعة العاشرة صباحا، لترتفع تدريجيا . وبمركز التصويب عميور محمد كان موظفان تابعان للسلطة الوطنية للانتخابات يتكفلان على مستوى المدخل، بتقديم الكمامات للمواطنين ويقيسان درجة الحرارة باستعمال جهاز خاص، مع توفير المعقمات، وقد تحدثنا إلى شاب عمره 23 سنة، قال إنه أتى للتصويت على أحد جيرانه المترشحين لأنه “رأى فيه الشخص الأنسب”.
كما كانت ديدوش مراد من البلديات الشمالية التي شهدت نسب تصويت مرتفعة نسبيا، حيث وصلت إلى 3.37 بالمئة على العاشرة صباحا لتصل إلى 9.02 بالمئة في الثانية زوالا، فعلى مستوى مركز مدرسة الذكور المركزية التي وصلنا إليها على الحادية عشرة والنصف صباحا، كان عدد المصوتين قد فاق 110، حيث وجدنا حركية لبعض الأشخاص الكبار في السن والشباب الذين قال أحدهم إن الانتخاب ثقافة وهو يعبر عن الديمقراطية، حسب تعبيره.
أما ببلدية بني حميدان فكانت نسبة التصويت 3.53 بالمئة على العاشرة صباحا ثم وصلت إلى 9.87 بالمئة في الساعة الثانية زوالا، ففي مركز لحنش رابح لوحده والمخصص للنساء والرجال، بلغت النسبة 8.98 بالمئة عند منتصف النهار حسب ما علمنا من رئيس المركز، الذي توقع أن يكون هناك تزايد أكبر في الإقبال خصوصا أن الفترة النهارية تميزت بارتفاع درجة الحرارة، حيث يفضل العديد من المواطنين وسيما النساء، الخروج للإدلاء بأصواتهم في فترة ما بعد العصر، فيما ذكر شاب التقينا به وهو يهم بالخروج من أحد مكاتب الاقتراع، أنها ليست المرة الأولى التي ينتخب فيها، وقال إنه قرر التصويت على أحد أبناء عمومته.
حملة الحصاد تفرض إقبالا مبكرا بالمناطق الريفية
وتعتبر زيغود يوسف من البلديات التي تحتضن وعاء انتخابيا لا بأس به، يقدر بـ 22 ألفا و 974 مسجلا، وقد بلغ التصويت بها نسبة 3.26 بالمئة قبل أن يصل إلى 9.08 بالمئة في الثانية زوالا، ففي مركز حمودي محمد كان عدد المصوتين الرجال 79، و 42 بالنسبة للنساء وهي الأرقام التي سجلت على الساعة العاشرة صباحا فقط، كما وصلت نسبة التصويت ببلدية مسعود بوجريو إلى 9.19 بالمئة و بابن زياد إلى 10.22 بالمئة على الثانية زوالا، وهي من أعلى النسب التي سجلت بالولاية.
وجرت العملية الانتخابية في بلدية عين عبيد في ظروف عادية، أين توافد الناخبون على مراكز الاقتراع مع أولى لحظات فتحها، ويتعلق الأمر خصوصا بفئة الفلاحين الذين فضلوا الإدلاء بأصواتهم قبل التوجه إلى الحقول والمزارع لمباشرة عملية الحصاد التي انطلقت هذه الأيام، ففي مكتب برج مهيريس كان التوافد بلا انقطاع طوال فترة الصباح، فيما تم تسجيل نفس الاقبال بعد الظهر من طرف النساء. وفي زهانة جرت العملية بصفة جد عادية فيما كان الاقبال مع بداية العملية الانتخابية بأعداد مقبولة، بينما وصلت نسبة التصويت بهذه البلدية إلى غاية الواحدة زوالا، إلى 9.84 بالمئة بعدما كانت 2.93 بالمئة في العاشرة صباحا.
وببلدية ابن باديس جرت العملية في ظروف عادية دون تسجيل حوادث تذكر، وهي الأجواء ذاتها ببلدية أولاد رحمون المجاورة. ق.م