تعيش عدة ولايات حالة طوارئ بسبب ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا وتسجيل حالات اكتظاظ في المستشفيات والمصالح الطبية المخصصة لعلاج المصابين بفيروس كوفيد19 بالإضافة إلى التشبع الكبير في مصالح الإنعاش. إلى جانب إشكالية تزويد المستشفيات بمادة الأوكسجين، حيث تم الإعلان عن تدابير تقييدية وغلق أماكن التنزه كما وجهت تعليمات لتوسيع عمليات التلقيح، حيث وضعت وزارة الصحة هدف بلوغ نسبة 70 بالمائة من عدد المطعمين ضد الفيروس خلال الأشهر القليلة المقبلة.
دقت المصالح الصحية بعدة ولايات ناقوس الخطر عقب الارتفاع المقلق لحالات الإصابة بوباء كورونا خلال العشرة أيام الماضية و تدهور الوضع الوبائي بسبب لامبالاة المواطنين وعدم احترام الإجراءات الوقائية، وباتت المستشفيات تستقبل عددا أكبر من المرضى يقدر بالمئات، إضافة إلى عشرات الحالات التي تفضل التوجه نحو العيادات الخاصة وترفض التنقل إلى المستشفيات إلا عند الضرورة الصحية القصوى.
هذا الارتفاع المسجل في عدد المصابين بالفيروس، دفع السلطات المحلية على مستوى عدة ولايات إلى إعلان طوارئ صحية، واتخاذ تدابير تقييدية لمواجهة تفشي الوباء، و وجه الولاة تعليمات تقضي بإطلاق عمليات تعقيم للأحياء والمناطق الموبوءة، وتسريع عمليات التطعيم ضد الفيروس مع رفع عدد النقاط المخصصة لاستقبال الراغبين في تلقي اللقاح، والتنقل عبر قوافل طبية نحو المناطق المعزولة والمداشر.
ويمكن للولاة، بعد موافقة السلطات الـمختصة، اتخاذ كل التدابير التي يقتضيها الوضع الصحي لكل ولاية، لاسيما إقرار أو تعديل أو ضبط مواقيت حجر جزئي أو كلي يستهدف بلدية، أو مكانًا، أو حيا أو أكثر، تشهد بؤرًا للعدوى.
وتم لأول مرة منذ بداية الموجة الثالثة غلق مساجد وأسواق تجارية وفضاءات للترفيه، على غرار ما قامت به سلطات ولاية العاصمة التي قررت غلق منتزه «الصابلات» لـ15 يوما ابتداء من اليوم الأحد, بعد ملاحظة تجمعات للزوار «أصبحت تشكل بؤرا لانتشار الوباء فضلا عن «عدم احترامهم للبروتوكول الصحي»، حسب ما أفاد به، أمس السبت، بيان لمصالح ولاية الجزائر.
وأشار البيان إلى أن هذا القرار راجع إلى التوافد الكبير للزوار على منتزه «الصابلات» خلال أيام الأسبوع, خاصة مع فصل الصيف, ضف إلى ذلك «عدم الاحترام و التقيد بالإجراءات الوقائية المنصوص عليها في البروتوكول الصحي من ارتداء الكمامات و احترام التباعد الجسدي», أين «لوحظ كذلك تجمع الزوار على شكل مجموعات, مما أصبح يشكل بؤرا لانتشار هذا الوباء».
كما عمدت السلطات الولائية لبجاية إلى غلق أكبر سوق على مستوى الولاية بسبب عدم احترام التباعد، ومنعت الصلاة في مسجد النور بعد تسجيل إصابات بالفيروس، و بولاية تيزي وزو أعلنت عدة بلديات حالة الطوارئ الصحية وأقرت تدابير الحجر الصحي، ومنعت إقامة التجمعات والأعراس، وكل المظاهر الاحتفالية الأخرى وكذا غلق كافة الصالات الرياضية والترفيهية، بالإضافة إلى غلق السوق الأسبوعي والمواشي لمدة 15 يوما، داعية المواطنين لضرورة الإلتزام بالقرارات الموضوعة من أجل تفادي انتشار الفيروس، كما دعت لجان الأحياء إلى تشكيل خلايا يقظة لمتابعة تطورات الوضع الصحي.
المستشفيات لا تقبل سوى الحالات الحرجة
وأبلغت المصالح الطبية بعدة ولايات عدم قدرتها على استيعاب مزيد من المرضى، حيث أكد مدير مستشفى محمد بوضياف بولاية البويرة، بأن المستشفى المزود حاليا بـ 150 سريرا خاصا بالتكفل بالمرضى المصابين بوباء كوفيد- 19، «لا يتم قبول سوى الحالات الحرجة فقط».
وبولاية تلمسان ارتفع عدد الإصابات بوباء «كوفيد 19 « في الأيام الأخيرة بشكل مخيف، في ظل عدم قدرة الهياكل الصحية على استيعاب الأعداد الوافدة إليها ما ينذر بكارثة صحية. ولم يعد المركز الاستشفائي الجامعي لتلمسان قادرا على استقبال المرضى مع نقص مادة الأوكسجين. وهو الوضع الذي حرك نشطاء الحركة الجمعوية ومجموعة من الأطباء ودفعهم لدق ناقوس الخطر وتنظيم حملات توعية وسط المواطنين لتحسيسهم بخطورة الوضع.
وفي ولاية الشلف اعترفت إدارة مستشفى الشطية بخطورة الوضع الصحي من العجز عن التكفل بالعدد الكبير للمصابين بكورونا بسبب إصابة العديد من الأطباء والممرضين بهذا الوباء. ووجهت إدارة مستشفى الشطية نداء إلى المتقاعدين في قطاع الصحة وخريجي المدارس الخاصة للشبه الطبي من أجل الالتحاق بمصلحة كوفيد لتقديم المساعدة في إطار التطوع الإنساني، للحيلولة دون انهيار المنظومة الصحية بفعل الانتشار الكبير للعدوى، نتيجة عدم الالتزام بالبروتوكول الصحي والتهاون في ارتداء الكمامة والتباعد الجسدي من طرف العديد من المواطنين.
وبولاية وهران يجابه إطارات قطاع الصحة والعاملون فيه وحدهم الوباء، في الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات الأطباء والمواطنين مطالبة بفرض إجراءات صارمة للحد من انتشار الوباء، في ظل التساهل الملحوظ في تطبيق الإجراءات الوقائية.
خلايا يقظة لمتابعة توزيع الأوكسجين
وأمام تردي الوضع الصحي في عديد الولايات، وجدت المصالح الطبية نفسها مجبرة على التعامل مع الشائعات التي تتحدث عن ندرة في مادة الأوكسجين وتسجيل وفيات بالعشرات على غرار ما وقع بولاية سطيف ليلة السبت إلى الأحد، حيث تداولت عديد الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي معلومات تتحدث عن وفيات بسبب نقص في مادة الأوكسجين، وهي الشائعات التي نفاها المدير العام للمستشفى الجامعي عبد النور سعادنة بسطيف، نور الدين عطوي، الذي أكد عدم تسجيل انقطاع في التزود بمادة الأوكسجين، وقال انه حصل تذبذب ما أدى إلى انخفاض نسبة الضغط، مضيفا انه «لا يمكن توقع أن مستشفى يبقى دون هذه المادة».
ولمواجهة إشكالية التزود بالاوكسجين، سارعت وزارة الصحة، إلى تشكيل خلية أزمة لمتابعة مدى توفر مادة الأوكسجين، تخوفاً من تطورات غير مسبوقة للأزمة الوبائية خلال الفترة المقبلة، بعد تسجيل ارتفاع غير مسبوق في عدد الإصابات. وأقرّ الوزير بن بوزيد، خلال اجتماعه الأسبوع الفارط مع كوادر وزارة الصحة، بأنّ الجزائر قد تواجه أزمة الأوكسجين في حال تصاعدت الأزمة الوبائية، وقال: «إنتاج الأوكسجين كان كافياً في السابق، قبل تفشي جائحة كورونا، ولكن الإنتاج حالياً بعد أزمة الوباء لم يعد كافياً»، وأكّد أنه سيتم «استحداث خلية أوكسجين، لمراقبة إنتاج وتوزيع واستهلاك هذه المادة، وفق قاعدة بيانات».
وأعلنت خلية متابعة الوضعية الوبائية لفيروس كورونا بالأغواط، عن وضع أرضية رقمية تحت تصرف إدارات المستشفيات من أجل توزيع الأوكسجين المميع حسب احتياج كل مؤسسة، وحسب مدير القطاع عبد العزيز حروز، فإن وضع هذه الأرضية يهدف إلى ضمان عدم الوصول إلى مرحلة الخطر في تواجد الأوكسجين على مستوى المؤسسات الاستشفائية خاصة تلك التي تحتوي على مصالح العزل الطبي عبر تراب الولاية حيث سيتمكن مديرو المستشفيات من تحديد التواريخ المحتمل أن ينتهي فيها مخزون الأوكسجين حتى يتم تعبئته قبلها.
تكثيف حملات التلقيح
عبر الولايات
بالموازاة مع الإجراءات الوقائية التي تم اتخاذها على مستوى بعض الولايات، تقرر تكثيف عمليات التلقيح للوصول إلى تلقيح 70 بالمائة من المواطنين قبل نهاية العام الجاري، وتم توجيه تعليمات لزيادة عدد أماكن التلقيح على مستوى الولايات، حيث أطلقت وزارة الصحة، حملة تلقيح نموذجية واسعة ضد وباء كوفيد- 19 عبر عدة أحياء شعبية بولاية الجزائر ، تحت شعار «التلقيح حماية للجميع».
و حسب القائمين على هذه الحملة التي تشرف عليها مديرية الصحة لولاية الجزائر و بمساعدة الأطقم الطبية وإطارات و أعوان الحماية المدنية فإن هذه الحملة يراد لها أن تكون عملية نموذجية تنظم داخل الأحياء الأكثر شعبية المتواجدة عبر إقليم الولاية في انتظار تعميمها على باقي ولايات الوطن .
وبولاية بومرداس، وفي إطار التدابير المقررة لمواجهة التطورات التي تعرفها الوضعية الصحية ولاسيما توسيع عملية التلقيح عبر كل تراب الولاية وخاصة على مستوى المناطق النائية والمعزولة ومناطق الظل سطرت مديرية الصحة والسكان لولاية بومرداس برنامجا يمتد على مدار 5 أيام وهذا بتنظيم قوافل طبية تجوب 28 بلدية تمس 36 نقطة.
ع سمير